16 يناير 2023

موعد غرامي يكلف فتاة آسيوية نصف مليون درهم

فريق كل الأسرة

موعد غرامي يكلف فتاة آسيوية نصف مليون درهم

ادعت فتاة آسيوية أن خروجها في موعد غرامي للتعرف إلى أحد الرجال من أبناء موطنها كلفها سرقة نصف مليون درهم من حسابها البنكي، وذلك إثر تعرضها إلى الخطف من قبل هذا الرجل و4 آخرين.

الفتاة قدمت بلاغاً بحق الرجل والأربعة الآخرين برفقته، ليتم إلقاء القبض عليهم، واتهامهم بجريمة خطفها وسرقة أموالها وتهديدها بالقتل إلا أن القضية كانت تتضمن في تفاصيلها ما يثير «الشك والريبة في روايتها».

تفاصيل القصة، اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكم محكمة الجنايات في دبي التي نظرت في أقوال الفتاة، ورد المتهمين ومحامي الدفاع عنهم.

لقاء عبر «وي شات»

تعود بداية تفاصيل القصة وفق الرواية التي قدمتها الفتاة في تحقيقات النيابة العامة بدبي، إلى أنها تعرفت إلى شخص يعمل في مجال الإعلام عبر برنامج التواصل الاجتماعي «وي شات»، مبينةً أن هذا الشخص أبلغها في أحد الأيام، أن لديه صديقاً يُريد التعرف إليها، وتكوين علاقة بينه وبينها، فوافقت على الخروج معه في موعد غرامي للتعرف إلى بعضهما البعض عن كثب.

تقول الفتاة «وافقت على اللقاء، واتفقت معه على انتظاره في مقر سكني، ثم أرسلت له موقعي عبر الخرائط الإلكترونية، فحضر الساعة 11 والنصف ليلاً».

وأضافت «صعدت إلى سيارته، واتفقنا على أنه سيصطحبني إلى فيلا لشرب الخمر والسهر مع مجموعة من الأصدقاء، وفي الطريق أبلغني أنه سيتوجه لأحد الأسواق ليصطحب فتاة أخرى ستسهر برفقتنا، فلم أُمانع».

تروي الفتاة أنه بعد اصطحاب الفتاة الثانية كان للرجل مُخططات أخرى غير التعرف إليها، مشيرة إلى أنه أقدم على تنفيذ ما وصفته بـ «تمثيلية» تمهيداً لخطفها، حيث تحدث عبر الهاتف مع أحد الأشخاص، وأخذ يدعي أنه «يوجد أشخاص أمام الفيلا التي يقطنها يُريدون خطفه».

بينت الفتاة أن الرجل انطلق بعد المكالمة نحو الفيلا، وحدث ما هو غير متوقع، تقول «فجأة خرج علينا 4 أشخاص، كانوا مُلثمين، وفتحوا باب السيارة، ثم صعدوا إليها، وطلبوا مني ومن الفتاة الأخرى التي لا أعرف اسمها عدم التحدث».

وأضافت«قيدوا أيدينا، وغطوا أعيننا بقماش ثم قادوا السيارة لمدة ساعة ونصف الساعة إلى أن وصلوا إلى إحدى الفلل وأدخلوني والفتاة الأخرى في غرفتين مُنفصلتين».

تشير الفتاة إلى أنه أثناء تواجدها في الغرفة التي عزلها الخاطفون فيها، تحدثوا معها وهي معصوبة العينين، وطلبوا منها تزويدهم بالرقم السري لهاتفها النقال، والرقم السري لتطبيقها البنكي، لكنها رفضت تسليمهم الأرقام السرية، فبدأوا بتهديدها في حالة عدم إجابة طلبهم بـ«خدش وجهها وتشويهها وقتلها»، مبينةُ أنها خافت على حياتها فأعطتهم الأرقام السرية.

تؤكد الفتاة أن الخاطفين استخدموا التطبيق البنكي الخاص بحسابها في موطنها لتحويل ما يقارب نصف مليون درهم إلى حسابات أخرى، ثم احتجزوها في الغرفة لمدة يومين إلى أن تأكدوا من وصول المبلغ المالي إلى حساباتهم.

وتواصل الفتاة «بعد احتجازي لمدة يومين، اصطحبوني في سيارة ثم أنزلوني في إحدى المناطق، وطلبوا مني عدم تقديم بلاغ بدعوى أنهم سيعيدون المبلغ المالي لي».

