14 أبريل 2022

فيلم «إلى أين».. شهادة لبنانية ضد الهجرة

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

فيلم «إلى أين».. شهادة لبنانية ضد الهجرة
المخرج اللبناني الراحل جورج نصر

طوابير المهاجرين من لبنان لا توازيها عدداً إلا طوابير الواقفين أمام القنصليات المتعددة طلباً لتأشيرات الدخول وتلك الواقفة أمام الجهات المانحة لجوازات السفر.

بطريقة غريبة يذكّرنا ذلك بفيلم المخرج اللبناني الراحل جورج نصر «إلى أين» الذي تحدث فيه، بلغته الخاصة، عن فعل مضاد. فبطله العائد من هجرته الطويلة يعاني سنوات العزلة والبعد ويتوق لاستعادة وضعه في البلد الذي هاجر منه.

«إلى أين؟» كان الموضوع الذي كان يجب أن يحققه مخرج لبناني ما. إذ آل إلى جورج نصر فإنه كان فاتحة أعماله الروائية الطويلة الثلاث كما كان الجواب على الثغرة الناشئة في العلاقة بين لبنان الوطن ولبنان الاغتراب.

بطل الفيلم كان ترك وطنه قبل عشرين سنة راحلاً إلى البرازيل. حاول، هناك، تحقيق نجاح مادي يمكنه من جلب باقي أسرته والعيش على نحو أفضل من حياته في وطنه.

فيلم «إلى أين».. شهادة لبنانية ضد الهجرة
فيلم «إلى أين»

المهاجر (قام به شكيب خوري) مندفع ليس الطمع؛ بل الحاجة. وليس بالرغبة في التخلي عن الوطن بحد ذاته؛ بل البحث عن نجاح ولو في وطن بديل.

لكن المهاجر؛ إذ نأى منفرداً عن وطنه ترك زوجته وولديه الصغيرين وحيدين في حياتهم.

وها هي الزوجة تعمل ليل نهار لأجل سد الفراغ الناتج عن غيابه.

بعد عشرين سنة من الغربة يعود الرجل إلى عائلته خالي الوفاض. بلا ثروة. يدفع المخرج بطله لإخفاء نفسه عن العائلة في بادئ الأمر غير قادر على مواجهتها.

المكان الذي اختاره المخرج كمأوى لبطله ريثما يمتلك الشجاعة ويكشف عن نفسه لزوجته وولديه هو قصر مهجور. وهو اختيار لغوي جيد يرمز إلى تلك الآمال الخاوية غير المحققة.

معاناة المهاجر العائد تكبر عندما يكتشف عن أن أحد ولديه يخطط للهجرة بدوره.

حمل الفيلم رسالة تعارض الهجرة وهي رسالة مهمّة في تلك الآونة التي تكاثرت فيها نغمة الهجرة إلى البرازيل وسواها خصوصاً بين أبناء القرى المسيحية. طبعاً هذا لم يغير في الأوضاع شيئاً، لكن الفيلم ذهب لمحاولة التحذير من مغبة الهجرة كون هذه كانت رسالته الأولى.