كانت العجائز، في قرى شمال العراق، يطلقن على النعاس اسم شمعون. ولا أدري من أين جئن بتلك التسمية. يأخذن الأطفال، وقت النوم، في أحضانهن وهن يرددن «جاء شمعون غمّاض العيون».
تذكرت ترنيمة جدتي عندما زارني المتحور العجيب أوميكرون وأقام في عظامي. ويبدو أنه استطاب الإقامة فمكث أسبوعين، رافضاً المغادرة. ومن جانبي، انتهزت الفرصة لأحجر نفسي في غرفتي وأتمتع باستراحة إجبارية.
وخلال تلك الأيام اكتشفت أن السيد أوميكرون أشطر من شمعون في إغماض العيون.
لم أفقد حاستي الشم والتذوق، وباستثناء سعال متقطع، فإن الفيروس أدخلني في دوامة من خمول لم أعرفه طيلة حياتي. كنت أخرج من نعاس لأسقط في نعاس. أتفرج على نشرة أخبار الظهيرة وأغيب ثم استيقظ لأجد أنني نمت خمس ساعات. والنوم نعمة. لكنه مع أوميكرون يأتي محتشداً بالغريب من الأحلام، وأحياناً من الكوابيس. أفلام بالأبيض والأسود وبالألوان والسينما سكوب، أفيق منها وأنا أتذكر كافة تفاصيلها ولا أصدق أنها كانت رؤى غير واقعية.
في واحدة من تلك الغفوات سافرت إلى بغداد، مسقط رأسي، وتابعت انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهو قد تراءى لي شخصاً من لحم ودم، بسحنته وعباءته ولقبه الغريب: الدفتردار. ولما استيقظت كنت واثقة أنني لم أكن أحلم. إذ لا يمكن للأحلام أن تكون بكل تلك الدقة والتفاصيل. وهكذا مددت يدي إلى هاتفي الراقد تحت وسادتي وبحثت في المواقع الإخبارية عن الرئيس العراقي الجديد. وأدهشني أن الحكاية كلها كانت من خيالي.
ثم حلمت بشقيقتي المقيمة في مدينة بعيدة وهي تستشيرني في أمر عريس تقدم لصغرى بناتها. وقد تباحثنا سوية في مؤهلات الشاب المتقدم للبنت وسألناها رأيها وتمت الخطبة على أحسن ما يكون.
وقد اشتريت للمناسبة فستاناً طويلاً أخضر اللون. واستيقظت والفرحة تغمرني وطعم كعكة العرس على لساني. لكن الحفل كله كان من اختراع أوميكرون.
في كل يوم حلم، بل عدة أحلام، بحيث إنني رحت أسجل في هاتفي ما أراه عند نومي لكيلا أنساه. سأذهب لطبيبة العائلة وأروي لها تأثيرات الفيروس على حالتي. ومن يدري، لعلي أساهم في خدمة العلم وفي تشخيص أعراض أوميكرون والعثور على دواء له.
آخر الرؤى جرت في بستان شاسع مكتظ بالنخيل، على ضفاف دجلة، وكنت أجري وأقفز فوق السواقي الصغيرة وكأنني في أيام صباي، والتقط حبات التمر الناضجة الساقطة على العشب وآكلها بنهم. عسل لا مثيل له في الواقع، ونسمة لطيفة كأنها من نسمات الفردوس.
هل أضيق بأوميكرون أم أكون ممتنة له على كل تلك السياحة اليومية الخلابة؟ اليوم تلقيت على هاتفي رسالة من دائرة الضمان الصحي تطالبني بإجراء الفحص للتأكد من شفائي من الفيروس نهائياً، أي اطلاق سراحي من الحجر وعودتي لارتياد الأسواق والمقاهي التي كنت محرومة منها.
ما رأيكم... أذهب للفحص أم أطنّش؟