أمضى آلاف الأمريكيين ليلة السابع من الشهر الجاري في الشوارع، يحتفلون بفوز جو بايدن بالرئاسة. هل بقي لدى دونالد ترامب أرنب يمكن أن ينطّ من الجعبة ويُخسر الميزان؟ وأنا التي كنت أظن أن مسيرات الفرح والهتافات وإطلاق العيارات النارية ابتهاجاً هي ظاهرة عالمثالثية.
وأن الأولاد الذين يمدّون نصف أجسامهم من شبابيك السيارات وهم يلوحون بالأعلام والصور، هو مشهد يمكن أن نراه في بيروت أو تونس أو بغداد أو نواكشوط فحسب. لكن مواطني بلاد العم سام فعلوها هذه المرة. تدهشني أيضاً تغطيات الصحافة العالمية للحدث. ففي السابق كنا نطلق على بعض المجلات تسمية «الصحافة الصفراء»، أو «المطبوعات الشعبية»، أو «صحف التابلويد» لأنها تهتم بالشائعات والحياة الشخصية للمشاهير ونشر الصور المختلسة لغرامياتهم. لكن فضول القراء وتنامي «ثقافة البصبصة» أوقع أكثر الصحف رصانة في فخ الفضائح وملاحقة ما وراء الجدران من أسرار.
كانت صحيفة «لوموند» الباريسية تمتنع عن نشر الصور لكنها تراجعت عن ذلك الموقف التاريخي. وكانت مجلات سياسية محددة ترفض نشر الإعلانات لكي تحافظ على استقلالها في مقالات الرأي ولكي لا تخضع لضغوط المعلنين والشركات الكبرى. لكن أصحاب رؤوس الأموال اشتروا معظم أسهم تلك المجلات. لم يكن كافياً الاهتمام بسيرة الأستاذة الجامعية جيل بايدن، زوجة الرئيس الجديد، بل تلفت نظري المساحات المخصصة للحديث عن حفيدته. ونحن لم نستوعب، بعد، كافة تفاصيل الرجل الذي سينتقل للإقامة في البيت الأبيض لكن صار علينا أن نحفظ ملامح الحفيدة وأن نفهم شطحاتها وأسماء شقيقتيها وصديقاتها وأصدقائها. اسم المحروسة ناومي، أي نعومي، وهي البنت البكر لهانتر، النجل الثاني لبايدن الذي سمعنا الإعلامي عمرو أديب يسميه «أبو عنتر». وهو ابنه من زوجته الأولى. ونقرأ أن الحفيدة شديدة القرب من جدها الرئيس، وتبلغ من العمر 26 عاماً. وهو قد اختار لها الاسم نفسه الذي كانت تحمله طفلته التي قضت في حادث سيارة. ولمزيد من المعلومات فإنها تدرس القانون في جامعة كولومبيا وقد ارتفع عدد متابعيها على «إنستغرام» من 92 ألف متابع إلى 100 ألف بعد انتخاب جدها.
كل ما سبق هذر مذر. أي أنه كلام مرصوص دبجته الصحف «التي لم تعد صفراء» بهدف الوصول إلى الهدف. والهدف هو نشر الصورة. صورة نعومي وهي ترتدي ثوب سباحة أبيض اللون من قطعتين. وغداً، أي في العام المقبل، حين يدخل الرئيس المنتخب إلى المقر الرئاسي فإن «البابارازي» سينصبون عدساتهم المقربة على الحفيدة الجميلة. وهي بورصة تدور فيها ملايين الدولارات، مهددة بالكساد بعد خروج ميلانيا وإيفانكا، زوجة ترامب وابنته، من الحلبة. لابد من تعويض المرأتين الجميلتين والمثيرتين بما يشبع فضول القراء. وورقة اليانصيب الرابحة الجديدة هي الحفيدة الأمريكية.