د. منى تهلك: ما حققناه في جراحة المناظير بصمة تستحق أن يشار لها
27 سبتمبر 2022

د. منى تهلك: ما حققناه في جراحة المناظير بصمة تستحق أن يشار لها

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

د. منى تهلك: ما حققناه في جراحة المناظير بصمة تستحق أن يشار لها

من المهم أن يمتلك الطبيب شغف البحث والاستكشاف مسيرة بحثها عن العلم لم تتوقف عند الـ 16 عاماً التي قضتها في دراسة الطب، بل راحت لأبعد من ذلك باستقطابها جراحة المناظير واجتهادها في تقديم الدراسات والأبحاث التي نالت على أثرها الكثير من الجوائز والتكريمات، لتستحق بذلك اختيارها رئيساً للاتحاد الدولي للمستشفيات، وتكون أول امرأة عربية تتولى هذا المنصب.

هي الدكتورة منى عبد الرزاق تهلك، المدير التنفيذي لمستشفى لطيفة للنساء والأطفال، كان لنا هذا الحوار معها:

مسمى رئيس الاتحاد الدولي للمستشفيات، ماذا يعني للدكتورة منى تهلك؟

اختياري لهذا المنصب العالمي تشريف وفخر للمرأة الإماراتية والعربية، فهي المرة الأولى التي تتولى فيها امرأة عربية هذا المنصب الدولي في تاريخ الاتحاد

عملت ولفترة غير قصيرة في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي، ما أهم الخبرات والمهارات التي تمكنت من نقلها للقطاع الصحي في الإمارات؟

أتاح لي العمل مع الاتحاد، الذي شغلت منصب أمين صندوقه إضافة إلى عضوية مجلسه التنفيذي منذ عام 2017، فرصاً كثيرة للتعامل مع منظمات كبيرة في مجال الطب واكتساب خبرة عالمية تمكنت من خلالها تطوير إدارة المنظومة الصحية في الدولة وتطوير المستشفيات. كما تمكنت من خلال رئاسته من استضافة المؤتمر السنوي العالمي للاتحاد الدولي المقرر انعقاده في نوفمبر 2022 حيث يمكن الاطلاع على أفضل الممارسات التشغيلية للمستشفيات وجودتها وكفاءتها، وستكون أيضاً فرصة لاستعراض تجربة الإمارات مع أزمة «كوفيد-19» كنموذج تحتذي به دول العالم في التعاطي مع الأزمات.

جراحة المناظير هو الشغف الذي تفوق على شغفي لتخصص النساء والولادة

تمكنت من استقطاب وتطوير جراحة المناظير للأمراض النسائية، إلى أي مدى وصلتم في هذا الاتجاه في الإمارات، وما أكثر الحالات شيوعاً؟

تخصص جراحة المناظير هو الشغف الذي تفوق على شغفي لتخصص النساء والولادة، تمكنا من تطوير هذا الجانب حتى وصلت نسبة هذا النوع من العمليات اليوم 95% من مجموع العمليات التي يتم إجراؤها في المستشفى، واستقبال الحالات من دول أخرى مثل باكستان والهند وأوروبا. تمتاز هذه التقنية بسرعة الاستشفاء حيث يمكن للمريضة العودة لممارسة حياتها الطبيعية بعد أسبوعين من إجراء العملية وبنتائج تعادل أو تتفوق أحياناً على الجراحة الاعتيادية وبنسبة أخطاء أقل، حيث تعد بطانة الرحم المهاجرة أكثر الحالات شيوعاً في هذه الجراحة التي تصل نسبة النساء التي تعانيها ما بين 5 إلى 7% وتزداد صعوبة علاجها عندما تصل للمستوى الرابع كونها تحتاج إلى خبرات وكفاءات عالية لإجرائها، وهو ما تمكنا من الوصول إليه.

د. منى تهلك: ما حققناه في جراحة المناظير بصمة تستحق أن يشار لها

في مسيرتك الكثير من الإنجازات والبحوث المتخصصة، هل لكِ أن تطلين بنا على أهمها؟

إلى جانب الحس الإنساني من المهم أن يمتلك الطبيب شغف البحث والاستكشاف وإلا سيتوقف مكانه، وفي مهنة الطب تحديداً كل شيء في تطور بدءاً من العلاجات والأدوية حتى العمليات التي أصبحت تجرى بالروبوت، أعددت الكثير من الدراسات والأبحاث التي تصب في مصلحة النساء والولادة كالعمليات القيصرية ونتائجها والمشيمة المتلاصقة وأعراضها الجانبية وجلطات الساق وأثرها وكيفية الوقاية منها، وآخرها كما نشرنا الكثير من الأبحاث التي تتعلق بتأثير «كوفيد- 19» في الحوامل كونها آخر فئة في المجتمع حصلت على التطعيم.

في مهنة النساء والولادة يجب أن يملك الطبيب قلباً من «حديد» ليتمكن من تجاوز القلق والضغوط

كرمت في أكثر من مناسبة، ما هو التكريم الأقرب لقلبك؟

كانت جائزة الشيخ راشد في العلوم الطبية أول جائزة أحصل عليها، وأهم جائزة بالنسبة لي كانت جائزة التميز كأفضل مدير تنفيذي من حكومة دبي كوني كرمت من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حيث حصلت على المرتبة الثانية على مستوى دبي وكنت الوحيدة في الهيئة التي حصلت على هذه الجائزة، كما كرمت من قبل الشيخ حمدان بن راشد «رحمه الله»، وسمو الشيخ سيف بن زايد عندما عينت رئيساً للاتحاد الدولي للمستشفيات.

تكريمها من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم
تكريمها من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

الطب ومجال النساء والولادة فيه من الجانب الإنساني الكثير مما يفوق المجالات الأخرى، ما الحالات التي تركت أثراً في نفسك؟

في مهنة النساء والولادة يجب أن يملك الطبيب قلباً من «حديد» ليتمكن من تجاوز القلق والضغوط، ففي الكثير من الأوقات لا يمكن أن أنفصل عن الواقع وأجد نفسي أتفاعل مع المريضة فهناك حالات حرجة يجب أن تكون سرعة اتخاذ القرارات فيها فائقة لصالح المريضة. وما زلت أتذكر استدعائي لحالة ولادة لمريضة في الشهر السابع كانت قد تناولت وجبة خارج المنزل تسببت في دخولها المستشفى وكان الكادر قد أجرى لها جميع الفحوص لكن نبضات قبلها توقفت وتوفيت وبعد تحويلها لغرفة العمليات لغرض إنقاذ الجنين كان هو الآخر قد فارق الحياة للأسف. هذا الجانب لا يمكن أن يشعر به أي طبيب في تخصص آخر، ومن أصعب المواقف التي يتعرض لها الطبيب في العمل هو كيفية مواجهة أهل المريض وإقناعهم بعدم إمكانية علاجه أو شفائه، وبشكل خاص في أمراض النساء والولادة حيث تكون احتمالية تعرض الأم أو الجنين لأي أمر شيئاً غير مقبول عند الأهل، لكن مع كل ذلك هناك الكثير من الإيجابية في هذا العمل عندما أشاهد طفلاً يولد وأماً تنعم بالصحة والسلامة وأهلاً تغمرهم الفرحة.

وهل كان لنشأة د. منى تهلك أثر في اختيار مهنة الطب وإرساء هذا البعد الإنساني؟

يزيدني فخراً أني كنت من الأطفال الذين ولدوا في مستشفى مكتوم، أول مستشفى في دبي. نشأت في منزل جدي في بر دبي وانتقلنا إلى منزل والدي في شعبية البدع حيث كنت أقضي كل سنة دراسية في مدرسة مختلفة، اكتشفت شغفي للعلوم في المرحلة الابتدائية وحرصت على اقتناء الكتب من معرض الكتاب في الشارقة حيث كنت أدخر مصروفي اليومي لاقتناء أكبر عدد منها. بدأت ملامح هذا التوجه أكثر وضوحاً عندما تلمست معلمة العلوم هذا الشغف وتهديني مختبراً مصغراً لإجراء التجارب، وجدت التشجيع والدعم من المدرسة والمنزل حيث كان الجميع يناديني بالدكتورة حتى أني في إحدى المقابلات التي أجريتها مع إحدى الصحف وأنا طالبة في الثاني الإعدادي ذكرت بأني أطمح أن أكون طبيبة في المستقبل، وبعد حصولي على معدل 96% في الثانوية العامة أصر والدي على التوجه لدراسة الطب في الكلية الملكية للجراحين في دبلن.

بين الجانب العملي كأخصائي أمراض نساء وولادة والجانب الإداري، أين تجد د. منى تهلك نفسها؟

من الجميل أن أجمع الاثنين، كان أحد شروط قبولي العمل الإداري الاستمرار في ممارسة دوري في إجراء عمليات الولادة وعيادة المريضات، فلا يمكن إغفال 16 عاماً من دراسة الطب، لكن ذلك لا يعني أني غير مستمتعة بالعمل الإداري فالتطور الذي تحقق في جراحة المناظير بدأته كطبيبة وتمكنت من النجاح في تطوير نطاق العمل به بعد أن أصبحت مديرة مستشفى.

هل تعتقدون أن مجال الطب فيه من الكوادر النسائية الإماراتية ما يكفي لسد حاجة البلد؟

فيما يتعلق بمجال النساء والولادة للأسف لا يزال التخصص بحاجة مستمرة ومتزايدة لكوادر نسائية مواطنة، فهي من التخصصات غير المرغوبة كونه تخصصاً جراحياً ينطبق عليه نظام المناوبات. أنصح المواطنات التخصص في هذا المجال، كما أنصح الشباب من المواطنين الانخراط في مجال النساء والولادة دون حرج فهناك فيه الكثير من التخصصات الدقيقة التي يمكن للرجال ممارستها كالأورام السرطانية عند النساء وتخصص الإخصاب والحمل الحرج.

ما أحلامك وطموحاتك؟

أن تكون المؤسسة الأكاديمية الصحية في دبي أفضل مؤسسة في العالم، ودبي تكون أفضل وجهة صحية.. على الصعيد الخاص أن أتم حفظ القرآن الكريم والاستمرار في طلب العلم وتقديم الأفضل في مجال التخصص.

*تصوير: السيد رمضان

 

مقالات ذات صلة