31 يوليو 2021

"ابني يشتم كثيرًا" ..ماذا أفعل؟

محررة متعاونة

تصاب الأسرة بصدمة كبيرة عند سماع الألفاظ البذيئة والمحرجة من الطفل للمرة الأولى، وينتاب الأب والأم مشاعر الغضب ويلجآن للصراخ في وجه الطفل كرد فعل على هذه الكلمات السيئة في محاولات منهم لمنعه من تكرار استخدامها وتنبيهه بالجرم الكبير الذي ارتكبه.

وفي الواقع تمر بعض الأسر بهذه المشكلة التي تعد من المشكلات الأكثر شيوعاً في فترة الطفولة، فمعظم الأطفال يتلفظون كلمات بذيئة في العمر الصغير الذي لا يستوعبون فيه الفرق بين الصواب والخطأ مما يضع أسرهم في مواقف محرجة مع الأهل والأصدقاء.

طرحت «كل الأسرة» العديد من التساؤلات على عدد من خبراء التربية وأساتذة علم النفس التربوي وسألتهم: لماذا يشتم أطفالنا؟ وما الخطوات الواجب اتخاذها في حال تلفظ الطفل بتلك الألفاظ؟

أحياناً يستخدم الطفل الألفاظ المهينة والصراخ كوسيلة للفت الانتباه إليه

via GIPHY

في البداية، توضح الدكتورة أميرة يوسف، استشاري طب نفسي أطفال ومراهقين بجامعة عين شمس، أنه يجب أولاً معرفة سبب تعلم الأطفال لهذه الألفاظ المرفوضة، فإن كان من الأسرة فعلى الوالدين أن يكونا قدوة جيدة فهما المؤثر الأول ويجب أن يبتعد عن الألفاظ البذيئة أياً كانت.

وتقول «أحياناً يحاول الطفل استخدام الشتم والألفاظ المهينة والصراخ والوعيد والتهديد كوسيلة للفت الانتباه إليه أو بسبب عدم السماح له بالتعبير عن نفسه مما يدفعه إلى استخدام هذا الأسلوب، كما أن إهمال الأهل السلوك العصبي لدى الطفل قد يزيد الأمر سوءاً ويرسل له هذا الأمر رسالة تشجيعية على الاستمرار في هذه التصرفات، بل إن بعض الأهل يشجعون الطفل باستخدام الألفاظ البذيئة ضد الآخرين».

وتؤكد الدكتورة أميرة يوسف أن أحد أهم أسباب اكتساب الأطفال للألفاظ السيئة في السن الصغيرة هي مشاهدة الطفل للتلفاز دون رقابة، وتبين «هناك الكثير من الدراسات تؤكد أن مشاهدة الطفل المسلسلات والأعمال الدرامية والأغاني الشعبية تشجع الطفل على اكتساب الكثير من الرصيد اللغوي البذيء والسيئ». لذلك يجب مراقبة ما يشاهده الأبناء في التلفاز وعلى الإنترنت لأن ذلك يعتبر من الأمور الضرورية لتجنب مشاهدة الطفل لمحتوى بذيء.

وتحذر استشاري نفسية الطفل الأسر العربية من تجاهل استخدام الأطفال للكلمات السيئة «من المؤكد أن رؤية طفل يشتم أمه أو أبيه من الأمور المزعجة للأم والأب والمحيطين بهم، والمزعج أكثر وجود من يشجع الطفل على استخدام الشتائم والألفاظ النابية والبذيئة، فالطفل الذي يشتم ويسب لا يأتي بهذه الشتائم من عنده ولا يخترعها بل يتعلمها من محيطه ويعتاد عليها إما نتيجة إهمال الأهل أو حتى تشجيع الطفل على استخدام الشتم».

الأهل هم المصدر الأول لتعلم الطفل الشتائم وهو لا يهتم بمن هي موجهة أو إلى أي درجة هي مهينة أو سلبية بل يتعلمها ويقلدها فقط

via GIPHY

الدكتور إيهاب ماجد، استشاري الصحة النفسية والعلاج الأسري والتربوي، يرى هو الآخر أن مصادر تعلم الطفل للشتائم والكلام السيئ لا تعد ولا تحصى، أولها المنزل والعائلة بالإضافة للبرامج التلفزيونية والمسلسلات والأغاني والإنترنت، ويؤكد «أرى دائماً أن الأكثر فاعلية دائماً مع الأبناء هو فهم الطفل لأهمية التعامل مع الآخرين بأدب واحترام وتعليمه نبذ الكلمات البذيئة والنابية لأننا مهما فعلنا سيتعلمها بلا شك والمهم أن يفهم الأسباب التي تجعله لا يستخدم الكلمات البذيئة والعبارات المسيئة».

