تنصب الجهود الحالية على ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة في قطاع التعليم، حيث تسعى دولة الإمارات إلى مواكبة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (تم اعتمادها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالإجماع) وتشتمل على 17 هدفاً بينها التعليم وهو الهدف الرابع لجهة «ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة».
وفي هذا السياق، تتبدى آثار جائحة «كوفيد- 19»حتى اليوم حيث الوصول إلى «تعليم جيد» دونه عقبات، في ظل التداعيات التي أرستها الجائحة سواء على صعيد التسرب الدراسي أو الأعداد المطلوبة من الكوادر التعليمية الواجب توظيفها للارتقاء بالعملية التعليمية إلى تحديات كثيرة تواكب آثار الأزمات والحروب واللجوء والنزوح وغيرها من انعكاسات يومية تترك بصمتها على العملية التعليمية.
وفي هذا الصدد، دقت مهرة هلال المطيوعي، مدير المركز الإقليمي للتخطيط التربوي التابع لليونيسكو، جرس الإنذار حول تحديات تحقيق استدامة التعليم، لافتة إلى أن منظمة اليونيسكو تباشر إعادة النظر في رسالة اليونيسكو وأهدافها بعد التحديات التي واجهتها بعد الوباء حيث «هناك 244 مليون طفل وشاب هم خارج المدرسة على مستوى العالم» 771 مليون من الشباب والكبار، حسب تقارير اليونيسكو والمنظمات الدولية، يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية ثلثهم من النساء.
جانب من منتدى رواد التعليم
هذه التحديات وغيرها كانت موضع نقاشات في منتدى رواد التعليم الذي نظمته جمعية المعلمين في الشارقة بالتعاون والشراكة مع «إدو فكرة»، بهدف طرح الرؤى والأفكار والتجارب الرائدة واستشراف المستقبل، وجاء تحت شعار «التعليم من الريادة إلى الاستدامة» بحث خلاله متحدثون وخبراء وممثلو المؤسسات التعليمية سبل وآليات الارتقاء بالتعليم وجعله أكثر تفاعلية وتكاملاً وشمولاً.
وكضيف شرف، شاركت المطيوعي بعض خبراتها حول منظمة اليونيسكو ونماذج من مبادراتها في قيادة الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030 ونشر الوعي بالهدف الخاص بالتعليم إلى قيادة التحالف العالمي للتعليم وتقارير الرصد العالمية حول التعلم.
تفخر المطيوعي بمسيرتها كمعلمة «هذا أهم شيء أفتخر به على مدى مسيرتي. فقد كانت بدايتي في مجال التعليم، ما كان له الأثر الكبير في مجال المشاركة في المجتمعات التعليمية وأن تكون لي نظرة مختلفة تجاه الكثير من القضايا».
تحديات تحقيق استدامة التعليم
فالتحديات في مجال التعليم على الصعيد العالمي متشعبة، وإن كانت المطيوعي تثني على العملية التعليمية على مستوى دولة الإمارات والجهود المبذولة للارتقاء بالتعليم.
17 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة، تلفت إليها المطيوعي في حديثها، إلا أن «القلب النابض لهذه الأهداف وتحقيقها هو الهدف الرابع المتعلق بالتعليم، وثمة معوقات لتحقيق هذا الهدف، وأبرز تلك المعوقات:
- 771 مليون من الشباب والكبار، حسب تقارير اليونيسكو والمنظمات الدولية، يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية ثلثهم من النساء، وهذا الرقم ازداد بنسبة 15% بعد جائحة كورونا.
- الحاجة إلى 69 مليون معلم، إذ لا بد من توظيف هذا العدد لتحقيق التعليم الابتدائي والثانوي الشامل بحلول عام 2030 سواء بشهادات ثانوية أو بكالوريوس لملء الشواغر الموجودة على مستوى العالم.
- 244 مليون طفل وشاب هم خارج المدرسة على مستوى العالم بعد جائحة «كوفيد- 19».
- 70%من الدول في جميع أنحاء العالم تخصص أقل من ٤% من ناتجها المحلي الإجمالي للتعليم، وهذا تحد كبير، وحتى تستمر عملية التعليم يجب على الدول أن تصرف ما يقارب من 4 إلى 6% من الدخل القومي على التعليم، أو ما يقارب من 18 إلى20% من الميزانية السنوية على قطاع التعليم.
- 200 مليار دولار أميركي هي قيمة التمويل الإضافي الذي نحتاجه سنوياً لإرجاع العالم إلى المسار الطبيعي للهدف الرابع.
- 222 مليون من الأطفال والشباب في سن المدرسة تأثرت عملية تعليمهم بسبب الأزمات على مستوى العالم، فأزمة كوفيد هي الأزمة الوحيدة التي حدثت وأثرت في قطاع التعليم في العالم بأسره.
تتوقف المطيوعي عند قمة تحويل التعليم حيث الحاجة إلى الالتزام بتطوير التعليم. توضح مجالات تركيز القمة، بما تشكله من منصة وفرصة متميزة وفريدة للارتقاء بالتعليم، وهذه المجالات هي:
- مدارس شاملة ومنصفة وآمنة وصحية.
- التعلم الرقمي والتحول.
- التعلم والمهارات من أجل الحياة والعمل والتنمية المستدامة.
- المعلمون واستراتيجيات التدريس.
- تمويل التعليم.
وأول مبادرة من القمة:
- شراكة التعليم الأخضر، حيث 50% من مدارس الإمارات ستكون مدارس خضراء.
- ضمان جودة التعليم الرقمي العام وتحسينها للجميع.
- التعليم في الأزمات، تقديم الدعم للدول أثناء الأزمات والحروب لتمكين الأجيال من التعليم.
- التحدي العالمي لمواجهة أزمة التعليم.
من هذا المنطلق بدأت اليونيسكو إعادة النظر في خططها الاستراتيجية بعد عام 2020، حيث «هناك المقر الرئيسي إلى المكاتب الإقليمية والأذرع الفنية كالمركز الإقليمي للتخطيط التربوي (بينها 5 مراكز في دول الخليج)».
وتتركز الخريطة الاستراتيجية الجديدة لليونيسكو على 5 وظائف:
- مختبر الأفكار.
- مركز لتبادل المعلومات
- هيئة تقنية
- محفز ومحرك للتعاون الدولي.
- هيئة لبناء القدرات.
ويبقى التحدي الأبرز هو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة ومحاولة تجاوز الأزمات والتحديات القائمة في العالم.
كما تتماهى انطلاقة «إدو فكرة»، بحسب مؤسسها والرئيس التنفيذي منى صالح النهدي، مع مفهوم الاستدامة وتحقيق مجتمع تشاركي معرفي وتطوير مهارات الطالب لتكوين جيل قادر على مواجهة التحديات، وهي بالتالي تتكامل جهودها على المستوى المحلي والعربي مع جهود اليونيسكو.
وتؤكد النهدي أن التعاون بين كافة القطاعات يرتكز على تحقيق نتائج حقيقية في مجال تطوير التعليم وبما يتناسب مع مقولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، «ضرورة توافر جميع الجهود لدعم دور المعلم، بما يتوافق مع قدسية مهنة المعلم ودوره المؤثر في المجتمع».