تمكنت صديقتان من سرقة مبلغ مالي من رجل بعد أن استدرجته إحداهما إلى مقر سكنهما (شقة)، بدعوى تقديم خدمة «مساج» خاصة له بعد منتصف الليل. الصديقتان استغلتا انفرادهما بالرجل، لتُقدما على السيطرة عليه وتقييده ثم أخذ بطاقته البنكية وسحب مبلغ مالي عبر أحد أجهزة الصراف الآلي، إلى جانب سرقة «أُجرة» خدمة المساج التي لم يتم تقديمها له.
الرجل الذي هو ضحية في قضايا «البحث عن المساج»، روى في تحقيقات النيابة العامة في دبي التي اطلعت عليها «كل الأسرة»، تفاصيل ما حدث معه منذ بداية التعرّف إلى إحدى الصديقتين وما حدث في داخل شقتهما.
خدمة "مساج".. والموقع حسب خرائط "جوجل"
في أحد الأيام كان الرجل يتصفح أحد برامج التعارف المتوفرة على الشبكة العنكبوتية، فتعرف إلى إحدى الصديقتين فأبلغته أن اسمها «ك» وأنها أوروبية الجنسية، وترغب في التعرّف إليه عن كثب، كونهما مقيمين في دبي. تبادل الاثنان الأرقام الهاتفية، وباتا يتحدثان عن طريق «واتساب»، وبعد مدة بسيطة من الزمن أبلغت الفتاة الرجل بأنها تعمل في مجال تقديم خدمة «المساج»، وعرضت عليه تقديم هذه الخدمة له مقابل دفع 600 درهم.
تمكنت الفتاة من إقناع الرجل عبر الادعاء أنها ستقدم خدمة «المساج» الخاصة له في شقتها الشخصية التي تقطنها في إحدى المناطق الراقية، ما أسهم في موافقته على عرضها، فأرسلت له على الفور موقع شقتها عن طريق تطبيق خرائط «جوجل»، وطلبت منه الحضور عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل. وبالفعل كانت استجابته سريعة فتوجه إلى مقر سكنها في الموعد المحدّد.
فتاة أفريقية بدل الأوروبية
يروي الرجل في التحقيقات تفاصيل ما حدث في اللقاء الأول مع الفتاة، حيث يقول: «عند وصولي إلى البناية، اتصلت بها فطلبت مني الصعود إلى الشقة، طرقت الباب، ففتحت لي فتاة إفريقية، فاعتقدت أنها خادمة لدى الفتاة الأوروبية التي وعدتها بالحضور لشقتها من أجل المساج».
وأضاف: «دخلت الشقة فأغلقت الفتاة «الخادمة» الباب ثم طلبت مني الدخول إلى غرفة داخل الشقة بحجة أنها هي من ستعمل لي المساج، وليست الفتاة التي واعدتها بالحضور».
وتابع: «بعد ذلك خرجت فتاة إفريقية أخرى من دورة المياه، وكانت قادمة من خلف ظهري، وبشكل سريع أمسكت بي بقوة، فلم يعد باستطاعتي المقاومة أو الحركة».
في تلك الأثناء أدرك الرجل تعرّضه لعملية خداع واحتيال، لكن بعد فوات الأوان، فقد تمكنت الفتاتان (صديقتا السوء) من مهاجمته في الشقة، وإحكام قبضتهما عليه، ومنعه من الحركة ثم العمل على تقييده بمفردهما. فتشت الفتاتان محفظة الرجل فعثرتا بها على 600 درهم فاستوليتا عليها، ثم عثرتا على بطاقة بنكية «فيزا كارد» فاستخدمتاها لسرقة مزيد من أمواله.
يقول الرجل: «أمرتني الفتاتان بالتحدث من هاتف لهما مع أحد الأشخاص فأخذ يُهدّدني بأنه إذا لم أُعط الرقم السري للبطاقة البنكية للفتاتين فسيحضر بنفسه ويعتدي علـيّ بالضرب». وتابع: «انتابني شعور الخوف من إيذائهم لي، فأعطيت الفتاتين الرقم السري للبطاقة، ومن ثم أخذتها إحداهما وخرجت لمدة نصف ساعة تقريباً، وبعد ذلك عادت وسلمتني البطاقة ثم طلبتا مني المغادرة فوراً».
