لا أحد كان ليتخيل أن إمبراطورية «لوي فيتون» الفرنسية العملاقة التي تبلغ قيمتها الحالية مليارات الدولارات، بدأ مؤسسها حياته كمراهق مشرد لا يملك قوت يومه، لم تكن الرحلة التي بدأها لوي فيتون عام 1854 في تأسيس تلك العلامة التجارية الأشهر أبداً بالسهلة؛ بل كانت مملوءة بالعقبات والتحديات، لكن المستحيل أصبح ممكناً بعزيمته وإصراره الاستثنائيين.
تعرفوا مع «كل الأسرة» إلى قصة كفاح مؤسس إحدى أرقى وأشهر الماركات العالمية التي يتبارى لاقتناء منتجاتها الأثرياء والمشاهير.
لوي فيتون.. من أب مزارع فقير
ولد لوي فيتون في الرابع من أغسطس عام 1821، بمدينة «آنكي» الفرنسية، في أسرة فقيرة، حيث كان والده يعمل كمزارع بسيط وكانت والدته تعمل كصانعة قبعات. كان لوي يقضي أغلب وقته في رعاية الماشية بالمزرعة التي كان والده يعمل فيها، إلا أنه لم يكد يبلغ العاشرة من عمره حتى توفيت أمه، الأمر الذي أثر فيه كثيراً ولم يتمكن من تجاوزه بسهولة.
يهرب من المنزل بسبب امرأة أبيه
بعد فترة قصيرة من وفاة والدة لوي تزوج أبوه من امرأة أخرى، لكنها لم تحب الفتى وظلت تسيء معاملته، ما دفع لوي إلى الهروب من المنزل في بداية مرحلة المراهقة، وذلك عندما طفح الكيل به ولم يتمكن من تحمل معاملتها القاسية له.
لوي فيتون.. مشرد ثم عامل يدوي
وجد لوي فيتون نفسه فجأة مشرداً في شوارع باريس بلا مأوى أو مأكل أو ملبس بعد أن هرب من ويلات العيش مع زوجة أبيه، فبدأ يتنقل بين المهن الحرفية المختلفة التي تمرن فيها على العمل اليدوي المتنوع من بعض أمهر الحرفيين. وعلى الرغم من الفرنكات القليلة التي كان لوي يحصل عليها من عمله، إلا أنه تعلم الشغل اليدوي باستخدام عدة خامات طبيعية مثل المعادن والجلود والحجارة والأخشاب.
وظفه صانع حقائب سفر شهير
وفي أحد الأيام، وجد لوي فيتون فرصة عمل لدى أحد صناع حقائب السفر الفرنسيين المعروفين، يدعى «مسيو مارشال»، والذي تعلم منه كيفية صناعة حقائب السفر الكبيرة وإتقانها. وبعد فترة وجيزة، أصبح الزبائن يطلبون من «مسيو مارشال» أن يعمل لوي فيتون على صنع حقائبهم، وكانت تلك نقطة تحول كبرى في حياته.
صنع حقائب السفر الشخصية للإمبراطورة أوجيني
لم يمض وقت طويل حتى ذاع اسم لوي فيتون بين أبناء الطبقة الأرستقراطية الفرنسية، لما عرف عنه من براعته وإتقانه المذهلين في صناعة حقائب السفر، ونال أقصى ما يتمناه أي صانع عندما طلب القصر الملكي من «مسيو مارشال» أن يتولى فيتون تصنيع مجموعة حقائب السفر الخاصة بالإمبراطورة أوجيني زوجة الإمبراطور نابليون الثالث.
نقطة تحول غيرت حياة لوي فيتون
من هنا، فتحت أبواب العمل والشهرة على مصراعيها أمام لوي فيتون، الذي أصبحت حقائبه تطلب بالاسم من أبرز شخصيات المجتمع الفرنسي. وكان عام 1854 هو عام تحول كبير في حياة فيتون، حيث التقى بحب حياته «كليمينس إيميل باريو» وتزوجها، ثم قرر بعدها ترك العمل مع «مسيو مارشال» وتأسيس علامته التجارية الخاصة.
وبالفعل افتتح فيتون أول متجر خاص به لتصنيع وبيع حقائب السفر، كما ابتكر أول مجموعة حقائب سفر مستطيلة الشكل كالصناديق ومصنوعة من قماش «الكانفاس» ولها قفل خاص لمنع السرقة. أصبحت تلك المجموعة المبتكرة من حقائب السفر أحد المقتنيات المهمة ليس فقط للعائلات الفرنسية من الطبقة الراقية، ولكن أيضاً للقصور الملكية من حول العالم.
الحرب بين فرنسا وبروسيا تدمر أحلامه
قرر فيتون أن يوسع خط إنتاجه من خلال إنتاج مجموعة خاصة من حقائب اليد الحديثة للسيدات. لاقت المجموعة الجديدة نجاحاً كبيراً وتهافتت السيدات على شرائها. لكن مع بدء الحرب الفرنسية البروسية، اضطر فيتون إلى إغلاق متجره والهروب إلى أحد الملاجئ مع زوجته وابنه.
أعاد بناء إمبراطوريته بعد انتهاء الحرب
بعد انتهاء الحرب، عاد فيتون إلى مدينته ليجدها محطمة تماماً من جراء الحرب، ويجد معداته قد سرقت ومتجره قد دمر، لكنه لم يكن ليستسلم بسهولة. قرر فيتون وقتها استخدام جميع مدخراته في إعادة تأسيس عمله من جديد، وفي غضون شهور قليلة كان فيتون قد أعاد افتتاح متجره وابتكر تصميماً جديداً كلياً لمجموعة جديدة من حقائب السفر. وبحلول عام 1885، نجح فيتون في افتتاح متجره الأول خارج فرنسا، في العاصمة الإنجليزية لندن.
وفاة لوي فيتون وتولي ابنه إدارة أعماله
بعد توسع إمبراطوريته وذيع صيته في جميع أنحاء العالم وتقدمه في العمر، طلب فيتون من ابنه جورج أن يتولى إدارة أعماله ويباشر العمل في الشركة التي أسسها والده بعد سنوات من الكفاح والصبر والعمل الشاق. وبالفعل تولى جورج إدارة الشركة التي تابعت توسعها ونجاحها في عهده، وكان هو من ابتكر علامة الزهرة التي تميز شعار لوي فيتون تكريماً لذكرى والده الذي وافته المنية عند بلوغ عامه الـ 72.