02 فبراير 2021

إنعام كجه جي تكتب: جنسية الإمارات

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: جنسية الإمارات

هذا خبر لم يمرّ مرور الكرام على العرب. كانت أصداؤه واسعة، تناقلته الوكالات وتبادلته هواتف العائلات العربية من مشرق الأمة إلى مغربها. فأن تتيح دولة مثل الإمارات العربية جنسيتها للعلماء والمتفوقين والمخترعين والمبرزين في الحقل الثقافي هو خبر غير عادي. والكل يعرف المزايا المتاحة للمواطن الإماراتي. مثلما يعرف أن جواز سفر هذه الدولة هو من بين الأقوى في العالم.

أتخيل أن الأحلام تماوجت رؤوس ملايين العرب ممن ينتمون إلى دول مزقتها الحروب. أساتذة جامعات ومخترعون وأبطال رياضة ومفكرون أفذاذ لا تسمح لهم جوازات بلدانهم بالخروج من عتبة الدار. وهناك آلاف مؤلفة عرفت طريق الهجرة واللجوء، تقيم في دول لا تفقه لغاتها، وتتلقى إعانات لا تقي من الذل، وترى أبناءها وبناتها يكبرون في محيط ثقافي غريب أو هجين، والأفدح من كل هذا أن الطاقة على العطاء تتعطل في البلد الغريب.

هل سيكون في وسع الإمارات أن تلملم شتات الجسد العربي المبدع والذكي والقادر على الإنجاز والمنافسة؟ 
هل تعيد الروح لطاقات لم تتوفر لها الفرصة لأن تزهر في تربتها الأم؟ إن القرار كبير والحلم أكبر. ولابد أن الطلبات ستنهال من كل بقاع الأرض، وأن التزاحم سيكون شديداً. عرب كثيرون يريدون الانتماء لدولة عربية تجتهد لتحقيق السعادة لمواطنيها.

هرع بعضهم يسأل عن «المكاسب» والامتيازات المالية. وينسى هذا البعض أنها ليست قضية فلوس، وإن الخليجي لا يملك بئر نفط في حديقة داره. فالمرء لن يدخل نادياً للقمار بل سيبحث عن قيمة نادرة في عالم اليوم اسمها الطمأنينة. أي الأمان. أي عيشة مستقرة هادئة توفر لك كل الشروط المناسبة لكي تنجز وتعطي، وبعد ذلك أن تأخذ استحقاقك.

يمضي بي الحلم فأرى عصارة العقل العربي وقد صبت في هذه الدولة. ستكون لديها مختبرات متطورة ومراكز أبحاث وشركات سينمائية ودور نشر ذات مستوى عالمي ومكاتب هندسية راقية تحمل أسماء مصممين من العرب. كم زها حديد لدينا تحتاج لمن يعطيها فرصة التألق؟ وكم مجدي يعقوب، وكم أمين معلوف، وكم أحمد زويل، وكم نور الدين مكليشي العالم الجزائري عضو مجلس المستشارين في الوكالة الأمريكية للفضاء؟ عقول لامعة تنتظر من يؤمن بها ويمنحها حظها في إغناء البشرية.

جنسية الإمارات ليست ورقة يانصيب. إنها النصيب الذي قد يغيّر مصائر كثيرين.