آخر المستجدات بخصوص هذا الإضراب الشامل لنقابتي الكتاب والممثلين في الولايات المتحدة هو مطالبة الكتّاب بضمانات صحية من قِبل الاستديوهات الأميركية. وحسب مصادر، أضاف هذا المطلب تعقيداً آخر للأمور التي كانت انطلقت صعبة منذ بدايتها.
كانت الأيام القليلة السابقة للثالث عشر من شهر يوليو قد مهدت الطريق أمام الإضراب الواسع الذي مازالت هوليوود تعانيه. في البداية، كانت نقابة كتّاب السيناريو (Writers Guild of America) أول من نادت به ونفّذته: لن يكتب أحد أي سيناريو أو يكمل كتابته إلا من بعد موافقة هوليوود على شروط تتضمّن توزيعاً عادلاً للثروة التي تجنيها من وراء توزيع الأفلام أو بيعها على المنصّات الخاصة بشركاتها أو سواها. إلى ذلك، على هوليوود الالتزام بكتّاب النقابة بوضوح وذلك على ضوء المنافسة المحتملة للذكاء الصناعي ومشتقاته (مثل ChatGPT) الذي يستطيع «صنع» سيناريو من دون الحاجة لكاتب.
حسب مطالب النقابة، على شركات وستديوهات هوليوود عدم استخدام الذكاء الصناعي إلا كأداة بحث. ومن الشروط الأخرى المهمّة، نسب من العائدات التي تجنيها شركات هوليوود من المنصّات والعروض الإلكترونية.
انضم الممثلون إلى الإضراب ومنهم جاسون سيديكس
حين تعثّرت المفاوضات، انطلق أعضاء «نقابة الكتاب الأميركية» (نحو 22 ألف منتسب في الساحل الغربي وحده) في إضراب بدأ في الثاني من مايو الماضي وما يزال مستمراً. عززه بلا ريب نزول أعضاء نقابة الممثلين (نحو 116 ألف عضو في كامل الولايات المتحدة) إلى الشارع عندما تم رفض مطالبهم المماثلة ومحورها زيادة الأجور ودفع نسبة من العروض وأنواع التوزيع المستحدثة.
إضراب الكتّاب كان يعني أن لا يكتب أي عضو سطراً واحداً حتى وإن كان تعاقد قبل الثاني من الشهر الماضي على عمله، وهذا شكل عبئاً فورياً على الأعمال والبرامج التلفزيونية وآخّر بدء العمل على الأفلام التي كانت على وشك التصوير.
جواب هوليوود على هذا الإضراب كان لنرى من سيصرخ أولاً. لكن انضمام نقابة الممثلين للإضراب لم يعزز إضراب الكتّاب فقط، بل فتح جبهة جديدة توقفت على أثره كل الأفلام التي كانت في مرحلة التصوير وبعضها من تلك الإنتاجات الكبيرة مثل «غلادياتور 2» وDune 2 ومسلسلات الكوميكس المختلفة.
تأثير فوري لإضراب ممثلي هوليوود
تأثير كل ذلك في المُجَدول من الأفلام والبرامج التلفزيونية يختلف ويتنوّع.
على سبيل المثال، لن يلاحظ رواد صالات السينما أي تغيير طارئ على أساس أن الأفلام المنتهية من التصوير جرى برمجتها ولا داعي لتغيير مواعيد تلك البرمجة. لكن إذا ما استمر الإضراب لأسابيع طويلة فإن ما تم برمجته من قبل انتهاء تصويره، كحال أفلام مثل «نابليون» (مشروع لريدلي سكوت انتهى تصويره لكنه ما زال في مرحلة التوليف والمكساج) و«خمسة ليالي لفريدي» لإيما تامي، و«دون- 2» لدنيس ڤنيوف، والجزء الثاني من «جوكر».. لجانب نحو 80 فيلماً آخر في المراحل الأخيرة من العمل، سوف لن يتم عرضها في موعد كل منها المحدد كون ممثلو تلك الأفلام توقفوا عن العمل بمجرد صدور قرار النقابة بالإضراب.
هذا ما دفع عدة شركات إنتاج إلى تأجيل عروض أفلامها الجديدة. Dune 2، على سبيل المثال، كان من المتوقع له أن يهبط الأسواق العالمية في مطلع شهر نوفمبر هذا العام، لكن الشركة المنتجة (وورنر) قررت تأجيله إلى مطلع صيف العام المقبل.
وكان مهرجان فينيسيا كشف عن أن الفيلم الجديد للمخرج الإيطالي لوكا غوادانينو، وعنوانه «متحدّون» (Challengers)، سيفتتح الدورة الجديدة من المهرجان في الثلاثين من الشهر المقبل. لكن الإضراب دفع شركة مترو-غولدوين- ماير لسحبه من العروض والتوزيع حتى موعد لاحق في العام المقبل.
هذا لأن إضراب الممثلين ينص أيضاً على عدم السماح للممثلين الاشتراك في نشاطات سينمائية للشركات المنتجة. هذا ينعكس على أعمال المهرجان الإيطالي القادمة من الولايات المتحدة والتي عادة ما تحفل بالممثلين المدعوّين لتنشيط العملية الإعلامية. والأمر ليس وقفاً على هذا المهرجان وحده بل ينضوي كذلك على مهرجان تورنتو (ينطلق في السابع من سبتمبر) الذي عادة ما يشهد انتقال فوج كبير من النجوم إليه لحضوره والمشاركة في نشاطاته.
وهذا سيمتد، لو استمر الإضراب، صوب الاحتفالات والمناسبات السنوية القادمة. عصب هذه الاحتفالات، مثل احتفال «نقابة الممثلين» ذاتها واحتفال «بافتا» البريطاني والأوسكار الأميركي، هو المشاركة غير المحدودة للممثلين من الصفّين الأول والثاني.
تأجيل توزيع جوائز «إيمي» بسبب الإضراب
مناسبات فنية وسينمائية بلا حضور
على أن الضحية الماثلة التي سبقت سواها هي برامج التوك شو (نسبة لإضراب الكتّاب) والمسلسلات اليومية أو الأسبوعية التي ارتاحت الآن، إلى نظام الإعادات الذي عادة ما يُعمل به في موسم الصيف.
أقرب هذه الاحتفالات والمناسبات هو احتفال «إيمي» (الموازي التلفزيوني للأوسكار) الذي تم إعلان مرشحيه قبل أيام قليلة. لكن هذا الإعلان لن يعن شيئاً يُذكر إلا إذا حضر حفل توزيع الجوائز الممثلون والممثلات الفائرون.
وجدير بالذكر أن نقابة الممثلين الأميركية تمنع الأعضاء حتى من ممارسة الترويج على تويتر وفيسبوك وسواهما.
بالعودة إلى مالطا، فإن تكاليف توقف التصوير إذا ما استمرّت لشهر آخر تكفي لإنتاج جزء ثالث من «غلادياتور». الأخبار الواردة هي أن الشركة المموّلة (باراماونت) أخبرت العاملين بأنهم يستطيعون الخلود إلى الراحة في مالطا أو سواها بشرط أن يكونوا جاهزين للعودة للعمل في أي لحظة يتم فيها تسوية هذا النزاع.