الفائزون والخاسرون في جوائز الـ"غولدن غلوبز"
كان الحفل الخاص بتوزيع جوائز "غولدن غلوبز" الذي أقيم الأسبوع الماضي في فندق بيفرلي هيلتون في مدينة لوس أنجيلس، تحدياً لوضع صعب خاضته «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» وأشرنا إليه سابقاً. وضع تمحور حول اتهامات بعضها، صحيح، وأغلبها تجنٍ واضح، وكاد أن يقضي على هذه الجمعية التي طالما اعتبرت ثاني جوائز المناسبات السينمائية السنوية بعد الأوسكار.
حفل «الغولدن غلوبز» هو أيضاً بداية طريق صوب مستقبل غير محدد. العقد المبرم بين محطة NBC والجمعية لنقل وقائع الحفل انتهى مع إسدال الستار على احتفال يوم أول أمس. هل ستعمد المحطة إلى تجديد العقد؟ هل ستتنافس على الفرصة محطات أخرى؟ الأرقام المنتظرة ستكون بمثابة الفيصل في هذا الشأن. إن ارتفعت بقيت الجمعية على الهواء المباشر، وإذا لم تفعل، تحوّلت إلى خبر صحفي مكتوب.
تجنباً لنهاية وخيمة كهذه، قامت جمعية الصحافة الأجنبية برفع عدد المنتسبين ليصبح 96 عضواً (زيادة طفيفة على ما كان الوضع عليه)، ثم قبول تصويت 103 من غير الأعضاء من نقاد وصحفيين عالميين، ذلك أن أحد الاتهامات التي تداولتها بعض الجهات الإعلامية هو أن الجمعية تشبه نادياً خاصاً بعدد محدود من الأعضاء، ما يعني أن جوائز «غولدن غلوبز» ليست بتلك الأهمية تماماً.
ومن لبّى الدعوة وحضر المناسبة (التي حملت الرقم 80 منذ بداية المناسبة إلى اليوم)، أعلن بطريقة غير مباشرة رضاه عن التوجّه الاحترافي الجديد للجمعية وشاركها رغبتها في فتح صفحة جديدة وأكثر جدية. نتيجة التحدي أن الحفل لم يخل من وجوه وأسماء الصف الأول من الممثلين والمخرجين، سواء من بين المرشحين أو من بين المقدمين: أوستن بتلر (الممثل الأول في Elvis)، وهيو جاكمان (عن The Son)، ووراف فاينس (The Menu)، وأوليفيا كولمن (Empire of the Light)، وميشيل يوه (Everything Everywhere all at Once)، وعشرات آخرين، وبذلك فإن جدار المقاطعة الهوليوودية المعلنة سابقاً تهاوى بكامله أو في معظمه.
ما عزز رغبة هوليوود في قبول عودة الجمعية إلى أحضانها قيام المخرج ستيفن سبيلبرغ بقبول دعوة الحضور، ما جعل استقطاب الأسماء الكبيرة الأخرى أسهل مما بدا عليه الأمر قبل أشهر قليلة.
فيلم سبيلبرغ الجديد The Fablemans كان العمل الذي انتزع جائزة غولدن غلوب كأفضل فيلم درامي. جاوره في نطاق جائزة أفضل فيلم كوميدي، «جنيّات إنشِرين» الأيرلندي للمخرج مارتن مكدونا، وفي حين خرجت ميشيل يوه بغولدن غلوب أفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو ميوزيكال عن «كل شيء كل مكان كله في وقت واحد» نال البريطاني كولِن فارل الجائزة ذاتها في المسابقة الرجالية. من بين الفائزين في الدراما أوستن بتلر عن «ألفيس»، وكايت بلانشت عن Tár. جميع هؤلاء كانوا من بين من لم يتأخر عن قبول دعوة الحضور، وكذلك حضر الممثل إيدي مورفي الحفل، حيث منح جائزة سيسيل ب. دَميل الخاصة.
على صعيد الفيلم الكوميدي أو الموسيقي، فإن المنافسة الكبيرة كانت متساوية بين «جنيّات إنشِرين» لمارتن مكدونا، وبين «بابلون» لداميان شازيل. فوز مكدونا مستحق لأن البساطة التي تحرّكت فيها وبها أحداث فيلمه، لم تكن إنجازاً سهلاً. ومن بين الأفلام المشتركة في هذه المسابقة (الثلاثة الأخرى هي «كل شيء...» و«غلاس أونيون: لغز سكاكين مسلولة» Glass Onion: Knives Out Mystery
و«مثلث الحزن» Triangle of Sadness وهو إنتاج شاركت فيه عشر دول أولها السويد ، لم يكن هناك ما جاوز «جنيّات إنشِرين» مناعة وبراعة.
أدوار أولى ومساندة
وبينما نالت كيت بلانشيت جائزة أفضل ممثلة في دور درامي عن دورها البارع في Tár عنوة عن ميشيل وليامز، عن «ذا فابلمانز»، وآنا دي أرماس (Blonde) وأوليفيا كولمن «إمبراطورية الضوء»، وفيولا ديفيز (The Woman King)، فضل المصوّتون أن تذهب جائزة أفضل ممثل في دور درامي إلى الوجه الجديد أوستن بتلر. فوزه أطاح جهود جيريمي بوب (عن The Inspection)، وبيل ناي (Living)، وهيو جاكمن (The Son)، وخصوصاً برندان فريزر عن «الحوت» الذي لم يكن فقط الفيلم الذي أقبل عليه فرايزر بحماس كبير فأضاف إلى وزنه، ليجسد شخصية الأستاذ البدين الذي لا يوجد في الأفق ما سيساعده على وقف نهمه للطعام فقط؛ بل كان بمثابة فيلم العودة إلى الأضواء بعد غياب.
رجالياً، في سياق أفضل ممثل في فيلم كوميدي، جاء أداء كولِن فارل في «جنيّات إنشِرين» متماسكاً ورصيناً (أفضل من العديد من أداءاته السابقة) وساعدته طبيعة الفيلم السهلة والممتنعة في تجسيد الدور من دون هفوات.
حين الانتقال إلى الأدوار المساندة (حيث لا تفريق بين أفلام درامية أو كوميدية) خرجت أنجيلا باسيت بالجائزة عن دورها في . بلاك بانثر ، لم يكن فوزاً سهلاً إذ جاورتها في المنافسة كيري كوندون عن أدائها الملحوظ في «جنيّات إنشِرين»، وكاري موليغن عن دورها في «هي قالت» (She Said). جايمي للي كيرتس كان حضوراً كوميدياً لافتاً في «كل شيء. كل مكان» كذلك دولي دي ليون في «مثلث الحزن».
رجالياً كذلك، نال الغولدن غلوب كأفضل ممثل مساند كي هاي كوان عن «كل شيء..»، لكنه لم يكن في الواقع أفضل من برندان غليسون في «جنيّات إنشِرين» أو براد بت في «بابلون» أو إيدي ردماين عن «الممرض الجيد» (The Good Nurse).
في مجال الإخراج خطف سبيلبرغ الجائزة عن «ذا فابلمانز»، كما ذكرنا، تاركاً منافسيه يستنشقون غبار الهزيمة وهم جيمس كاميرون، ودانيال كواين مع دانيال شاينرت (مخرجا «كل شيء»)، وباز لورمان عن «ألفيس» (الذي كان للمصادفة أفضل أفلامه من «مولان روج» وصاعداً). منافس قوي آخر إلى جانب كاميرون ضد سبيلبرغ كان مارتن مكدونا عن فيلمه الأيرلندي المذكور.