كل من ربّى مراهقاً أو مراهقة يعرف أي درجة من الصعوبة تتسم بها الحياة اليومية. بين معارضة وانعزال ومخاطرة ونزاعات دفينة أو متفجرة.
فتراه يعيش يومه وهو يصلي أن تنقضي هذه الفترة بسلام أو بالتي هي أحسن. بيد أن كمية التعب أو الإرهاق النفسي التي قد يشعر بها الأهل يجب ألا تقودهم إلى التخلي عن دورهم، بل عليهم أن يستمروا في النصح والعقلنة وفي مساعدة ابنهم أو ابنتهم.
فالمراهق يعيش فورات وثورات هرمونية وبيولوجية ونفسية عميقة. تنمو شخصيته وتتطور، يتغير سلوكه وتتبدل علاقاته الاجتماعية وكثيراً ما يقدّم رفاقه على أهله. وكل هذا طبيعي في الواقع لأن المراهقة مرحلة انتقالية ضرورية تتبدّى مظاهرها بطريقة مختلفة باختلاف الشخصيات. لكنها في كل الأحوال مرحلة ضاغطة وعلى المراهق أن يتأقلم يوماً بعد يوم مع وضعيات جديدة يواجهها وأشخاص جدد يتعرف عليهم.
فكيف السبيل إلى مساعدته؟
حتى يتمكن الأهل من مساعدة المراهق، يجب أن تبدأ علاقتهم الوثيقة به من قبل سن المراهقة. فكلما كانت كذلك إبان أحاديثهم خلال فترة الطفولة، لجأ الولد أو البنت إلى طلب مساعدة الأهل حينما يبلغ سن المراهقة.
ويؤكد الخبراء هنا أهمية دور الأم في هذا المجال، فهي القادرة على نسج مناخ عاطفي من التعاضد والتماسك بينها وبين طفلها، وهو مناخ يعتبر حاسماً في عملية التأقلم الاجتماعي التي تفرض على المراهق في حياته الاجتماعية الجديدة.
الأم المتنبهة لطفلها والمصغية له بمودة تفتح أمامه السبيل لينخرط بنشاط في علاقاته مع الآخرين ويحل بشكل أفضل المشكلات التي يواجهها ويتعامل بهدوء مع ردات فعله الانفعالية.
في حين أن الأم التي تميل إلى الانتقاد الدائم أو التي لا تظهر اهتماماً كافياً بالطفل أو بالمراهق لا يمكنها أن تساعده على التعاطي بنجاح مع الضغوط التي يتعرض لها.
من المؤكد أن باستطاعة الأهل أن يسدوا النصائح دوماً لمراهقيهم، لكن الطريقة التي يتحدثون بها معهم ترتدي أهمية أكبر في سبيل مساعدتهم، من مضمون الكلام الذي يتفوهون به.
ويمكن تلخيص حاجات المراهق لعلاقة ناجحة مع أهله تؤسس لعلاقات ناجحة في المجتمع بسبع كلمات، وهي:
- الثقة
- الحوار
- الأمان
- الاستقلالية
- المسؤولية
- العاطفة
- الأمل
إن أجواءً كهذه هي الكفيلة بأن تمكن الشاب أو الفتاة من اجتياز عاصفة المراهقة بأقل أضرار ممكنة، من أجل بلوغ مرحلة رشد هادئة ومطمئنة.