23 مايو 2023

قصر ألفريد بك شماس وخطبة الملكة فريدة

صحافية ومترجمة مصرية

قصر ألفريد بك شماس وخطبة الملكة فريدة

يُعد قصر ألفريد شماس واحداً من أفخم وأقدم قصور حي مصر الجديدة بالقاهرة، وأحد أشهر معالمه البارزة التي شهدت حقبة مميزة من تاريخ مصر. حتى وإن لم تكن تعلم قصته، فسوف يلفت هذا القصر بإطلالته الغامضة انتباهك إذا مررت بالقرب منه عند زيارتك للقاهرة، وذلك لطرازه المعماري الفريد وغير المألوف.

فمن كان مالكه الأصلي الذي هاجر إلى مصر من بلاد الشام في مطلع القرن العشرين؟ ولماذا ارتبط تاريخ القصر بالملك فاروق الأول والملكة فريدة؟

قصر ألفريد بك شماس وخطبة الملكة فريدة
مدخل القصر

كان مالكه الأصلي تاجراً غير مصري

لم يكن ألفريد شماس، التاجر الشامي الذي قدم إلى مصر في أوائل القرن العشرين أملاً في توسيع تجارته وازدهارها، يتصور يوماً أن تسكن ملكة مصر القادمة في منزله لفترة من الوقت! بل ربما لم يكن يتخيل أن يمتلك قصراً فخماً بكل هذه الروعة والجمال.

كان ألفريد شماس تاجراً طموحاً، وقد وجد أكثر مما يطمح إليه بعد بضع سنوات من العمل والتجارة في مصر الملكية، والتي كانت وجهة جذب مثالية للتجارة والاستثمار في ذاك الوقت. أراد شماس أن يبني قصراً فاخراً يليق برتبة الباكوية التي أنعم بها عليه الملك فاروق، فكان ذلك القصر الفخم الذي لم يكن يشبهه أي قصر آخر في ذلك الحي الجديد الذي بناه البارون "إمبان" وأسماه "هليوبوليس" أو "مدينة الشمس".

اختار ألفريد بك شماس لقصره قطعة أرض كبيرة تطل على شارع الثورة من جهة، ومن جهة أخرى تطل على شارع كليوباترا بجوار الكنسية الإنجيلية. وقد حرص على نقش الأحرف الأولى من اسمه بالإنجليزية (A.C) على باب القصر ومدخله الخارجي.

قصر ألفريد بك شماس وخطبة الملكة فريدة

الملك يختار قصر شماس لإقامة خطيبته

بعد إتمام الخطبة الملكية بين الملك فاروق الأول والآنسة "صافيناز ذو الفقار" - الملكة فريدة لاحقاً – واجهتهما مشكلة صغيرة تتمثل في كون صافيناز من سكان مدينة الإسكندرية، ولم يكن لدى عائلتها مكان خاص تقيم فيه أثناء فترة الإعداد للزواج الملكي.

ولتجاوز هذه المشكلة فكر فاروق في انتقال عائلة خطيبته للإقامة في القاهرة، ولكن كان السؤال هو أين؟ فلم يكن قصر عابدين ليكون مكاناً مناسباً تحظى فيه خطيبته وأسرتها بالخصوصية التي ينشدونها في مرحلة الترتيب للزفاف.

وقع اختيار الملك فاروق على قصر ألفريد بك شماس في منطقة مصر الجديدة الحديثة والراقية في نفس الوقت. ولا نعلم يقيناً ما إذا كان ألفريد شماس قد انتقل إلى قصره بالفعل وقتها أم لا، أو ما كانت طبيعة العلاقة بينه وبين الملك فاروق كي يقع اختياره على هذا القصر تحديداً لانتقال الملكة المستقبلية إليه، ولكن ما نعلمه هو أن الملكة فريدة وأسرتها قد أمضوا عدة أشهر في هذا المكان قبل أن يتم الزفاف الملكي، وكان فاروق دائم التردد على قصر شماس لرؤية خطيبته.

قصر ألفريد بك شماس وخطبة الملكة فريدة

انطلاق الزفاف الملكي من قصر شماس في 20 يناير 1938

وقبل موعد الزفاف الملكي بثلاثة أيام، شهد قصر شماس حركةً ونشاطاً غير اعتياديين، فقد كان الجميع يستعدون لأهم وأكبر حفل زفاف في الشرق الأوسط في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو زواج ملك مصر الشاب ذي الـ 18 عاماً بعروسه الجميلة التي اختار لها بنفسه اسم "فريدة" كي يبدأ اسمها بحرف الفاء الذي كانت الأسرة الملكية تتفاءل به.

وقبل العُرس بيومٍ واحدٍ، وتحديداً في 19 يناير 1938، تزيَن قصر شماس بالأضواء والأعلام والزينة، وانطلقت الفرقة الموسيقية الملكية تعزف أعذب الألحان والنغمات في حديقة القصر، ليسمعها سكان القصور المجاورة، فيقوم أصحابها بتزيين واجهات قصورهم بالأنوار والزينة مشاركةً منهم لفرحة البلاد بزواج الملك.

وفي صبيحة يوم الزفاف في اليوم التالي، خرجت الملكة فريدة من قصر ألفريد بك شماس في موكب ملكي مهيب انطلق بها نحو قصر القبة، حيث توجت ملكةً لمصر بزواجها من الملك فاروق الأول يوم 20 يناير من عام 1938.