28 سبتمبر 2021

كلمات تدمر الطفل.. لا تقولوها لأولادكم

محررة متعاونة

كلمات تدمر الطفل.. لا تقولوها لأولادكم

بحسب دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة، 80 % من مشاكل الأطفال النفسية تعود إلى العنف اللفظي الذي يمارسه الآباء تجاههم، وأكدت أن بعض الآباء يلجؤون لتوجيه كلمات الشتائم لأطفالهم بمختلف ألفاظ التحقير والإهانات المعروفة والمنتشرة وكذلك ألفاظ التهديد والوعيد للطفل المذنب، مما يترك أثراً سلبياً كبيراً في نفسية الطفل وتعطي مفعولاً عكسياً في تربيته.

طرحت «كل الأسرة» نتائج هذه الدراسة على عدد من أساتذة الطب النفسي وخبراء نفسية الطفل وتعديل السلوك والتربية الإيجابية وسألتهم: ما الكلمات التي تدمر الطفل؟ وما تأثيرها في نفسية الأبناء؟

بداية يؤكد الدكتور محمد حمودة، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين بكلية الطب جامعة الأزهر، أن العنف اللفظي ضد الأبناء هو أي تهديد للطفل بالكلام أو الصراخ أو الشتائم والتوبيخ والنقد اللاذع وإلقاء اللوم عليهم والإساءة المتعمدة سواء كانت بينك وبينه أو أمام الآخرين، ويقول «بعض الأهل يتسببون في حدوث مشاكل نفسية وعقد لأولادهم بسبب اتباع أسلوب العنف اللفظي والتوبيخ الدائم لهم مما يسبب ألماً نفسياً لهم، وهذه العقد النفسية في الغالب تكون عن جهل وعدم وعي من الوالدين بمخاطر العنف اللفظي الذي يمارسونه ضد أطفالهم».

ويرى الدكتور حمودة أن العنف اللفظي والعبارات المسيئة للأبناء تكون أسوأ وأشد قسوة وألماً في فترة المراهقة، ففي هذه المرحلة يكون الأبناء أكثر حساسية لأي لفظ يقال لهم لذلك يجب على الوالدين التعامل معهم بحكمة وذكاء، فهم يحتاجون لغمرهم بالحب والاحتواء والحنان حتى يشعروا بالأمان، «يجب أن يتوقف الأهل عن التعامل مع الابن في فترة المراهقة على أنه ما زال طفلاً كما يجب عدم توجيه العبارات والطلبات لهم في شكل أوامر، فهم في هذه السن الحرجة لا يتقبلون لغة الأمر».

لا تستخدم الإهانة كوسيلة لتهذيب الطفل

وتتفق معه الدكتورة هالة حماد، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين والعلاقات الأسرية، في أن العقاب يجب أن يكون بحكمة لأن الغرض منه التأديب وليس الانتقام، وتبين «العقاب المطلوب تطبيقه في تربية الأبناء يجب ألا يكون مؤلماً نفسياً ولا يهدر كرامتهم وينزع ثقتهم بأنفسهم ودائماً ما أحذر بشدة من استخدام الشتم والإهانة كوسيلة لتهذيب الطفل، فهذا الأسلوب مرفوض تماماً اجتماعياً ونفسياً وتربوياً ودينياً لأنه يؤثر في صحتهم النفسية ويجعلهم أكثر تمرداً عند الكبر ويتسبب في مشكلات مرضية مزمنة يصعب علاجها».

لا تقل لطفلك «أنت حمار أو كلب أو حيوان»

تحذر الدكتورة هالة حماد الوالدين أولاً من شتم الطفل ووصفه بأوصاف الحيوانات مثل «أنت حمار أو كلب أو حيوان» أو حتى «نشتم اليوم الذي ولد فيه» لأن هذه الشتائم تجعله يشعر بالنقص وبأنه أقل من غيره.

لا تدع على أولادك

كما تحذر الدكتورة هالة حماد الوالدين من الدعاء على أولادهما مثل أن نقول لهم «ربنا يأخذك» أو «يا رب تموت وأخلص منك» فهذه الطريقة تخلّف في نفس الطفل آثاراً سلبية وأنه غير مرغوب فيه، فهناك مثلاً أمهات يقلن لأولادهن «زهقت منك» وهي لا تعرف كيف تدمر هذه الكلمة نفسية أولادها وتشعر الطفل بأنه غير مرغوب فيه وبعد فترة يبتعد نفسياً عن والديه ولا يرغب في الحديث معهم.

كلمات تدمر الطفل.. لا تقولوها لأولادكم

لا تصف طفلك بأوصاف سلبية تقلل من ثقتهم بأنفسهم

وتشدد الدكتورة هالة حماد على ضرورة التعامل مع الأطفال منذ نعومة أظافرهم بأسلوب غير مهين فلا ننتقص منهم ولا نصفهم بأوصاف سلبية تقلل من ثقتهم بأنفسهم، فلا نقول لهم مثلاً «أنت كذاب وقبيح» أو «أنت حرامي أو سارق» إذا أخذ شيئاً لا يخصه، لأن هذه الكلمات بمرور الوقت تفقد معناها وتصبح بلا تأثير في الطفل فهي لن تعدل من سلوكه أبداً بل تدفعه ليكون أكثر عدوانية وعنفاً.