ويضيف «حتى سن الثالثة يعتبر الأب والأم والإخوة والأقارب المحيطين بالطفل بشكل مباشر هم المصدر الأول لكل ما يتعلمه الطفل ولا تخرج الألفاظ البذيئة والشتائم عن هذه القاعدة حيث يعتبر الأهل هم المصدر الأول لتعلم الطفل الشتائم وهو لا يهتم بمن هي موجهة أو إلى أي درجة هي مهينة أو سلبية بل يتعلمها ويقلدها فقط».

ويحذر استشاري نفسية الطفل الأسر من تشجيع الطفل على نطق الكلمات البذيئة، ويعتبر أن هؤلاء الأسر يدمرون أطفالهم «للأسف بعض الأهالي يفرحون عندما يبدأ الطفل في الكلام حتى لو قام بالتلفظ بالألفاظ السيئة ويجب على الأهل عدم تشجيع الطفل من خلال الضحك معه فهو بذلك يعتقد أن هذا التصرف جيد ومقبول ويقوم بتكرارها».

لكنه في الوقت نفسه يحذر الأهالي من التعامل بعنف مع الطفل، إذ أغلبية الأهالي يلجأون إلى استعمال العنف حتى يمتنع الأطفال عن هذا السلوك دون وعي الأهالي أن العنف سيزيد الأمر سوءاً وسيزيد من إصرار الطفل على التلفظ بالألفاظ السيئة، لذلك من المهم أن يتحكم الوالدين بالانفعالات الصادرة عنهم وعدم التعامل بعنف مع الطفل.

ويقترح الدكتور إيهاب ماجد على الأم التي تعاني استخدام طفلها للكلمات البذيئة كثيراً أن تحرمه من الكلام لفترات وأن تغلق عنه الإنترنت كنوع من العقاب وتمنعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ولا مانع من حرمان المراهق من الهاتف لفترات، وتتوقف فترة حرمانه من الأشياء التي يحبها على خطورة الكلمات المسيئة التي يستخدمها.

التهديدات المتكررة في الهواء تجعل الطفل يستخف بها وبك

via GIPHY

ومن جانبها تؤكد الدكتورة لبنى الشباسي، الاستشارية النفسية والمتخصصة في العلاقات الأسرية وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، أن العقاب العنيف على استخدام الطفل الألفاظ البذيئة مرفوض فرغم أن ذاكرة الطفل قصيرة إلا أنه لا ينسى العقاب الذي تعرض له لذلك، فالعقاب لأي سبب كان يسيء إلى نفسية الطفل كثيراً حتى وإن كان يرتكب أخطاء فادحة، ففي الآخر الطفل سينسى السبب الذي عرضه للعقاب من كثرة العقاب.

وتقول «يجب التغافل في بعض الأحيان عن الكلمات البسيطة والأخطاء الصغيرة والتافهة، ولا مانع من أن تتعاملي معه على أنك لم تلاحظي ما قاله ووجهيه بعدها للصح لأنه من كثرة الملاحظات والتوجيهات سيتيه ولن ينفذ ما نطلبه منه».

كما أن العقاب على لفظ مرفوض قاله يجب أن يكون فورياً وقت تلفظه به لكي يرتبط في ذهن الطفل بالخطأ، كما أن الخطأ لابد أن يظل خطأ فلا تعاقبيه اليوم على لفظ خطأ تفوه به ثم تضحكي عليه غداً لأنه سيتصور أنك تعاقبينه حسب مزاجك وحالتك النفسية ولكن إذا كنت لن تعاقبيه تغافلي عن الأمر وكأنك لم تسمعيه.

وترفض الدكتورة لبنى الشباسي استخدام أسلوب التهديدات المرعبة مع الأطفال حتى وإن كانوا يشتمون ويستخدمون ألفاظاً سيئة «التهديدات من قبيل أني سأموتك.. وأنا سأذبحك وأنا سأكسرك ممنوعة تماماً لأنك بذلك لا تربينه ولكنك تسببين له الرعب، وكذلك لا تهدديه بعقاب لن تنفذيه لأن التهديدات المتكررة في الهواء تجعل الطفل يستخف بها وبك».

وترى الدكتورة لبنى الشباسي أن أفضل الطرق للتعامل مع هذا الأمر في البداية التجاهل والتغافل خصوصاً في الأطفال من سن 2 إلى 4 سنوات وذلك لأن بعض هؤلاء الأطفال يتلفظون بهذه الألفاظ لأنهم يرون أنها لا تعجبنا وأنها تؤلمنا وتثير غضبنا فيتلفظون بها وهنا يكون عدم الاهتمام والانفعال تأثيره أشد وأفضل في الطفل من الغضب الشديد.

اقرأ أيضًا: كيف نربي طفلاً سليماً نفسياً؟