وأضاف: «احتجزتني الفتاتان في الشقة لمدة ساعت ين ونصف الساعة، وبعد المغادرة اكتشفت أن التي أخذت البطاقة توجهت إلى الصراف الآلي، وسحبت مبلغ 4 آلاف درهم على دفعتين».
بلاغ للشرطة.. والفتاة تتهرب: لست أنا
بعد تعرّضه لعملية النصب والاحتيال، لم يكن أمام الرجل سوى اللجوء إلى الشرطة، فقدم بلاغاً بالواقعة، بينما باشرت الشرطة التحقيق في القضية والبحث عن الفتاتين «المحتالتين». أظهرت التحقيقات أن الشقة لا يوجد بها أحد، وأنها كانت مستأجرة لمدة قصيرة، وأن التي استأجرتها فتاة إفريقية تدعى «ك»، وعلى الفور بدأت عملية البحث عنها إلى أن تمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليها.
ادعت الفتاة في التحقيقات أنها لم تستأجر الشقة، متذرعة بأن «هناك من استخدم جواز سفرها في استئجار الشقة، وألاّ علاقة لها بالأمر لا من قريب أو بعيد». حاولت الفتاة التهرب من المسؤولية بكل إمكانياتها، وبعد تيقنها أن أمرها كُشف عدلت عن أقوالها ثم راوغت مرة أخرى محاولة حماية صديقتها، وادعت هذه المرة «أن صديقتها التي لا تعرف اسمها، أو بياناتها، أو عنوانها هي من أقدمت على استخدام جواز سفرها في استئجار الشقة».
جميع محاولات الفتاة للتهرب من الجريمة باءت بالفشل، فقد عُرضت على المجني عليه في طابور التشخيص الشرطي، فتعرف إليها فوراً، وأكد أنها هي من استدرجته إلى الشقة وسرقت ماله. وبعد إثبات تورطها تمكّنت الشرطة من إلقاء القبض على صديقتها، وعرضتها أيضاً على المجني عليه، فأكد هويتها وأنها التي هاجمته من الخلف، وأخذت بطاقته الائتمانية ثم خرجت من الشقة وسحبت المال.
لائحة اتهام والسجن عام
رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق الصديقتين إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، بتهمة «حجز المجني عليه في شقتهما بلا وجه قانوني، بعد استدراجه إليها عن طريق الحيلة واستعمال القوة، وتقييد حركته، لغرض الكسب المالي».
وطالبت النيابة العامة بتطبيق المادة 395 ضمن بنودها «ثانياً وثالثاً وسادساً»، من مرسوم قانون الجرائم والعقوبات في معاقبة الصديقتين، حيث تنص على أنه «يعاقب بالسجن المؤقت من خطف شخصاً أو قبض عليه أوحجزه أو حرمه من حريته بأي وسيلة بغير وجه قانوني، سواء كان ذلك بنفسه أو بواسطة غيره، وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا ارتكب الفِعل بطريق الحيلة أو صحبة استعمال القوة، أو التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو أعمال تعذيب بدنية أو نفسية، وإذا وقع الفعل من شخصين فأكثر أو من شخص يحمل سلاحاً، وإذا كان الغرض من الفِعل الكسب أو الانتقام أواغتصاب المجني عليه، أو الاعتداء على عرضه أو إلحاق أذى به أو حمله على ارتكاب جريمة».
كما وجّهت النيابة العامة للصديقتين تهمتي «الاستيلاء على 4 آلاف درهم للمجني عليه من خلال بطاقته البنكية، وسرقة 600 درهم منه نقداً، إلى جانب تهمة استخدام بطاقته البنكية دون رضاه»، والمعاقب عليهما بالسجن أيضاً.
إثر توافر الدلائل الدامغة ضد الصديقتين، أصدرت محكمة الجنايات في دبي حكماً بحبسهما لمدة عام واحد، مع إبعادهما عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم في السجن، وذلك بعد أن قررت أخذهما بقسط من الرأفة والرحمة.