21 يونيو 2023

إنعام كجه جي تكتب: قضية القط نيكو

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: قضية القط نيكو

انعقدت محكمة الجزاء في باريس في دعوى ضد دائرة السكك الحديدة في فرنسا لأن قطاراً دهس قطاً في بداية العام الجاري. أتنقل بين القنوات الفرنسية وأرى الخبر يتصدر نشرات الأخبار. هناك أيضاً متابعات لخبر انقلاب سفينة مهاجرين في البحر المتوسط وغرق مئات الرجال والنساء والأطفال.

لا أنوي عقد مقارنة بين قيمة الحيوان في الغرب وقيمة الإنسان في بعض بلداننا، لكنها المرة الأولى التي أشهد فيها محاكمة سائق قطار دهس قطاً. إن حوادث دهس القطط والكلاب تجري كل يوم وفي كل بلاد العالم. ما الجديد في هذا الحادث الذي وقع في محطة قطار مونبارناس في العاصمة الفرنسية؟

الجديد هو حضور الهواتف الذكية المزودة بكاميرات. ولولا ما سجلته تلك الهواتف من صور وأفلام لكان مصرع القط نيكو قد مر مرور الكرام... أقصد دون أن يتحول إلى خبر في وسائل الإعلام. وقبيل انعقاد المحكمة خرجت تظاهرات في مدينة بوردو، موطن الحيوان القتيل، تطالب بالاقتصاص من المجرم الذي كان السبب في موته. فقد كان في الإمكان تلافي الحادث، ورفع المتظاهرون لافتات منددة بالسائق ووضعوا أزهاراً في موقع الدهس.

جاء في التفاصيل أن السيدة جورجيا كانت تتأهب لركوب القطار عائدة إلى بوردو ومعها ابنتها وقطها نيكو. لكن القط هرب من صاحبته واختبأ تحت إحدى العربات وفشلت محاولات استعادته من تحت العجلات الكهربائية. لجأت جورجيا إلى العاملين في المحطة طالبة منهم تأخير انطلاق القطار لكن النظام هو النظام. لا يمكن خرق مواعيد القطارات لسبب مثل هذا. وهكذا سار القطار وقام عشرات الموجودين في المحطة بتصوير لحظات الدهس وانقسام جسم نيكو إلى نصفين.

لم تنته القضية هنا. بعد أسبوعين من الحادث دخلت على الخط جمعية شهيرة من جمعيات الدفاع عن حقوق الحيوان وقررت التقدم بدعوى ضد إدارة السكك بتهمة التعرض لحياة حيوان أليف محتجز. وفي إفادتها قالت جورجيا إنها لا تريد الحصول على تعويض ويكفيها اعتراف بالذنب واعتذار علني، وأضافت «أحتاج إلى تفسير من إدارة السكك الحديد لكي أتمكن من بدء حدادي على قطي». وبادرت إحدى صديقات العائلة إلى نظم قصيدة في وداع القط نيكو، نقلتها الإذاعة الفرنسية.

لا، نحن لا نعيش في عالم مجنون بل وفق منطق من إنسانية تكيل بمكيالين. لترقد روح نيكو بسلام ولتتمسك مدام جورجيا بحبل الصبر. فقط تمنيت لو يساق قتلة الأطفال في الأرض المحتلة إلى محكمة... أي محكمة... فالمتهم معروف وتسجيلات الهواتف موجودة.

 

مقالات ذات صلة