المقارنات من أشد الأمور إيذاء وإيلاماً للطفل

ويلتقط منها الحديث الدكتور نور أسامة، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك، ويؤكد هو الآخر أن هناك أخطاء تربوية يرتكبها الآباء ضد أبنائهم وبعدها يحاولون تصحيح الوضع بعد فوات الأوان، ومن أشد هذه الأخطاء خطورة العنف اللفظي ضد الطفل سواء في السنوات الأولى من عمره أو في مرحلة البلوغ والمراهقة. ويرى أن هذا العنف اللفظي المسؤول الأول عن حدوث فجوة بين الأبناء والآباء «مثلا المقارنات من أشد الأمور إيذاء وإيلاماً للطفل لأن كل طفل لديه قدرات ومواهب مختلفة عن الآخر والمقارنة تشعره بالنقص وتقتل عنده الثقة بالنفس وتجعله يكره من يقارن به.. فلا داعي لأن نلقي على مسامع الطفل طوال الوقت لماذا لا تكون مثل أخيك أو أحد أقاربك لأننا أحياناً نزرع الحقد والغيرة بين أولادنا بسبب المقارنات غير المبررة».

لا تقل لطفلك: «إذا لم تفعل هذا فسوف أعاقبك»

كما يحذر الدكتور نور أسامة الأهل من اتخاذ أسلوب التهديد والوعيد للأبناء بأن نقول لهم «إذا لم تفعل هذا فسوف أعاقبك»، فلنتذكر جميعاً أن التهديد يصنع شخصاً جباناً ويشعره بعدم الأمان والخوف، ويوضح «الحب المشروط أيضاً مرفوض تماماً مع الطفل كأن تشترط حبك له بفعل معين مثل أنا لا أحبك لأنك فعلت كذا، أحبك لو أكلت كذا ولو نجحت وذاكرت، فالحب المشروط يشعر الطفل بأنه غير محبوب ومرغوب فيه وإذا كبر يشعر بعدم الانتماء للأسرة لأنه كان مكروهاً فيها عندما كان صغيراً ولهذا الأطفال يحبون الجد والجدة كثيراً لأن حبهما غير مشروط».

كيفية تعامل الأبوين مع الأطفال دون استخدام العبارات المسيئة

وحول كيفية تعامل الأبوين مع الأطفال دون استخدام وسائل العقاب اللفظية والجسدية، حددت الدكتور نورهان شطا، مدربة التنمية البشرية والتربية الإيجابية والإرشاد الأسري طرق عقاب الطفل تبعاً لعمره:

  • الطفل في العمر الصغير الأقل من أربع سنوات يخطئ لأنه يتعلم، فهو في هذه المرحلة لا زال يستكشف العالم الخارجي لذلك يجب ألا يكون العقاب هو طريقة التعامل الأولى مع أخطائه، فهو لم يخطئ متعمداً ولا يحتاج منا في هذه السن سوى التوجيه والإرشاد والنصح أكثر من مرة حتى يتعرف إلى الطريقة الصحيحة للتعامل مع الأشياء.
  • الأطفال في الأعمار الأكبر يخطئون لعدة أسباب، منها رغبتهم في إثبات ذاتهم أو شعور الطفل بالوحدة والاكتئاب بسبب الإهمال وقلة الاهتمام أو رغبة الطفل في معرفة ردود فعلنا وطريقة تعاملنا معه وقت الخطأ أو إصابته بإحباط نفسي ما يدفعه للقيام بأمور مزعجة لا يفعلها عادة، وهنا يجب أن يكون العقاب هو آخر الحلول وليس أولها فقبل عقاب الطفل يجب أن نتأكد من القيام بمناقشته حول الخطأ الذي ارتكبه ونتأكد من اقتناعه بأن ما فعله كان تصرفاً خطأ وغير ملائم.

نصائح أخرى هامة:

  • نبرة الصوت يجب أن تكون هادئة ليس فيها صراخ وطريقة الكلام معه يجب أن تكون خالية من التهديد والوعيد وكذلك الاستهزاء والتحقير
  • يجب التركيز على الخطأ والسلوك المرفوض الذي ارتكبه وليس على شخصيته وشخصه بالأساس، فالتركيز على الخطأ يجعل الطفل يكره السلوك الذي ارتكبه ولا يكرره ولكن انتقادك له يجعله يتشتت ويكره نفسه ويكرر الخطأ.

تربية الأبناء أمر صعب للغاية ولا يحق لأحد أن يحكم على أسلوب الأبوة والأمومة الذي ينتهجه البعض، لكن هناك فرقاً شاسعاً بين بعض الأخطاء التي يرتكبها الآباء في تربية أولادهم وبعض السلوكيات غير اللائقة التي يمارسها الآباء خلال تعاملهم مع أطفالهم وتدمر نفسيتهم وتؤذيهم ببطء.

اقرأ أيضًا: هل يعاني ابنك المراهق من القلق المفرط؟ إليك الأعراض والحلول