فاطمة الملا..أول إماراتية تطور لقاحًا من بلازميد الحامض الوراثي
أغرمت بمجال العلوم الوراثية والجينات وترعرعت في ظل أسرة تولي اهتماماً كبيراً للعلم لتحوز المراتب الأولى في التعليم الثانوي على مستوى إمارة أم القيوين، وتنال الطالبة المثابرة على شهادة البكلوريوس في التقنيات الحيوية بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة الشارقة، والماجستير بدرجة امتياز من جامعة غلاسكو البريطانية، وتقرر استكمال دراسة الدكتوراه في مجال الفيروسات وتطوير اللقاحات وتمكنت من تطوير لقاح بلازميد الحامض الوراثي بنسبة 90% وهو ما يفوق النسبة التي تشترطها منظمة الصحة العالمية.
هي فاطمة محمد الملا، المبتعثة وطالبة الدكتوراه في مجال الهندسة البيوكيميائية في جامعة UCL في المملكة المتحدة.
التقيناها لنتعرف إلى أهم ما أنجزته في مجال دراستها البحثية وشغفها بالعمل الإنساني:
ماذا تتذكر فاطمة الملا عن نشأتها في إمارة أم القيوين، وما العوامل التي أثرت في تكوين شخصيتها؟
أم القيوين مدينة البساطة والناس الطيبين، اتسمت بالروابط الأصيلة والتقارب بين أهلها، يحزن الجميع لمصاب أحدهم ويجتمعون في الأفراح والمسرات، تعلمت فيها مكارم الأخلاق وأهمية صلة المحارم وحسن الجيرة، نشأت في أسرة محافظة وتربيت على يد أمّ حريصة جداً على تحصيلنا العلمي، كنت أنا وإخوتي من الأوائل على مستوى الإمارة دائماً في جميع مراحلنا الدراسية، حتى أني حصلت على الترتيب الثاني في الثانوية العامة على مستوى الإمارة - فئة المواطنات من القسم العلمي بنسبة 98.6 ٪، حرص عائلتي على دراستي في طفولتي خلق مني الفتاة المثابرة الطموحة اليوم.
ما العوامل التي واكبت اختيار التخصص الجامعي؟
أحببت علم الجينات والعلوم الوراثية وكيف يمكن لهذه المركبات الصغيرة «DNA» التي لا ترى بالعين المجردة أن تحدث كل هذا التأثير في حياتنا ومستقبلنا، نما شغفي وفضولي العلمي لدراسة تخصص التقنيات الحيوية في مرحلة البكالوريوس وحصلت على شهادة بكالوريوس التقنيات الحيوية بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة الشارقة، وشهادة الماجستير في فيروس التهاب الكبد c بدرجة امتياز من جامعة غلاسكو البريطانية، ما زاد من إصراري على مواصلة الدراسة في مجال الفيروسات وتطوير اللقاحات في مرحلة الدكتوراه.
تمكنت من استخلاص بلازميد الحامض الوراثي بنسبة نقاوة تفوق 90%
أول إماراتية تتخصص في مجال الفيروسات وتعمل على تطوير لقاح من بلازميد الحامض الوراثي.. حدثينا عن إنجازك في هذا الجانب؟
في بداية دراستي وقبل الجائحة، لم يكن هذا المجال معروفاً لعوام الناس، كنت أجد صعوبة في شرح بحثي لغير المختصين، الآن أصبح الجميع على دراية باللقاحات الجينية التي رخصت لأول مرة لاستخدامها على البشر في لقاح شركة فايزر للوقاية من الفيروس المسبب لمرض «COVID-19»، أعمل ضمن فريق أبحاث تطوير هذا النوع من اللقاحات منذ سنوات وقد تمكنت من استخلاص بلازميد الحامض الوراثي بنسبة نقاوة تفوق 90% حيث إن نسبة ثمانين 80% تعتبر كافية لإيجاز استخدام اللقاح على البشر من قبل منظمة الصحة العالمية.
يشهد العالم ظهور وتطور جينات فيروسية مختلفة يقابلها حاجة إلى تغيير في مجال صناعة الأدوية واللقاحات، كيف تجدين توجه دولة الإمارات بهذا الشأن؟
أرى أن دولتي سباقة في كل المجالات وفي تطور مستمر، لكن التطور في مجال صناعة الأدوية واللقاحات بطيء ونحن بحاجة لأن يكون لنا سوق محلي خاص لنقلل من استهلاك الدولة لأدوية مستوردة من الخارج.
فاطمة الملا في المختبر
عملت على تأسيس جمعية الطلبة الإماراتيين في الجامعة، ما هو الهدف من ذلك؟
يمكنني أن أقول إنها المرة الأولى التي يتم فيها تأسيس جمعية إماراتية في جامعة UCL، بعد أن اجتمعت مع مجموعة من الطلبة الإماراتيين في الجامعة وناقشنا إمكانية تأسيس جمعية تمثل دولة الإمارات في المملكة المتحدة، الهدف منها هو المساهمة في إبراز قيم المجتمع الإماراتي بالمملكة المتحدة والعمل على إشراك الطلاب الإماراتيين في مختلف الدورات والفعاليات العلمية والترفيهية، كما أننا نسعى إلى مساعدة الطلبة غير الإماراتيين ممن يرغبون في تكوين علاقات اجتماعية أو روابط عمل مستقبلية مع مستثمرين أو شركات داخل الدولة.
تعملين كأستاذ مساعد في جامعة لندن، كيف تصفين لنا علاقتك بطلابك؟
هي علاقة تبادلية، هم يتعلمون مني المنهج وأنا أتعلم منهم الحماس وحب الحياة والشغف العلمي. هو عمل مشترك لهدف واضح والجميع رابحٌ فيه.
