يرى المراهقون من محبي اللون الأسود أن اختيارهم يضايق أمهاتهم، فملابسهم السود تخلق حالة من الجدل والنقاش الحاد بينهم وبين والديهم، فهم لا يرون ما يستدعي القلق أو الضيق، وأن اختيار لون أو ذوق معين من الملابس أو الحلي أو حتى مساحيق التجميل يندرج تحت مفهوم الحرية الشخصية، ولكنهم لم ينكروا الأسباب التي تجعلهم يشعرون بالراحة في ارتداء لون يعبر عادة عن الحزن والعزلة والاكتئاب. فقد أشاروا في حديثهم خلال التحقيق، إلى عوامل عديدة تربط مرحلة المراهقة بالألوان الداكنة، فهم يفضلون البقاء في هذه المساحة الموحدة والآمنة من حياتهم، كما أنهم مكتفون بذاتهم في كل شيء، لأنهم يريدون السيطرة على الوضع من حولهم، وقد يؤدي اختيار اللون الأسود إلى تكوين شخصية متمردة ترفض أن يفرض عليها شيء حتى لو كان ذلك عرفاً أو عادة. ومن يرتدي اللون الأسود لا يريد أن يخضع لسيطرة القيم والمعتقدات السائدة في المجتمع، لذا، نرى أن الكثير من الثائرين والمتمردين يرتدون اللون الأسود على الدوام، وهذا يعود إلى حبهم للاستقلال. ولقد أشار الشباب إلى أن أبرز ما يقلق أولياء أمورهم هو اعتقادهم أن الشخص الذي يفضل اللون الأسود انطوائي، وأنه لا يحب الاختلاط كثيراً بالناس، كما أنه لا يحب التجمعات الكبيرة، فهي تزعجه ولا تجعله يشعر بالراحة، بل يجد سعادته وراحته مع نفسه ومع من هم يشبهونه.
«الجميع يتعامل معي كشخصية غامضة و عنيدة»
ترى خلود الحضري أن اللون الأسود يخيف من يحاول التدخل في شؤونها، «منذ اليوم الذي قررت فيه ارتداء ملابس سود والجميع يتعامل معي كشخصية غامضة و عنيدة، خاصة أنني أضع طلاء أسود على أظفاري وكذلك مساحيق تجميل العين، ولقد صار هذا الأمر يؤثر في تعامل الناس معي، فمنهم من يخشى الحديث معي، وهذه الحالة تسعدني وترضي غروري، فأنا لا أحب كثرة التعارف و لا أحب أن يتدخل أحد في شؤوني، وحالة الغموض التي تبدو علي بارتداء الملابس التي يراها الناس غريبة، ترضيني إلى حد كبير».
«يبرز الأسود قصة شعري ولونه»
من جهتها، تفضل بيترا السويدي ارتداء اللون الأسود لأنه يبرز تفاصيل وجمال قصة شعرها ولونه، «أشعر بانسجام بين «ستايلي» بشكل عام٫ فاللون الأسود يبرز لون شعري الزهري، ويجعلني أبدو مختلفة عن غيري، وقد يراني الناس متميزة، بل ويشعرون بأنني غامضة أو مغرورة، ولكن هذا الانطباع يختفي على الفور بمجرد اقترابهم مني و الحديث معي، ويقتنعون أنني أحب ارتداء ألوان تناسب شخصيتي، وتعطيني حالة من التفرد».
«أشعر بالقوة والسلطة»
تشعر جودي الأنصاري أن اللون الأسود له دلالات ومميزات كثيرة، «في البداية أرى أن توحيد اللون الأسود يقلل من عناء التفكير في القطع التي يمكن تنسيقها، فهو مناسب للألوان كافة، ولكن عندما اعتدت على ارتداء الملابس السوداء أصبحت أشعر بالقوة والسلطة، فهو يفرض احترام الآخرين لي خاصة من هم أكبر مني في العمر، لاسيما أنه يشير إلى المظهر الرسمي، والمعروف عنه بأنه لون الأناقة، وارتداؤه يشير إلى انتهاء مرحلة الطفولة والألوان الزاهية، المزركشة، وبداية مرحلة تحديد الشخصية حتى وإن بدت للآخرين شخصية غامضة أو متسلطة».
«استقلالية وتمرد على المألوف»
تقول لامار محمد «اللون الأسود في حد ذاته له طابع مميز، ولا يتأثر بالألوان الأخرى ولكنه قد يؤثر فيها، وأنا أشعر بأنني وجدت شخصيتي بارتدائي للملابس السوداء، لاسيما أنني أشعر بالاستقلالية وأفرض احترامي على الآخرين إذا بدوت لهم شخصية غامضة لا تتبع من حولها، وأحمد الله أن والدتي لا تدخل في اختياراتي ولا تشعر بالقلق عند ارتدائي للون الأسود، فهي ترى أنني شخصية سوية حتى في تمردي.
وترى أن ذلك أمراً طبيعياً كي أتخلص من مرحلة الطفولة من دون تدخل في سلوكي، فمرحلة المراهقة ترافقها مشاعر متقلبة هي التي تفرض علينا هذا التمرد ورفض كل ما هو اعتيادي وتقليدي».
«اللون الأسود يجمع بين الهيبة والمظهر اللائق والأناقة»
أما بالنسبة لعلي شكري، فاللون الأسود يرتبط لديه بالفخامة والأناقة، ويجذب إليه نظرات الإعجاب التي تزيد من ثقته بنفسه، «أرى أن من يرتدون اللون الأسود باستمرار أويستخدمونه في أشيائهم كالسيارة والهاتف يحظون بمكانة عالية في المجتمع، بل يشعرون بهيبة بين الناس، وهذه الصفات هي ما يبحث عنها المراهق والشاب، فكيف سيلفت الانتباه بملابس متعددة الألوان؟ فتوحيد اللون عادة يكون جاذباً، خاصاً اللون الأسود الذي يجمع بين الهيبة والمظهر اللائق والأناقة، ولا يسبب أي مشكلة مع والدتي لأنني لا ارتديه إلا في المناسبات الخاصة واللقاءات الرسمية».
ماذا يقول اللون الأسود عن الشخص الذي يرتديه؟
ترى الدكتورة رشا الجندي أن علم النفس لم يؤكد تأثير لون دون الآخر على شخصية الإنسان، باستثناء أولئك الذين لديهم طبيعة تتأثر بمن حولهم، «قد ينعكس اللون الأسود على الشاب القابل للتأثر، وذلك حسب الظروف والأجواء التي ارتدى خلالها هذا اللون، بمعنى إذا ارتبط اللون الأسود بالنسبة إليه بأجواء العزاء والحداد فسوف يرتديه عندما يشعر بالحزن والكآبة، أما إذا أعجبه خلال حضور عرض أزياء أو بناء على صيحة موضة لعلامة كبرى فإنه يشعر حينها أنه عصري وجريء ولافت للانتباه. كذلك، يمكن أن يربط الشاب، أو الفتاة، اللون الأسود بصفات القوة والتمرد لدى بعض الشخصيات التي يشاهدها في الأفلام أو على مواقع التواصل الاجتماعي. وعموما يختلف التأثر بالمحيط وانعكاسه على أي شخص بمقدار قوة شخصيته وعمره وقدرته على التفرد والاستقلالية عن الآخرين».