درست التمريض والإعلام الصحي، وكانت أولى محطاتها العملية في وزارة الصحة بقسم الطوارئ والتثقيف الصحي، ولشغفها بتطوير مهاراتها كللت مسيرتها بحضور برامج تدريب المدربين في عدة مجالات منها الصحة النفسية، والأسرية التربوية، وتعديل السلوك، بالإضافة لتمسكها بأداء دورها كمتطوع محاضر في الهلال الأحمر الإماراتي.
إنها مريم الكاس، مدرب إسعافات أولية دولي معتمد، ومستشارة أسرية وتربوية، التقيناها لنتعرف إلى طبيعة عملها ودورها المحوري في تقديم المساعدة لمن يحتاجها من المصابين:
لديك رخصة إسعافات أولية معتمدة، ما الذي دفعك للتفكير في الحصول عليها خاصة أنه مجال لا تقبل عليه الكثيرات؟
جاء ذلك لسببين، الأول وهو شغفي وحبي لنشر ثقافة الإسعافات الأولية بين الناس، بل وحرصت على التدرج من الرخصة الأولى كممارس إسعافات أولية، إلى الرخصة الثانية وهي مدرب إسعافات أولية، إذ أخذت على عاتقي تحمل مسؤولية التوعية سواء من خلال البرامج التدريبية واللقاءات التلفزيونية أو ورش العمل ومنصات التوعية، والسبب الثاني هو كوني درست وعملت في مجال التمريض والإعلام الصحي، إذ كانت أولى محطاتي في وزارة الصحة بقسم الطوارئ والتثقيف الصحي، كما التحقت بالفرق الطبية التطوعية، في جهات عدة بينها الهلال الأحمر الإماراتي وجمعية مواليف التطوعية وغيرها من الفرق، كما أنني أدير مركز إيكاروس لاستشارات السلامة والصحة المهنية.
على المسعف أن يتصف بعدة صفات شخصية أهمها أن يكون له «كاريزما» وأن يكون قيادياً مؤثراً
هل تتطلب تلك المهنة مهارات ومقومات شخصية معينة تستلزم أن تتوافر لمن يقدم على هذا العمل؟
بكل تأكيد، فيجب على المسعف أن يتصف بعدة صفات شخصية أهمها أن يكون له «كاريزما» وأن يكون قيادياً مؤثراً، ولديه سرعة بديهة وثقة بالنفس، ويتمتع بالقدرة على اتخاذ القرارات السليمة في وقت قصير، فالحوادث تقع بشكل مفاجئ، ويتحتم عليه التصرف بحكمة وهدوء، بالإضافة إلى تمتعه بالأمانة والحفاظ على سرية المعلومات الشخصية للمصابين، بجانب الانتباه إلى أدق التفاصيل.
كيف يواجه المسعف مخاوفه عند التعرض لموقف مفاجئ يحتاج لتدخله؟
بتطبيق ما تم التدرب عليه مسبقاً في برامج الإسعافات الأولية، فهناك العديد من السيناريوهات التي تقدم أثناء التدريب العملي لإنقاذ حياة الأشخاص وتفادي تفاقم أوضاعهم عند وقوع الحوادث، فالدقائق الأولى بعد الإصابة هي لحظات محورية وجوهرية، وكلما كان المسعف يعي بأهمية هذه الدقائق ومعرفته بكيفية تحديد الأولويات واعتماده على المهارة التي تستند إلى المعلومة، كلما ساعده ذلك في اجتياز المخاوف، وبالطبع يؤدي التدريب المستمر إلى كسر هذا الحاجز وعدم التردد بالاستجابة السريعة.
ما نسبة الشفاء في حالة أن يتم إسعاف شخص سريعاً بعد التعرض لحادث؟
نسبة عالية بلا شك، فالمسعف يعتبر المستجيب الأول للحالة وعادة ما يسهم الإجراء البسيط الذي يقوم به للشخص في إنقاذ حياته أو التقليل من خطر الإصابة التي يمكن أن يتعرض لها في حال لم يجد من يقدم له المساعدة الطبية في اللحظات الأولى للحادث.
ما الأمور المشتركة التي يقوم بها المسعف في أي حادث؟
بداية، المحافظة على هدوء الأعصاب وعدم الخضوع للانفعالات والعواطف وتهيئة الوسط الذي وقع فيه الحادث، وإبعاد المصاب عن مصدر الخطر إن وجد (بعمل تقييم وتشخيص صحيح وسريع)، ثم تقييم وضع المصاب أو الحالة لمعرفة سبب الحادث، وتحديد نوع الإصابة معتمداً على وصف وقائع الحادث والأعراض والمشاهدة، بجانب فحص المصاب بالكامل والاهتمام بالإصابة كبيرة كانت أو صغيرة، إذ غالباً ما يكتفي المسعف بالإصابة الظاهرة وخاصةً إذا كانت كبيرة فيهمل باقي الإصابات الصغيرة والتي قد تكون لها خطورتها أيضاً، بالإضافة إلى قياس العلامات الحيوية للمصاب وتقديم الإسعافات الأولية المناسبة حسب الإصابة، ثم نقله إلى أقرب مستشفى لتكملة العلاج.
انضممت إلى برنامج الإسعافات الأولية في المدارس، حدثينا عن أهمية ذلك، وكيف يسهم في زيادة التوعية المجتمعية؟
قدمت ورش عمل تهدف إلى نشر ثقافة الإسعافات الأولية في الميدان التربوي لما لها من مردود إيجابي واسع في المجتمع، وكانت موجهة للطلبة والمعلمين والكادر الإداري الحديث وتضمنت أهمية الإسعافات الأولية وأنواعها، والصفات التي يتصف بها المسعف، وكيفية التدخل الإسعافي الطارئ مع أنواع الجروح والنزيف، أو في حالة وجود جسم غريب داخل الجسد، أو في حالة الحرائق، وغيرها من الحالات الأخرى، والحقيقة أن هذا العمل بكل تأكيد مثمر وفعال كونه يسهم في إنقاذ حياة شخص ربما يكون لصيق الصلة بالمسعف نفسه، فقد يكون أحد أقاربه أو شخصاً عزيزاً عليه.
ما أول ما تحرصين على تقديمه للمصاب؟
تتعدد وسائل الدعم وأهمها تقديم الإسعاف النفسي الأولي وليس فقط التعامل مع الإصابات، ويهدف ذلك إلى تهدئة المصاب والتخفيف من شدة التوتر والخوف الناجم عن الكارثة، بجانب توفير بيئة آمنة نفسياً وجسدياً تمكنه وعائلته من التعافي بشكل أسرع والعودة إلى ممارسة حياته الطبيعية.
ما الذي يشغل تفكيرك بصورة مستمرة وتسعين لتحقيقه؟
أجمل الطموحات والأحلام هي ما تكون سبباً لخدمة الإنسانية ونفعها، فأنا دائماً ما أقول إن تفجير الطاقة الكامنة داخلنا يتحقق بالعمل في مجال نود أن نصبح نجوم فيه، والحمد لله وجدت ضالتي بالعمل في مجال الإسعافات الأولية كخدمة صحية وكمستشارة أسرية تؤدي دورها في مساعدة الناس لتخطي مشاكلهم وتجاوز خلافاتهم العائلية.