12 يناير 2023

قصر القنصلية المصرية في بيبيك.. أحد أجمل قصور إسطنبول

صحافية ومترجمة مصرية

قصر القنصلية المصرية في بيبيك.. أحد أجمل قصور إسطنبول

على خليج بيبيك، أحد أجمل الخلجان المطلة على مضيق البوسفور، يوجد قصر بيبيك أو قصر "الوالدة باشا"، والذي يعتبر واحداً من أجمل وأشهر القصور في مدينة إسطنبول. فما هو سبب شهرة هذا القصر وكيف آلت ملكيته إلى الحكومة المصرية؟ وما السر وراء تسميته بعدة أسماء أخرى مثل "قصر الخديوي"، و"قصر أمينة هانم إلهامي"، ثم أخيراً "قصر القنصلية المصرية"؟

تعرفوا مع "كل الأسرة" إلى تاريخ هذا القصر ذي التصميم الاستثنائي الرائع، والذي مر على بنائه أكثر من 150 عاماً:

قصر القنصلية المصرية في بيبيك.. أحد أجمل قصور إسطنبول

السلطان عبد الحميد الثاني يشتري القصر

في عام 1894، اشترى السلطان عبد الحميد الثاني هذا القصر من ورثة محمد أمين علي باشا، مقابل 15 ألف ليرة تركية ذهبية، وعند تولي الخديوي عباس حلمي الثاني حكم مصر، أهداه إياه السلطان عبد الحميد ليكون مقراً مريحاً له عند زيارته لإسطنبول. لكن الخديوي أمر ببناء قصر آخر له على الجانب الأسيوي بعد عدة سنوات، وأهدى هذا القصر إلى والدته الأميرة أمينة هانم إلهامي، زوجة الخديوي توفيق، وابنة إلهامي باشا ابن الخديوي عباس حلمي الأول.

قصر القنصلية المصرية في بيبيك.. أحد أجمل قصور إسطنبول

سبب تسمية القصر بقصر "الوالدة باشا"

كانت الأميرة أمينة إلهامي، تعرف بلقب "الوالدة باشا"، كونها أم الخديوي، ومن هنا جاءت تسمية القصر بهذا الاسم. كما كانت تعرف أيضاً بـ "أم المحسنين" لشدة كرمها واهتمامها بتحسين أحوال الفقراء وتبرعاتها العديدة من أجل العمل الخيري. وكانت الوالدة باشا تذهب للمصيف كل عام في قصر بيبيك، حتى وفاتها في 12 ديسمبر 1931.

قصر القنصلية المصرية في بيبيك.. أحد أجمل قصور إسطنبول

بني القصر على يد أمهر المعماريين الإيطاليين

تم بناء القصر، في أواخر القرن التاسع عشر، على يد المهندس المعماري الإيطالي رايموندو ديرانكو، على طراز الـ "آر نوفو" أو "الفن الحديث"، وهو يعتبر من أروع القصور المتواجدة على ضفاف البوسفور، والتي تمثل هذا الطراز المعماري. ويقع القصر في شارع جودت باشا بمنطقة بيبيك ذات الإطلالات الرائعة على مضيق البوسفور، لذلك يمكنك مشاهدة القصر بتفاصيله المعمارية المذهلة وشرفاته الأنيقة عند قيامك برحلة بحرية في المضيق.

رفع ورثة أمين علي باشا قضية لاسترداد القصر

بعد إنهاء الخلافة العثمانية وإعلان الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، تم نفي آل عثمان إلى خارج البلاد وتمت مصادرة أملاكهم عام 1924. عندها حاول ورثة محمد أمين علي باشا، الذين اشترى منهم السلطان عبد الحميد الثاني القصر لعدم قدرتهم على تغطية نفقاته، اللجوء إلى القضاء زاعمين أن المبلغ الذي تم بيع القصر به للسلطان كان ضئيلاً وأنهم لم يتمكنوا من التفاوض أو مناقشة السعر آنذاك. إلا أن محامي "الوالدة باشا" تمكنوا، بعد صولات وجولات قانونية حامية في المحاكم التركية، من إثبات أحقية الأميرة أمينة هانم إلهامي في ملكية قصر بيبيك.

قصر القنصلية المصرية في بيبيك.. أحد أجمل قصور إسطنبول

وصية "الوالدة باشا"

بعد ذلك الموقف، قررت "الوالدة باشا" بأن تؤول ملكية القصر إلى الحكومة المصرية حال وفاتها، لكي يستخدم كمقر دائم للمفوضية الملكية المصرية، وذلك لكي تضمن بقاء القصر في حوزة الدولة المصرية حتى بعد وفاتها. وإلى وقتنا هذا، لا يزال القصر مملوكاً للحكومة المصرية ولا يزال يستخدم كمقر للقنصلية المصري.. كما أوصت الوالدة باشا قبل قرابة المئة عام.

قصر القنصلية المصرية في بيبيك.. أحد أجمل قصور إسطنبول

استمتعوا بمشاهدة القصر عبر رحلة بحرية في البوسفور

للقصر ثلاث واجهات تطل مباشرة على مضيق البوسفور بمياهه الزرقاء المتلألئة على البحر، وواجهة تطل على شارع جودت باشا الرئيسي. وقد برع المهندس الإيطالي رايموندو ديرانكو الفذ في تصميم شرفات القصر وتزيينها بزخارف وتجاويف فنية غاية في الجمال. ويستطيع الناظر إلى واجهة القصر المطلة على البوسفور ملاحظة وجود اسمين من أسماء الله الحسنى يتوسطان أعلى المبنى. وكي يظل القصر محتفظاً بهذا الرونق والجمال، فقد تعاقدت الحكومة المصرية مع شركة صاروهان للإنشاءات من أجل ترميم القصر، وبالفعل استمرت أعمال الترميم على مدار عامين ونصف العام.

وجدير بالذكر أن حي بيبيك يعتبر من أرقى أحياء إسطنبول، ويمكنك قضاء وقت رائع في هذه المنطقة عند زيارتك للمدينة، حيث تستطيع زيارة حديقة بيبيك ذات المناظر الطبيعية الخلابة والتي تمتد ما بين قصر القنصلية المصرية ومسجد بيبيك، وعند دخولك إلى الحديقة ستلاحظ وجود تمثال لشاعر تركي شهير يدعى "فضولي البغدادي" عاش في إسطنبول في القرن السادس عشر، وكتب مطولة "ليلى والمجنون" استناداً إلى قصة الحب الأشهر في التراث الشرقي.