21 مارس 2021

د. باسمة يونس تكتب: لماذا منعوهم؟

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية

د. باسمة يونس تكتب: لماذا منعوهم؟

ليست الأدوية والعقاقير التي تؤثر في الناس وتصيبهم بالإدمان أو مشكلات صحية خطيرة أشد خطورة على الإنسان من المأكولات التي يؤدي تناولها إلى دمار صحي كبير ومخاطر على جسد الإنسان، لكن الأفكار المضللة والهدامة والتي توجد في الكتب قد تتسبب في قتل عدد أكبر من الناس كونها تؤذي مجتمعات بأكملها.

وتكمن مخاطر الأدوية في تدميرها خلايا الجسد أو تعويده على الإدمان والمأكولات غير الصحية تجر عليه أمراضاً كثيرة، لكن الكتب المضللة سياسياً أو دينياً وكتب الجرائم الدموية أشد منها ضرراً لأنها أكثر تأثيراً وخصوصاً في عقول المراهقين.

ومنعت عبر التاريخ كتب وروايات من هذا النوع مثل رواية «المريض النفسي الأمريكي» الصادرة في 1991 لمؤلفها «بريت آيستون ىليس» والتي تروي حكاية مصرفي ناجح بعمله لكنه ورغم كونه من عائلة ثرية ميسورة الحال سفاح في الخفاء، يعذب ويقتل المشردين ومن يختارهم من زملائه في العمل، وتحفل بالجرائم وتفيض منها الدماء النازفة بوحشية.

كما منعت رواية «مزرعة الحيوانات» الأكثر إثارة للجدل عبر التاريخ، بسبب محاربتها للأنظمة الديكتاتورية بقصة عن مجموعة من الحيوانات يعيشون حياة شديدة القسوة والمعاناة في مزرعة «جونز». وتقرر تلك الحيوانات الثورة على صاحب المزرعة ومن معه وتطردهم خارجها ليتولى الحكم خنزيران يبشران بقية الحيوانات بحكم جديد يتساوى فيه الحيوانات جميعاً في الحقوق والواجبات. ولكن إثر قيام أحد الخنازير بطرد الآخر تكتشف الحيوانات وقوعها ضحية حكم أسوأ مما كان عليه الوضع في أيام جونز.

ومنعت رواية الدكتور «زيفاجو» لبوريس باسترناك لأن قصة الطبيب الشاب «زيفاجو» المتزوج من ابنة عمه تونيا وعودة ظهور لارا غوبشار، حبيبته من الماضي، للظهور في حياته من جديد تنتقد الحياة في روسيا قبل وبعد الثورة. ولم تكتف الحكومة الروسية بمنع الرواية بل منعت الروائي من تسلم جائزة نوبل والتي منحت له في 1958.

ورغم أن أكثر الكتب الممنوعة سياسياً أو دينياً تتضمن موضوعات تخالف قوانين الإنسانية والبشر وتم اعتبارها شديدة الخطورة وأشد فتكاً بالعقل من سموم العقاقير، تبدو مجموعة من الكتب أشد منها خطورة بكثير مثل كتاب تسبب في موت خمسة ملايين إنسان منذ نشره في عام 1487. وتم تصنيف كتاب «مطرقة الساحرات» للكاتب الألماني دينيا هينرش كريمر، ككتاب شيطاني بسبب موضوعه الذي تطرق فيه الكاتب إلى السحر ووصف أشكال السحرة الجسدية والنفسية وركز على النساء بشكل خاص مما دفع الكنيسة لإطلاق حملة تفتيش واسعة وإلقاء القبض على جميع الرجال والنساء الذين يمتلكون تلك الصفات بدون محاولة التثبت من حقيقة الأمر. وأحرقوا جميعاً بلا رحمة في ميدان عام وأمام الناس لمجرد تطابق أوصافهم مع الوصف المتخيل الذي رسمه دينياً هينرش في كتابه.

أما الكتاب الثاني الممنوع لخطورته، فهو كتاب (رعاية الأطفال الرضع) للكاتب بنجامين سبوك، والذي أصدره الطبيب سبوك في عام 1946 وانتشر بصورة واسعة وحقق شهرة كبيرة عند صدوره لدرجة أنه بيعت منه 50 مليون نسخة. وكان من ضمن موضوعات الكتاب نصيحة للأمهات بتنويم الطفل على بطنه أثناء النوم لتجنيبه ضيق النفس مما أدى إلى قتل أكثر من 60 ألف طفل بسبب هذه النصيحة الخاطئة!