كل شيء وعكسه قد قيل ولا يزال يقال حول كورونا:
يرى بعضهم أن الإجراءات مبالغ بها، ويرى بعضهم الآخر أنها ليست كافية.
يرى بعضهم أن اللقاح قد اعتمد على وجه السرعة وهذا خطر، ويرى بعضهم الآخر أنه تأخر حتى يُكتشف ويُعتمد.
يرى بعضهم أنه ينبغي السماح ببعض الأدوية التي تعالج كورونا ويرى بعضهم الآخر أنه يجب منعها...
وأنا في زاويتي، لم أعد أعرف أين الحقيقة... ولست أملك كرة كريستال لتوقعها، ولو كنت أملكها لكانت انطفأت بعد كل هذا وأَضربت بدورها عن رؤية المستقبل أو ربما أصيبت بالنضوب والإرهاق العصبي لأن المسائل تتغير بطريقة لم تعد تستطيع اللحاق بها.
في المقابل، وكما كل الناس، يجب أن نحتمل نتائج كورونا والخوف من كورونا والإجراءات ضد كورونا وتحولات كورونا وطفراتها غير المحسوبة. وهو أمر يبدأ بمشاعر القلق من العدوى وضغوط الحجر والكمامة الإلزامية واللقاح متى توافر والعمل من بعد وصولاً إلى إقفال المدارس والجامعات والمطاعم ودور السينما والمسارح.
بيد أن إجراءات التباعد الاجتماعي والكمامات التي لم تكفِ لوقف انتشار فيروس كورونا قد أوقفت الإنفلونزا عند حدها وكذلك الالتهابات الرئوية والمعوية ما جعل الأطباء مشدوهين أمام فصل شتاء لم يشهدوا له مثيلاً في العالم، خالٍ من الأمراض الاعتيادية التي ترافقه.
والسؤال كيف استطاعت إجراءات الحماية من كورونا أن تحمينا من الأمراض الأخرى، ولم تستطع أن تحمينا من كورونا، علمًا أن الإنفلونزا ليست أقل عدوى بكثير من كورونا؟ كيف أمكن هذا؟ أما الالتهابات المعوية فالسبب مفهوم لقلة ما تناولنا الطعام في المطاعم.
هل يكون سبب استدامة كورونا في عدم الالتزام لدى الكثيرين أو لدى البعض؟ ما أستطيع قوله هو إني لا ألتقي شخصاً إلا وأراه ملتزمًا وممتنعاً عن التقارب والمصافحة والتقبيل في عملية انضباطية قلّ مثيلها. فهل هذا الانضباط محصور فقط بمن أراهم، وهم قلائل، في حين أن الجميع منفلت من عقاله؟
صحيح أن التفكير بكورونا يجعل أفكارك غريبة عجيبة... قلقي أن يبدأ تأثيره بالظهور على عقولنا، فما من أحد حتى الآن قد تطرق بجدية إلى آثاره النفسية وما سيحدثه من تغييرات في طرائق تفكيرنا وتعاطينا مع الأمور ومع الآخرين. فهل الآتي أعظم؟
اقرأ أيضًا: 5 طرق تُخلصك من الآثار النفسية السيئة لأزمة كورونا