يجب زيارتها! عيون أرغش في لبنان.. برك المياه المعلقة بين الأرض والسماء
فريق كل الأسرة
عيون الماء في لبنان تملأ أنحاءه من جنوبه إلى شماله إلى سهوله، وهي تقيم بكثرة في جباله سواء في أعلاها أو في سفوحها.. تكاد لا تخلو بلدة، تحاذي غرب أو شرق سلاسل لبنان الجبلية، من عين أو أكثر في أراضيها، هي عيون تحلو للناظرين أينما حطّت رحالها، فيما بعضها استحال مقصداً سياحياً في أشهر الصيف وبعض فصل الخريف، لاسيما بما ألحق به وشيّد حوله من منشآت سياحية على اختلافها، فضلاً عن تزنير هذا البعض بمساحات استحالت غابات وبساتين ملأى بشتى أنواع الشجر مثمراً كان أو للزينة.
من أبهى العيون «عيون أرغش»، أو جنة برك المياه الحلوة المعلقة بين الأرض والسماء، وهي قد صارت واحة سياحية وبيئية وطبيعية قل نظيرها في لبنان ومحيطه. لقد باتت مقصداً سياحياً للراحة والاستجمام وهدوء الأعصاب والخلود إلى النفس والطبيعة وتمجيد الخالق على عظمة خلقه وبقعة مؤاتية لكل أنواع الرياضات الجبلية والمناسبات العائلية والاجتماعية.
ترتفع العيون بين 2050 و2150 متراً عن سطح البحر، وهي تنبسط على أعتاب «القرنة السوداء» عند سفوح «سلسلة جبال لبنان الغربية» شمال غرب بعلبك، وتبدو أشبه بسهل في حضن جبل المكمل أعلى الجبال اللبنانية، محاط بأعالي القمم حتى ارتفاع 3090 متراً.
كيف تصل إليها؟
يمكن الوصول إلى عيون ارغش من البقاع أو من بشري في شمال لبنان صعودا إلى أعالي الجبال على ارتفاع حوالى 2750 متراً، ومن تلك الأعالي يطل الزائر على مشهد العيون في سهل محاط بالجبال من جهاته الأربع فيجعل سيره نزولاً في طريق ضيقة وأكواع متعرجة حتى يصل إلى البرك الحلوة، تحت قبة السماء الزرقاء، وحولها شبكة من المطاعم وأشجار الحور والصفصاف والاكاسيا ومساحات مزروعة بالخضار الصيفية.
لماذا سميت بـ"عيون أرغش"؟
وعلى ذمة الأسطورة ورواتها سميت هذه المنطقة بعيون أرغش تيمناً بالحارس اليوناني الكبير أرغوس الذي يقال إن «الأعين» تملأ جسده، ويروى أن اليونانيين سكنوا العيون قديماً وفيها حوالي 48 نبعاً إلا أن 14 نبعاً من بينها تستمر غزيرة على مدار السنة. أما مصدر مياهها فمن ذوبان الثلوج التي تغطي جبل المكمل الذي يضم في باطنه أكبر خزان للمياه الجوفية في المنطقة. وقد صنفت العيون في المرتبة الرابعة عالمياً لمصادر المياه النظيفة.
أهم نبع في عيون أرغش
يعتبر النبع الشمالي أهم نبع في عيون أرغش التي كانت سهلاً لزراعة المشمش والكرز واللوبياء والفاصولياء والتي كان نهر يخترقها وكان أهلها يربون فيها الماشية ويعدون كل أنواع المونة حتى عام 1994 حين أقيمت 6 برك اصطناعية متصلة ببعضها البعض ويبلغ متوسط عمقها ثلاثة أمتار ونصف المتر.
وحسب صاحب أحد المطاعم، ريبال طوق، أن في عيون أرغش حوالي 20 مطعماً و50 منزلاً، ويعيش فيها صيفاً أكثر من 200 شخص ويكثر في الفترة الأخيرة بناء الشاليهات المعدة للإيجار. ويضيف أن عشرات الآلاف كانوا يقصدون العيون بعد ذوبان الثلوج، تحديدا من يونيو حتى منتصف الخريف من كل عام، إلا أن الحركة اقتصرت في العام الجاري على حوالي الربع، وكانت الأكثرية الساحقة للوافدين من المغتربين.
الطقس
طقس العيون جاف لكنه غير قاس أو حاد مما يجعله مناسباً للذين يعانون الربو، وبين أشجار الحور والصفصاف يحلو التنزه وتحضر السكينة في ظل النسيم العليل. ويرفه الزوار عن أنفسهم بالمشي بين الأشجار أو بالسباحة وركوب الجت سكي والتجوال في كل أنحاء البرك بالقوارب والمراكب أو البيدالو. مياهاً، أما براً فهناك كل أنواع الألعاب للأولاد والعربات التي تجرها الحمير أو الخيول والـatv التي يستخدمها الكثيرون للقدوم مجموعات سواء من الأرز أو من فاريا عبر الجبال إلى عيون أرغش، التي هي كذلك واحة مؤاتية للتخييم وممارسة كل أنواع الرياضات والمشي سواء منها باتجاه القرنة السوداء أم بالعكس.
وجهة للمصورين
ويقول طوق لـ«كل الأسرة» إن عيون أرغش باتت مقصداً للمصورين، ويندر أن يكون هناك مصور من لبنان أو من الدول المجاورة لم يزر هذه المنطقة، مشيراً إلى أنه يمكن مشاهدة مجرة درب التبانة أو الدب القطبي بالعين المجردة في ليالي العيون حيث تكون السماء صافية.
وقد يكون من أكثر المغامرات المشوقة في عيون أرغش أن يطير المرء من أعالي منطقة الأرز على ارتفاع 2750 متراً إلى العيون، وهذا ما يقوم به المتمرس بهذا النوع من الرياضة جورج رحمه الذي يطير كذلك من هذه النقطة إلى غابة الأرز الدهرية في بشري.
حكاية شجرة اللزاب
ولشجرة اللزاب حكايتها في أعالي الجبال اللبنانية من اللقلوق إلى تنورين مروراً بعيون أرغش، حيث يعثر الزائر على هذه الشجرة في كل أرجاء العيون ومحيطها، وهي تنمو بدءاً من 1400 متر وتحتاج إلى حوالى 500 عام لتتخذ شكل الشجرة والتي أصبحت من تراث البقاع وعكار.
وقديماً قيل إن اللزاب كان يغطي كل القمم اللبنانية لكن عبث الإنسان أطاح بهذه المساحات الخضراء التي تقاوم كل الصعوبات المناخية وتقلبات الطقس من الثلج إلى الجفاف، والتي تعتبر من أصلب أنواع الأخشاب وقد بنيت منها قديماً البيوت والقصور، والقطران أحد أصنافها.
وفي الأسطورة أن عيون أرغش جزء من مملكة اللزاب التي لا تنمو شجرتها إلا بعد أن يأكل طير الكيخن بذرتها وتتخمر في معدته ثم يرميها أثناء رحلاته الفصلية فوق المنطقة فتقبع حيث تسقط، وعلى الصخر، وتحتاج إلى قرون لتتخذ شكل شجرة!!!
* بيروت: شانتال فخري