15 ديسمبر 2020

إنعام كجه جي تكتب: حاسوبي يحتاج تهذيباً

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: حاسوبي يحتاج تهذيباً

يسميه العلماء «الذكاء الاصطناعي». وهو ليس بدعة من بدع القرن الحادي والعشرين بل ظهرت تباشيره من قبل ذلك وطرحت ثماراً تتمتع بها أجيالنا الحالية. وهم حين يصفونه بالاصطناعي فإن هذا يعني أنه مصنوع وليس طبيعياً. أي أنه وليد المعامل والورشات ومراكز الأبحاث وتقنيات «النانو» المتناهية الصغر وغيرها من العلوم الحديثة. لكنه يبقى من نتاج العقل الطبيعي، أي العقل الذي وضعه الخالق في رؤوس البشر. لم ينزل الإنسان الآلي من الكواكب البعيدة ويسير بيننا من تلقاء ذاته. إن «الروبوت» صناعة بشرية.

أبحث عن تعريف الذكاء الاصطناعي في «جوجل» وأجد أنه خصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية. لكن محرك البحث يعترف بأن هذا المصطلح ما زال قيد الجدل، نظراً لعدم توفر تعريف محدد للذكاء. يبدو أن الذكاء الصناعي بات يهدد بالانفلات. إنه مثل المارد الذي خرج من القمقم وما عاد يمكن لجمه أو السيطرة عليه.

لذلك دعت منظمة «اليونسكو» إلى اجتماع في باريس لوضع إطار لذلك الذكاء الصناعي بحيث يصبّ في منفعة البشرية. وجيء بأبرز المفكرين والخبراء العالميين في هذا الميدان لكي يصيغوا وثيقة عالمية أخلاقية تضبط ذلك الذكاء. هل للآلة الصماء أخلاق تلتزم بها في برامجها التي ينتجها شباب متفوقون موزعون ما بين أمريكا والهند وإسرائيل؟

يدرس الخبراء، أيضاً،  دور «كورونا» في تفاقم خطر استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة منافية للأخلاق. وهم يرون أن الدول النامية أكثر عرضة للخطر. ويمكن للوالدين المتعلمين، مثلاً، أن يراقبا نشاط أبنائهما الصغار على الشاشة. لكن هل تستطيع والدة إفريقية لا تقرأ ولا تكتب أن تعرف خطر الشاشة على أبنائها المراهقين؟ هل يتركز خوفنا من المواقع الإباحية أم من الفخاخ التي ينصبها الإرهابيون للإيقاع بالشبيبة؟

أتابع الموضوع وتعتريني الخشية من حاسوبي. أشعر أن عليّ واجب تهذيبه مثلما تهذّب الأم أولادها وبناتها. مع هذا لا أضمن طاعته.