18 مارس 2023

في عامين.. موظف راتبه 3400 درهم يجمع نصف مليون درهم

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

في عامين.. موظف راتبه 3400 درهم يجمع نصف مليون درهم

تمكّن موظف آسيوي في إحدى الشركات الخاصة من جمع ما يزيد على نصف مليون درهم بعد عمله فيها لنحو عامين، وذلك على الرغم من أن راتبه 3400 درهم.

المبلغ الكبير الذي جناه الموظف خلال فترة وجيزة من عمله في الشركة، وظهوره بمظهر مختلف عن أقرانه ممن يعملون في المستوى المادي ذاته، أسهم في وضع كثير من الاستفسارات حول السر الذي يخفيه عن زملائه ومديره في العمل.

وفقاً لحسابات الشركة، فإن الراتب الإجمالي للموظف يصل خلال عامين إلى 81 ألفاً و604 دراهم، وإذا ما دفع من راتبه إيجار سكنه وشراء بعض المقتنيات والاحتياجات الغذائية، فإن المبلغ سيفقد أكثر من ثلث قيمته، وهو ما لا يمكن أن يجعله يعيش حياة «مرفهة» ويرتدي ملابس من ماركات عالمية.

السر الذي يقف وراء الموظف وقصته، اطلعت عليه «كل الأسرة» من قضية جنائية سجلت باسمه، أمام الهيئة القضائية في محكمة الجنايات في دبي.

محاسب الشركة يسرق أموالها

بدأت تفاصيل القصة عندما التحق «ن.ش» البالغ 46 عاماً، بشركة خاصة تعمل في مجال التجارة العامة، وعُيّـن محاسباً للشركة يشرف على كافة حساباتها الداخلية والخارجية، وحصل على الثقة من مديرها.

أعطى مدير الشركة ثقته العمياء للموظف الجديد على اعتبار أنه من موطنه، ولن يخذله في الحفاظ على الأمانة الملقاة على عاتقه، وسلّمه كافة المستندات والوثائق المطلوبة من أجل ممارسة مهامه المالية بالكامل، دون أن يتدخل أحد في ما يقوم به.

وبالفعل باشر الموظف مهامه بشكل طبيعي، وكان يدير كل ما يتعلق بأمور الشركة إلى أن أصبح متحكّماً في الأمور المحاسبية والمصروفات والمدفوعات، لكن أحواله المالية تغيرت بشكل كبير وبسرعة فائقة لفتت أنظار جميع زملائه في العمل، ممن باتوا يتعجبون من أين يجني المال، بينما بدأ مدير الشركة في عام 2022 يشعر بأن هناك خطباً ما يدور خلف هذا الموظف.

يقول المدير الذي هو أيضاً شريك في شركة التجارة: «عيّنا الموظف محاسباً للشركة التجارية، ومع الوقت منحناه صلاحية إدارة حسابات الشركة وكامل المجموعة التجارية براتب شهري قدره 3400 درهم، وأعطيناه كل الثقة، لكن أحواله المادية المتغيرة سريعاً طرحت الاستفهامات حوله».

قررت الشركة أن تجري تدقيقاً داخلياً على حساباتها وموجوداتها عن طريق النظام الحسابي لها، بعد أن شعرت بأن هناك خطباً ما يحدث خلف هذا الموظف.

شركة التدقيق: فواتير «مفبركة»

تعاقدت الشركة مع شركة خارجية لإجراء تدقيق داخلي، وبالفعل حضر موظفوها وباشروا العمل على جرد ومراجعة كافة الملفات المتعلقة بالخدمات المقدمة من قبل الشركة، والمبالغ المالية الداخلة إلى الحسابات، والمصروفات التي تخرج من الخزينة. تمكنت شركة التدقيق خلال عملها داخل الشركة من كشف ما أسمته «وجود مخالفات مالية في عملية إدراج المبالغ المالية في خزينة الشركة»، وأكدت «أن هناك تلاعباً بحسابات الشركة من قبل الموظف».