لفتت الفتاة إلى أنه بعد يومين من الواقعة حضر إليها الشخص الذي خرجت معه في الموعد الغرامي، والذي ساعد على خطفها، وسلمها مبلغ 20 ألف درهم ثم طلب منها الانتظار من أجل رد مالها، لكنه والخاطفون معه لم يفعلوا ذلك، فقدمت بلاغاً عن خطفها بعد شهرين من حدوث الواقعة.

بعد تقديم البلاغ من قِبل الفتاة، تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على الشخص الذي خرج معها بالموعد الغرامي، والأربعة الذين ذكرت أنهم شاركوه في عملية خطفها، وسرقة المبلغ المالي من حسابها.

4 تهم جنائية للخاطفين

بناءً على رواية الفتاة، رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق الخمسة إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات بـ 4 تهم جنائية، أولاها تهمة «خطف المجني عليها»، فيما التهمة الثانية فكانت «حجز المجني عليها وتقييد حريتها لمدة يومين في فيلا»، في حين أن التهمة الثالثة فتمثلت في «سرقة نصف مليون درهم بالإكراه منها». وأما التهمة الرابعة، فكانت تتمثل في «تهديد المجني عليها بارتكاب جريمة ضد نفسها، بأن أبلغها الخاطفون بأنهم سوف يقتلونها ويشوهونها في حال عدم إعطائهم الرقم السري الخاص بحسابها البنكي».

جميع هذه التهم تصل أعلى عقوبة فيها إلى السجن المؤبد حيث إن المادة 395 الخاصة بتهمة الخطف لوحدها تنص ضمن بنودها «ثانياً وثالثاً وسادساً» من مرسوم قانون الجرائم والعقوبات، على أنه «يعاقب بالسجن المؤقت من خطف شخصاً أو قبض عليه أوحجزه أو حرمه من حريته بأية وسيلة بغير وجه قانوني، سواء كان ذلك بنفسه أو بواسطة غيره وتكون العقوبة السجن المؤبد، إذا ارتكب الفِعل بطريق الحيلة أو صحبة استعمال القوة أو التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو أعمال تعذيب بدنية أو نفسية، وإذا وقع الفعل من شخصين فأكثر أو من شخص يحمل سلاحاً، وإذا كان الغرض من الفِعل الكسب أو الانتقام أو اغتصاب المجني عليه أو الاعتداء على عرضه أو إلحاق أذى به أو حمله على ارتكاب جريمة».

أنكر المتهمون الخمسة منذ إلقاء القبض عليهم وفي التحقيقات وأمام المحكمة التهم الموجهة إليهم، مؤكدين عدم خطفهم للمجني عليها أو حجزها أو سرقة مالها أو تهديدها بالقتل، فيما أكد أحدهم أن للفتاة في ذمته مبلغاً مالياً لكنه لم يخطفها.

رواية مشكوك فيها

وقدم محامي المتهمين مذكرة دفاع، أكد فيها عدم معقولية الرواية التي سردتها الفتاة، مُتسائلاً «هل من المعقول أن تتعرض فتاة إلى الخطف وسرقة نصف مليون درهم منها، وتقدم بلاغاً بعد شهرين عن الواقعة!».

شدد المحامي على أن تراخي الفتاة في تقديم البلاغ لمدة شهرين دليل على عدم صحة أقوالها، وأن روايتها بتفاصيلها مُتناقضة وكيدية بحق المتهمين، مطالباً ببراءتهم عن التهم الموجهة إليهم.

البراءة للمتهمين

نظرت محكمة الجنايات القضية، ورأت أنه بعد استعراضها وإحاطتها بظروف الدعوى وبأدلة الإثبات والنفي، أن هناك ريبة في صحة عناصر إثبات الجريمة بحق المتهمين، لعدم اطمئنانها لشهادة المجني عليها التي جاءت مُرسلة، ولتراخيها لمدة شهرين في الإبلاغ عن الواقعة.

كما ورأت المحكمة أن إقرار أحد المتهمين بوجود مبالغ مالية لديه تخص المجني عليها ليس دليلاً على ارتكابه واقعة الخطف، مبينةً أن أوراق القضية جاءت خالية من أي دليل آخر ضد المتهمين بعد اعتصامهم بإنكار الجريمة منذ فجر الدعوى وبالتحقيقات وأثناء المحاكمة، الأمر الذي يحيط الواقعة برمتها بظلال كثيفة من الشك.

وقضت المحكمة ببراءة المتهمين من التهم الموجهة إليهم، مؤكدة أن «قرارات المحاكمات الجزائية تُبنى على الجزم واليقين الذي يُثبته الدليل المُعتبر ولا يُؤسس على الظن والاحتمال والشك».