شكّل قيام دولة الإمارات منجزاً وطنياً كبيراً على كافة الأصعدة وبدون استثناء. ما من مجال من مجالات الحياة، في الاقتصاد والثقافة والتعليم والصحة والعمران والتنمية الاجتماعية، إلا وشهد انطلاقة نوعية مع قيام الدولة، وما من قطاع من قطاعات المجتمع إلا وعنى ويعني هذا الحدث الشيء الكبير له، فبقيام الدولة تأمنت لأهلها الحياة الكريمة السعيدة التي ينشدها كل شعب.
ونود أن نخص بالذكر هنا المرأة الإماراتية، التي عنى قيام الدولة، قبل خمسين عاماً، الشيء الكثير في حياتها وفي تفكيرها ووعيها، والشاهد على ذلك حجم الإنجازات الكبيرة التي حققتها النساء في الدولة في كافة الميادين، بما فيها ميدان التربية والتعليم والتدريب، التي أدت، خلال خمسة عقود، وما هي بالكثير في حياة الشعوب، إلى أن تبلغ ما بلغته من مراتب عليا في أي مجال يخطر على البال.
وحين نتحدث عن التعليم فإننا لا نقصد مجرد التغلب على الأمية التي كانت شائعة في صفوف النساء في بدايات القرن الماضي، ولا عن التعليم الأساسي والثانوي فحسب، وإنما أيضاً عن التعليم الجامعي وما يليه من دراسات عليا ومن تأهيل مهني، خلق جيلاً من المعلمات وأستاذات الجامعة والطبيبات والمهندسات والمحاميات وسواهن، وأوصل المرأة إلى أعلى المراتب الإدارية، فأصبحت وزيرة وبرلمانية وسفيرة ورئيسة جامعة وغير ذلك من المواقع ذات التأثير واتخاذ القرار.
وفي هذا المجال لا يمكن أن نغفل عما أدت إليه هذه النهضة من ظهور جيل جديد من المبدعات في كافة مجالات الإبداع، الأدبي منه والفني، فالإمارات اليوم تفخر بشاعرات وقاصات وروائيات وباحثات وفنانات تشكيليات ومسرحيّات، ممن يشكل إبداعهن جزءاً مهماً ومتميزاً من مجمل المشهد الثقافي الذي شهد، بدوره، نهضة كبرى بعد قيام الدولة، ها هي اليوم تعطي أُكلها، في منتوج لافت ينظر إليه بكل تقدير واعتزاز.
لا يمكن أن نتحدث عن عيد الاتحاد الخمسين للإمارات، وعن إنجازات النصف الحلو من المجتمع خلال العقود المنقضية منذ تأسيس الدولة، دون الوقوف عند دور ورؤية مؤسس الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، وبعد نظره، هو الذي أدرك، وهو يضع مع إخوانه حكام الإمارات مداميك الدولة الفتية، أهمية أن تمنح المرأة كل الفرص من أجل تمكينها في كافة المجالات، لتغدو شريكاً فعلياً لشقيقها الرجل في بناء الدولة وصناعة مجدها، وها هي الإمارات وشعبها، ومن ضمنه النساء، تجني ثمار تلك النظرة السديدة لمؤسسها، والتي أصبحت نهجاً ظلّ مستمراً وسيظل، بوّأ المرأة ما هي فيه اليوم من مكانة، ويسّر لها ما يسر من أدوار.