بعد مرور أكثر من عام على أزمة «كورونا» وبعد أن زاد الوعي المجتمعي في التصدي للجائحة، قلّ الخوف والقلق عند البعض من فكرة التجمعات العائلية خشية انتشار الفيروس، ليهل علينا الشهر الفضيل هذا العام مصحوباً براحة وسكينة حتى ولو بشكل جزئي بعد أن أصبح الأخذ بالتدابير الاحترازية للوقاية من العدوى منهاج حياة، وبما يضمن للجميع التواصل المشروط ودون قلق وخوف من بعضهم البعض.
ولما كان رمضان مقصداً لإحياء بعض الطقوس مثل التجمعات العائلية، استطلعنا الآراء حول كيفية التعامل مع هذه العادة التي تكثر في شهر رمضان، والآلية والقواعد التي يعتمدها البعض في تلك الحالة لحماية أفراد الأسرة.
أؤكد أهمية التجمعات العائلية ولكن بشروط منها: أن تقوم العائلة بتوخي الحيطة والحذر وعدم مخالطة الأهل والأصدقاء المصابين أو الذين لديهم عرض أو حتى نزلات الإنفلونزا
د. محمد بيومي، أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة الشارقة، يوضح «استطاع الوباء أن يصبغ تفاصيل حياتنا اليومية بلونه الخاص، واضطر الناس في جميع دول العالم بأن يقوموا بالعديد من التغييرات في حياتهم، بعضها كان إلزامياً بقوانين صارمة أصدرتها الدول، والآخر كان نوعاً من الحرص الشخصي الإضافي لتجنب الإصابة بالفيروس، وهنا نتساءل، هل سيستطيع الناس عدم تنظيم العزائم والتجمعات العائلية في شهر رمضان المبارك، ومد جسور التواصل الاجتماعي مع الأهل والأصدقاء؟
بالطبع لا، وعليه أنصح بإجرائها ولكن بشرط، ألا يكون بين أفراد العائلة شخص مخالط أو مصاب أو حتى من تظهر عليه أعراض البرد المعتادة لتجنب الإصابة، فأنا لست مع قطع جسور التواصل الاجتماعي مع العائلة طالما لا توجد إصابات أو أعراض بين أفرادها، أما الانعزال والابتعاد خوفاً من الإصابة يسبب للفرد قدراً من القلق والتوتر المستمر ويتنامى لديه معدل الخوف من الإصابة، وترتفع عنده حالة التوتر مما يترتب عليها نقص في مناعة الجسم ويصبح عرضة للإصابة بسبب الهلع والخوف».
ويكمل «أؤكد أهمية التواصل الاجتماعي والتجمعات العائلية ولكن بشروط منها: أن تقوم العائلة بتوخي الحيطة والحذر وعدم مخالطة الأهل والأصدقاء المصابين أو الذين لديهم عرض أو حتى نزلات الإنفلونزا، وعلى العائلة تحضير الطعام بحرص شديد وعدم الاعتماد على الوجبات الجاهزة، والحرص على تناول الأطعمة المقوية لجهاز المناعة، كما يجب الامتناع عن العادات المصاحبة التي تحرص عليها بعض العائلات مثل، التجمع لتناول وجبة الإفطار أو السحور في أحد المطاعم سعياً وراء الأجواء الرمضانية التي تقدمها هذه الأماكن، فالوضع الحالي يختلف عن سابقه ويجب التعامل بحذر في مثل هذه الأوقات الاستثنائية».
إذا كانت الفترة الماضية مليئة بالهجر فليكن رمضان هذا العام فرصة للتواصل العائلي المشروط
الدكتورة تهامة بيرقدار، سفيرة النوايا الحسنة بالأمم المتحدة ومستشارة الإتيكيت والبروتوكول الدولي، تقول «مر رمضان الماضي في ظروف صعبة على الجميع كنا ندعو فيها الناس لتقبل فكرة القيود على تجمعاتهم حتى مع أقرب الأقربين من باب درء المفاسد وانتشار الوباء، ليأتي الشهر الفضيل هذا العام وقد تغيرت نصائحنا تماماً، إذ انتقلنا من فترة تثبيت قواعد التعاملات اليومية بالشكل السليم إلى التعايش معها وأصبح من الضروري تحفيز الجميع للاستمرارية والحفاظ على المكتسبات التي جنيناها من وراء الوعي المجتمعي، الذي لعب دوراً كبيراً في توقف الزحف الفيروسي، وإذا كانت الفترة الماضية مليئة بالهجر فليكن رمضان هذا العام فرصة للتواصل العائلي المشروط، والذي يعد شبه علاج للتخفيف من عبء الضغوطات النفسية التي يعاني منها البعض بسبب الشعور بالوحدة والانعزال».
وتكمل «لم تدخر الدولة جهداً في التصدي للوباء بطرق عدة آخرها توفير اللقاح للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وهو ما أدى إلى تسهيل الأمر على كثير من الناس، فقلّ الخوف من التواجد بالقرب من كبار السن خشية العدوى، وأصبحت التجمعات العائلية أكثر أماناً عن ذي قبل، ولكن لا يعني ذلك أن نتخلى عن الإجراءات المتبعة والتي أصبحت سلوكاً عادياً نمارسه دون أن نشعر، ومنها: