بدأت القصة بين المجني عليه والمتهم بصداقة قوية منذ الطفولة، إلا أن كلاً منهما سلك طريقاً مختلفاً عن الآخر في الحياة العملية، ومن هنا كانت بداية النهاية، حيث قرر المتهم التقدم لخطوبة شقيقة صديقه لكنها رفضت بشدة بسبب الفارق في المستوى التعليمي والاجتماعي.
اعتبر العريس أن هذا الرفض إهانة كبيرة له، محاولات عديدة بذلها من أجل الفوز بقلب من اختارها قلبه لكن دون جدوى، وفي نهاية الأمر كانت العواقب وخيمة ومأساوية، حيث سولت له نفسه قتل صديق عمره حتى ينتقم من شقيقته ويحرق قلبها.
دراسة وتجارة تفرق الصديقين
كانت الأمور كلها تسير بشكل طبيعي بين صديقي العمر، جمعتهما الكثير من الأمور والظروف المتشابهة، الفرق الوحيد بين أسرة الصديقين كان الحالة الاجتماعية، أسرة المتهم كانت تعمل في مجال التجارة، أما أسرة المجني عليه كانت تهتم كثيراً بالتعليم، ربما لم يلاحظ أي منهما هذا الفارق في مرحلة الطفولة والشباب، لكن عندما وصلت بهما السنوات إلى المرحلة الجامعية ذهب كل منهما في طريق مختلف، المجني التحق بإحدى كليات القمة، أما المتهم فالتحق بأحد المعاهد المتوسطة، ومن هنا بدأت الحياة تأخذ منحنى آخر. انتهت سنوات الدراسة التحق المجني عليه بالعمل في أحد الأماكن المرموقة، أما المتهم كان يعمل في مجال التجارة كما هي حال عائلته.
إعجاب شديد من طرف واحد
كانت شقيقة المجني عليه، فتاة حسناء تبلغ من العمر 19 عاماً، رقيقة، تتمتع بالجاذبية والهدوء، أخلاقها الرفيعة يشهد لها الجميع، أسرتها لا غبار عليها، لم تكن لها صداقات كثيرات في منطقة سكنها، لم يشغل تفكيرها مسألة الارتباط العاطفي مثل باقي بنات جيلها، وكانت تضع لنفسها قواعد وضوابط محددة، يأتي على رأسها أن أي ارتباط يجب أن تباركه الأسرة.
كان صديق شقيقها يراقبها عن كثب، معجباً بها بشدة، كان دائماً ما يحاول التقرب منها والتودد لها، وكلمات الغزل كانت تنزل عليها كالسيل دون جدوى، ولكنها كانت تصده بشدة ولم تبادله في أي يوم من الأيام أي مشاعر، وهذا ما كان يزيد من إصراره للتقرب منها.
الأسرة ترفض الزواج فيقرر الانتقام
كان يرى فيها الزوجة المثالية، ويرى في نفسه العريس المناسب لها، وأخيراً قرر أن يتقدم لخطبة جارته الحسناء التي بهرته بجاذبيتها وسلوكها السوي، وما دفعه لهذا الأمر علاقة الصداقة القوية التي كانت تجمعه بشقيقها، لكن ما حدث نتيجة هذا القرار لم يكن في الحسبان. المفاجأة التي لم يتوقعها كانت الرفض التام لهذا الأمر شكلاً ومضموناً من كل الأطراف، العروس الجميلة وأسرتها من جانب، وشقيقها صديق العريس من جانب آخر.
قرار الرفض كان نهائياً لا استئناف فيه ولا نقض، ويمكن القول إنه تم طرده وتوبيخه بشكل غير متوقع نهائياً. غادر العريس المنزل حزيناً، مكتئباً، علامات الحزن ترتسم على قسمات وجهه، شعر بخيبة أمل كبيرة وهو يخرج من المنزل خالي الوفاض. أما من جانب الأسرة فقد انتهى هذا الموضوع وأغلق تماماً، لكن من جانب «العريس المرفوض» لم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ لم يرض بالإهانة الشديدة التي تعرض لها، فقرر أن ينتقم من الأسرة جميعاً، كان يتحين كل فرصة لمضايقة أفراد الأسرة أو التحرش بأحد أفراد العائلة.
طعنات قاتلة في قلب الصديق
بدأ فاصل من المشاحنات والمشادات العنيفة بين الصديقين لأول مرة، حتى طلب المجني عليه من المتهم قطع علاقة الصداقة بينهما نهائياً، كما طالبه بعدم التعرض لأسرته أو شقيقته وإلا ستكون العواقب وخيمة.
لم يكترث المتهم بهذه التهديدات، كان مثل المريض الذي لا دواء له سوى الزواج من هذه الفتاة التي اختارها قلبه، لم يُصن العشرة وحقوق الصداقة، ولم يحترم رغبة العروس في رفضها له، حاول التواصل معها مرة أخرى وإغراءها بالمال والعطايا والميزات المختلفة لكنها كانت تصده بشدة، عندما علم شقيق الفتاة بالمضايقات التي تتعرض لها شقيقته، توجه على الفور إلى صديقه السابق فنهره بشدة، ثم ارتفعت الأصوات ونشبت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة عنيفة قام على إثرها (العريس المرفوض) بتوجيه طعنة قاتلة إلى قلب صديقه أسقطته أرضاً غارقاً في دمائه. دقائق عصيبة شهدها أهالي المنطقة وهم يشاهدون المجني عليه يسقط أرضاً غارقاً في دمائه وقد خارت قواه، تعالت الصرخات والاستغاثات،
حمل الأهالي المجني عليه على الفور وتوجهوا به إلى مستشفى في القاهرة في محاولة يائسة لإنقاذه لكن كل شيء انتهى، أكد أطباء الاستقبال أن الطعنة كانت نافذة قاتلة أودت بحياته قبل الوصول إلى المستشفى.
مفاجأة في اعترافات المتهم
من جانبهم نجح الأهالي في السيطرة على المتهم وإبلاغ رجال الشرطة الذين حضروا على الفور وألقوا القبض على المتهم القاتل.
وقف المتهم أمام النيابة العامة بمنتهى الثبات، كان يبدو متزناً نفسياً وعصبياً، لكن ما فعله كان يؤكد عكس ذلك تماماً. جريمة كان الدافع فيها هو الحب والمحرض الأول والأساسي فيها هو قلبه، قال المتهم في اعترافاته أمام النيابة أنه ظن علاقة الصداقة التي جمعته بالمجني عليه تشفع له عند شقيقته، لكن بمجرد أن قرر الارتباط الرسمي بأحد أفراد عائلته تغيرت المعاملة تجاهه تماماً وكأنه شخص لا قيمة له، فشعر بالإهانة، ودفعه هذا الفتور في العلاقة إلى التجرد من كل معاني الشفقة والرحمة حتى ارتكب جريمة حمقاء. كان يظن في البداية أنها مجرد مغامرة سوف تحقق له ما سعى لأجله، لكن النهاية كانت مؤسفة ودرامية وانتهت بجريمة قتل بشعة دفع ثمنها غالياً.
انتهت اعترافات المتهم بقتل صديق عمره انتقاماً من شقيقته، حيث أمرت النيابة العامة بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات الجارية معه لحين ورود كافة تحريات رجال المباحث الجنائية والاستماع لشهادة الشهود.