14 أبريل 2022

التزلج في لبنان.. هل أصبح للميسورين فقط؟

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

التزلج في لبنان.. هل أصبح للميسورين فقط؟

إنه زمن الثلج.. العلاقة بين لبنان والثلج وجودية، وإذا كان لنا أن نستشهد بما قاله المؤرخ الإغريقي القديم بطليموس فإن لبنان هو «ليبنانو» الكلي البياض، وخصوصاً في فصل الشتاء الذي تمادى هذا العام ليكتسح بدايات الربيع، ويستمر الثلج أبيض على الجبال والهضاب بسماكة سجلت أمتاراً عديدة ما جعله صامداً أمام حرارة شمس منذ بزوغها حتى المغيب، في تبدل غرائبي في الطقس لم يشهد لبنان مثيلاً له منذ أواسط القرن العشرين وحتى اليوم.

مركز التزلج الرئيسي في عيون السمان
مركز التزلج الرئيسي في عيون السمان

جاء هذا الشتاء بثلوج وفيرة إلا أن أغلبية مراكز التزلج، وما يحيط بها من فنادق ومطاعم ورياضات شتوية، كادت أن توقف نشاطاتها لولا قلة من روادها من أبنائها المقيمين، والميسورين القادرين على دفع أثمان باهظة لممارسة هواياتهم، في حين افتقدت هذه المراكز عشرات الآلاف من روادها لاسيما الخليجيين، وحتى اللبنانيين من بيروت وغيرها من المدن الساحلية لأسباب عدة، أهمها الأزمة السياسية المفتوحة، والغلاء الناتج عن الأزمة الاقتصادية والمالية التي تستبد بالدولة اللبنانية، وهو غلاء استفحل واوصل غالبية اللبنانيين إلى ضائقة معيشية جعلتهم يتغاضون عن كماليات باتت حكراً على الأثرياء.

التزلج في لبنان.. هل أصبح للميسورين فقط؟

حتى أصحاب الشاليهات الخاصة تغاضوا عن رفاهيتهم وتركوا «شاليهاتهم» عرضة للريح والعواصف ليس فقط بفعل تراكم ثلوج أدت انقطاع الطرقات وإنما بنسبة أعلى لنقص في السيولة والوقود، بعد أن باتت تكاليف الصيانة باهظة للغاية.

التزلج في لبنان.. هل أصبح للميسورين فقط؟

ثلوج لبنان وصقيعها لم يفتقدا جمال الأيدي الناعمة المرتجفة وخدود الأطفال الموردة..

كانت «شتوية» استثنائية هذا العام، فبات حديث الناس في البيوت والشوارع والجبال والسواحل وهي تردد «الله يبارك ويبعث الخير»، فكان الثلج وفيراً مما جعل شركات استثمار مراكز التزلج المتعددة في لبنان، وخصوصاً مركز عيون السيمان في كفرذبيان ومركز نادي فقراً، اللذين قررا عدم الاستسلام للازمة المعيشية الضاغطة، بفضل الإداريين ووزارة السياحة والتسهيلات البلدية، والاستمرار في نشاطهما واستقبال المتزلجين أفراداً وعائلات وجماعات، رجالاً ونساء، شباناً وشابات وأطفالاً، أغلبتهم قصدتهما من المناطق المجاورة أو من العراق والأردن ومصر، وعدد من قوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان، وبعض من تيسر له المال وعبور الطرقات من بيروت والمدن الساحلية للتمتع بالطبيعة البيضاء واللهو بكرات الثلج.

المرح والسعادة باديان على الوجوه، ومن تسنى له ركوب المصاعد، المجهزة بأحدث وسائل السلامة والأمان، نزل متزلجاً ليرسم بتعرجاته خطوطاً أفعوانية وأنفاساً من بخار يتصاعد من الأفواه المرتجفة.

أبناء كفرذبيان صمدوا لينجح موسم التزلج في تحدي التجربة القاسية التي واجهها

وفي حديث لمسؤول التسويق والإعلام في مجلس إدارة بلدية كفرذبيان، وليد بعينو، كشف أن نصف المصاعد في عيون السيمان فقط فتحت أبوابها في موسم الشتاء الحالي، ولم يسمح إلا بدخول أدنى حد من الرواد تجنباً لارتفاع الإصابات بـ«كورونا»، فضلاً عن الارتفاع الباهظ في تكاليف التزلج والتشغيل وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية، وبالتالي تحول التزلج إلى سكان المنطقة بشكل أساسي.

التزلج في لبنان.. هل أصبح للميسورين فقط؟

كما أكد بعينو أن أبناء كفرذبيان، أسوة بكل اللبنانيين، صمدوا لينجح موسم التزلج في تحدي التجربة القاسية التي واجهها واستمر حتى منتصف إبريل الجاري بعد أن كان ينتهي في منتصف مارس من كل عام، نظراً لتمدد هذا الشتاء إلى نهاية مارس المنصرم، لافتاً إلى أن مركز عيون السيمان للتزلج، حيث تدرج تراكم الثلج على مرتفعاته من 5 أمتار إلى 25 متراً، يعتبر الأول من نوعه في لبنان، وجرى تأسيسه عام 1957 باسم المزار، ثم تأسس مركز ثان عام 2000، وقد جهز بعدة مصاعد كهربائية تصعد وتعلو على 18 مدرجاً، وهو مفتوح لهواة التزلج من مختلف الأعمار، كما يضم عدة مطاعم وفنادق فخمة تديرها نخبة من الاختصاصيين، واصبح من خلال مبارياته الرياضية الشتوية محط أنظار محلي وإقليمي ودولي.

التزلج في لبنان.. هل أصبح للميسورين فقط؟

وليس بعيداً عن مركز عيون السيمان للتزلج يتربع مركز نادي فقرا وملحقاته من فنادق ومطاعم ومقاهي، إذ تأسس عام 1973 على مجموعة تلال قبالة آثار فقرا، وهو نادٍ خاص يجذب أليه فئة محلية وإقليمية ودولية معينة، مجهز بالمصاعد الكهربائية للتزلج شتاء، ودرج للتزلج على العشب صيفاً، إضافة إلى منتجعين سياحيين وقصور فخمة يملكها عدد من الأثرياء من لبنان والخارج.

 

مقالات ذات صلة