أوضحت شركة التدقيق في تقريرها المحاسبي «أن الموظف نفّذ معاملات غير مصرح بها، من خلال تقليل وإنقاص كمية العناصر المبيعة من بضائع موجودة في المخازن والاستحواذ على قيمتها دون وجه حق».

عملت شركة التدقيق أيضاً على جرد كافة محتويات المخازن وقيمتها السوقية، وأكدت في تقريرها المحاسبي «أن الموظف تمكّن من إجراء تعديلات على إشعارات استلام البضائع، وحرر فواتير بيع مفبركة ثم استلم المبالغ، وأودعها في حساباته البنكية الخاصة». وخلص التقرير المحاسبي إلى أن الموظف تمكّن من اختلاس 578 ألفاً و706 دراهم و16 فلساً منذ التحاقه بالعمل في الشركة، عبر التلاعب بالنظام المحاسبي والمدفوعات والمقبوضات النقدية وإدخالات الدفع على النظام المحاسبي.

وبناء على تقرير شركة التدقيق، قرر مدير شركة التجارة أن يقاضي الموظف المخادع فتوجّه إلى مركز الشرطة وفتح بلاغاً بحقه، مرفقاً كافة المستندات والتقارير، بينما ألقت الشرطة القبض على الموظف وأحالته إلى النيابة العامة في دبي.

كيف استغل المحاسب صلاحياته؟

أثناء مواجهته بما فعل، أكد الموظف «أنه يعمل في الشركة محاسباً ويحصّل المبالغ المالية من العملاء، ومن ثم يورّدها إلى خزنة الشركة لذلك استغل الصلاحيات الممنوحة له وسرقة المال»، وشرح كيف فعل ذلك بقوله: «كنت أبيع بضائع الشركة وهي عبارة عن مواد بناء لشركات أخرى تعمل أيضاً في مجال التجارة، وبعد تحصيل أموالها أستولي عليها لمصلحتي الشخصية دون علم مدير الشركة».

النيابة: مختلس يستحق العقاب

الاعتراف الصريح وتوافر مستندات الإدانة، دفع النيابة العامة إلى رفع لائحة اتهام بحق الموظف إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات بتهمة «اختلاس مبلغ 578 ألفاً و706 دراهم و16 فلساً العائد للشركة، والمسلم إليه على وجه الوكالة، إضراراً بصاحب الحق عليه».

وطالبت النيابة العامة بمعاقبة الموظف عملاً بالمادة 453 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021، بإصدار قانون الجرائم والعقوبات الذي ينص على أنه «يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من اختلس أو استعمل أو بدّد مبالغ أو سندات أو أي مال آخر منقول إضراراً بأصحاب الحق عليه متى كان قد سلم إليه على وجه الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو الوكالة».

كما طالبت النيابة العامة بتطبيق المادة 126، البند أولاً، من قانون الجرائم والعقوبات بحق الموظف، والتي تنص على أنه «إذا حكم على أجنبي في جناية بعقوبة مقيدة للحرية، وجب الحكم بإبعاده عن الدولة».

حبس وغرامة وإبعاد

نظرت محكمة الجنايات القضية ورأت في منطوق حكمها أن الموظف «استغل عمله لدى الشركة المجني عليها بمهنة محاسب، وبمسؤوليته عن تحصيل المبالغ العائدة لها، وتوريدها إلى حسابات الشركة، وأنه نظراً لحاجته للمال تحصل على المال من العملاء، واستولى عليه لنفسه إضراراً بالشركة التي ائتمنته».

ورأت المحكمة «أن أفعاله تأيّدت وثبتت بواقعة الضبط ومن التقارير المحاسبية المرفقة، ومن اعترافه الشخصي في التحقيقات، ومن ثم فقد توافرت كافة أركان ارتكاب جريمة الاختلاس بحقه، والتي يجرّمها القانون».

وختمت محكمة الجنايات منطوق حكمها بالقضاء بمعاقبة الموظف بالحبس لمدة ثلاثة أشهر، وأمرت بتغريمه قيمة المال المختلس كاملاً، وإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم في السجن.

 

مقالات ذات صلة