03 يونيو 2021

إنعام كجه جي تكتب: من خطف ميا؟

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: من خطف ميا؟

منذ ثلاث سنوات، أنشأت الشرطة الفرنسية شبكة على مواقع التواصل تحت اسم «تنبيه على اختطاف». والهدف من الشبكة استنهاض همة الناس العاديين لمساعدة الجهات الأمنية في العثور على الأطفال الذين يجري اختطافهم في البلاد. ويرتبط بهذه الشبكة، بشكل خاص، كافة سائقي سيارات الأجرة والحافلات العمومية والخاصة، فهؤلاء موجودون في الشارع ومتوزعون على الطرقات الخارجية، ويمكنهم ملاحظة سيارة الخاطف المشتبه به، بعد أن تتولى الشرطة تعميم أوصافها، أو أوصاف الطفل المخطوف وجنسه وعمره وما يرتدي من ثياب.

نجحت هذه الشبكة في إحباط عدة عمليات اختطاف. وتم تحديد موقع الطفل وإعادته سالماً إلى والديه. وتبقى هناك حالات تفشل فيها أجهزة الأمن من العثور على الطفل أو الطفلة. وغالباً ما يكون الخاطف من المصابين بهوس جنسي وتكون النهاية مأساوية. أي اغتصاب الطفل وقتله ورميه في أي غابة.

منذ أيام وفرنسا كلها مشغولة بقضية اختطاف طفلة في الثامنة من العمر تدعى ميا. وكانت ميا تحت رعاية جديها، والدي أبيها، بقرار من قاضي شؤون الأسرة. لقد سحبوا حضانتها من والدتها لأن الأم مشردة وذات طباع عدوانية عنيفة ولا تصلح لتربية طفلتها.

احتلت الحكاية عناوين الصحف لأكثر من أسبوع. الكل يبحث عن ميا ويتطلع في وجوه البنات في الطريق لعله يتعرف إلى البنت المخطوفة. ثم أعلنت الشرطة أنها عثرت على الطفلة. أين؟ في سويسرا، وهي بصحة جيدة وبصحبة والدتها.

ما الذي أخذهما إلى هناك على الرغم من إغلاق الحدود بسبب «كورونا»؟ راحت خيوط القضية تتكشف خيطاً بعد خيط. وتبين أن الخاطفين مجموعة من الناشطين السياسيين المجاذيب، ممن يعترضون على ما يعتبرونه أحكاماً قضائية مجحفة ويريدون تحقيق العدالة بأنفسهم، خارج المحاكم.

تعرفت والدة ميا إلى واحد من هؤلاء واشتكت له حرمانها من ابنتها الوحيدة. وقرر هذا أن يستعين برفاق له وأن يعيدوا الطفلة إلى أمها. والتفاصيل التي نشرتها الصحف تشبه قصص أفلام العصابات والمطاردات. فهناك مبالغ تُدفع ورشاوي وترتيبات لاجتياز الحدود. والكل مشغول بالمجموعة التي نفذت عملية الخطف التي استمرت أياماً، ولا أحد يسأل عن ميا وعن حالتها النفسية وهي في البلد الغريب وبين أيدي غرباء.

قد لا أتوقف عند تلك التفاصيل بقدر ما يؤرقني موضوع حضانة الأطفال. هل يكون انتزاع الطفل من حضن والدة ناقصة الأهلية أفضل له من بقائه معها؟ سؤال أبحث عن إجابته لديكم.