تتشعب الأدوار التي تقومين بها بين البحث كطالبة دكتوراه ومهامك التدريسية والاهتمام بنادي الطلبة الإماراتيين، كيف تمكنتِ من الموازنة بين كل ذلك؟
كطالبة دكتوراه أعمل بجد على بحثي الذي لا يوجد شيء أهم منه في حياتي، وكمدرسة أدرس مواد من منهجي وهذا الأمر يطور من خبرتي باستمرار لأني أشعر بأني في تعلم وتطور مستمرين بالإضافة إلى المساعدة التي أتلقاها من طلبتي من خلال توزيع بعض مهام أبحاثي المختبرية عليهم، أما فيما يخص نادي الطلبة الإماراتيين فهو شغف وجد منذ الأيام الأولى لتواجدي في المملكة المتحدة نشأ لدي الحنين للوطن وأهله لذلك أحب الاجتماع بأبناء بلدي في الغربة والمساهمة في إحياء الأعياد الوطنية وتنظيم المحافل والمناسبات مع قنصلية الدولة في لندن.
أحببت أن تكون لي بصمة بالتطوع لمساعدة المحتاجين خلال أزمة كورونا
كنت من أوائل الأشخاص الذين اختاروا التطوع خلال أزمة «كورونا» للعمل في المستشفيات، كيف تصفين لنا هذه التجربة؟
مع بداية الأزمة كان هنالك الخوف والهلع من الوباء والرغبة والحماس في إنهائها من ناحية أخرى، بقيت في المملكة المتحدة ولم أعد للبلاد لأسباب استثنائية، أحببت أن تكون لي بصمة بالتطوع لمساعدة المحتاجين حيث إنني أتحمل مسؤولية نفسي، لم أتخوف ضرر الإصابة بالفيروس لأني أعيش لوحدي وأن أنقل المرض للكبار من عائلتي على سبيل المثال.
وهل كان لأزمة «كوفيد 19» من تأثير في أفكار واتجاهات فاطمة الملا البحثية؟
أرغب في تجربة لقاح بلازميد الحامض الوراثي الذي أقوم بالعمل على تطويره الآن على فيروس «SARS-COV2»، وأتمنى أن يتسنى لي الوقت لنشر ورقة علمية بهذا الخصوص.
كانت من أوائل الأشخاص المتطوعين خلال أزمة «كورونا»
كيف تواكبين سنوات الغربة، وماذا أضافت هذه التجربة لفاطمة الملا؟
وجودي في الخارج وجميع المواقف التي عاصرتها وشهدتها أنارت عقلي ومخيلتي ووجهت شغفي للكتابة التي أحببتها منذ الصغر، حالياً أعمل على كتابين أحدهما رواية والآخر يمكن أن أعتبره منهجاً لمن يعانون الاكتئاب وفقدوا الرغبة بالحياة.
كيف تلمست نظرة الغرب للمرأة العربية والخليجية خاصة؟
للأمانة لم أواجه تنمراً أو عنصرية في المملكة المتحدة طوال السنوات الأربع الماضية كوني عربية أو مسلمة، لكن ذلك لا يعني أنها لا توجد أو لا تمارس من قبل الأقلية غير المثقفة، وأرى أنهم بشكل عام يولون المرأة اهتماماً خاصاً بحقوقها وتأمين الحياة لها لتعيش قوية مستقلة وهذا الأمر حاز على احترامي.
حدثينا عن مؤسسة «شغف» للعمل الإنساني؟
عملت مع أشخاص متطوعين بالمجال الانساني ضمن مخيمات المهجرين على إطلاق مبادرة حملت اسم «شغف» تركز على الاهتمام بالأطفال (اليتامى والمعاقين) والعائلات التي تعاني وضع ما دون الصفر لننقل معاناتهم من خلالها تقارير وصور ووثائق وغيرها، كما نسعى لتقديم العون لهذه الاسر من خلال السلال الغذائية ومبالغ مالية أو توفير وسائل تدفئة وغيرها، كما نسعى لانشاء مدارس ضمن هذه المخيمات من اجل الاطفال، و«شغف» مؤسسة خيرية غير ربحية معنية بمساعدة أطفال المخيمات في سوريا وحول العالم، أتطلع قدماً إلى أن يصل صوت هؤلاء الأطفال إلى من يستطيع مساعدتهم، فالقلوب شواهد لا تنسى يداً مدت لها واضاءت عتمتهم.
زرت الكثير من مخيمات اللاجئين وعايشت الكثير من القصص، هل من موقف لا زال عالقاً في مخيلة فاطمة الملا؟
في زيارتي مع مؤسسة الهلال الأحمر الإماراتي لمخيمات لاجئي الروهينغا في بنغلاديش صادفني طفل يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة ما زلت أتذكره وأتذكر اسمه «محمد قاسم» كان يحلم أن يكون طبيباً، كان يرافقني خلال تجولنا حول المخيمات ويخبرني قصصاً عن حياته، أذهلني طموحه وحبه للعلم في ظل جميع الظروف الصعبة التي يعيشها من فقر ومجاعة وأمراض.
مع وفد الهلال الأحمر الإماراتي في حملته لإغاثة أطفال ونساء الروهينغا
ما هي أبرز مشاريعك البحثية المستقبلية؟
أعمل حالياً مع خبراء ومهندسين في القسم المتقدم لعلوم الهندسة البيوكيميائية في جامعة كلية لندن على صناعة مفاعل حيوي الذي سيكون الأول من نوعه يساعدنا في إنتاج اللقاح الذي تمكنت من تطويره ليس على المستوى المختبري فقط بل على المستوى الصناعي الكبير أيضاً.
اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن حملات التطعيم ضد "كورونا" في الإمارات