أخفقت استوديوهات هوليوود في الوصول إلى اتفاق مع نقابتي الممثلين والكتّاب الذين أعلنوا الإضراب المفتوح منذ نحو 110 أيام. لذلك في هذا الوقت ستعرض مهرجانات السينما مثل فينيسيا وتورنتو أفلاماً بلا نجوم.
انتهت، في الأسبوع الماضي، جولة أخرى من المفاوضات بين «نقابة الكتاب الأميركية» ومجموعة من كبار رؤساء الاستوديوهات في هوليوود. هذه المفاوضات دعت إليها اللجنة التي تمثل تلك الاستوديوهات والشركات الكبرى ووافقت عليها النقابة لكن هذه الأخيرة غادرتها معلنة فشلها كون اللجنة «لم ترد حل الخلافات بل اقتراح حلول من شأنها «حشرنا»، كما قالت النقابة.
بذلك يستمر الإضراب الذي تحاول الاستوديوهات تجاوزه من دون جدوى، فكل كاتب سيناريو وكل كاتب «توك شو» أو حلقات تلفزيونية توقف عن العمل. الإضراب شامل من هوليوود إلى نيويورك ومع تأييد من كتّاب بريطانيا كذلك.
السيناريوهات المنجزة قبل ذلك الإضراب الذي بدأ قبل 110 أيام لا غبار عليها، لكن تلك التي كانت قيد الكتابة توقفت بدورها. زاد من الطين بلة (أو بلات) قيام الممثلين بالإضراب ما شل الحركة تماماً.
النتيجة ذات مساحة كبيرة. المشاريع تعثرت. الأفلام المنتهية لم تعد تضمن النجاح لأن إضراب الممثلين والممثلات يعني كذلك عدم قيامهم بالاشتراك بالحملات الإعلامية التي كانت الشركات تديرها ترويجاً لأفلامها.
حملات ممنوعة.. والمهرجانات في مأزق
تأثير ذلك مثل الدومينو وأحد حجاره هو المناسبات والمهرجانات السنوية. السؤال المطروح هو مدى تأثير هذا الإضراب الشاسع في تلك المهرجانات والمناسبات؟
في صميم هذا الإضراب المزدوج (للممثلين والكتاب) عدم قيام الممثلين بأي نشاط يخدم أي شركة إنتاج. بالتالي، لا مقابلات صحافية، لا الوقوف أمام عدسات المصورين ولا استخدام الـ «سوشيال ميديا» لأي غرض دعائي. بالتالي، لن تكون هناك تجمعات للصحافيين والمصورين عند مداخل العروض السينمائية لمهرجانات السينما حتى انتهاء الإضراب. لا سجادة حمراء ولا زرقاء. صالات مهرجان ڤينيسيا، بعد أيام قليلة، ومهرجان تورنتو في الثامن من الشهر المقبل، ستكون مفتوحة غالباً للجمهور والنقاد وصانعي الأفلام غير الأميركية. هذا قد يعوض بعض النقص لكن لا يلغيه.
هناك استثناءات قليلة، أحدها فيلم المخرج مايكل مات Ferrari كونه فيلماً مستقلاً تقدم منتجوه برجاء لنقابة الممثلين باستثنائه والسماح لبطليه بينيلوبي كروز وأدم درايڤر بالاشتراك في عروض مهرجان ڤينيسيا.
لكن «فيراري» لن يكون الفيلم الأميركي الوحيد في ڤينيسيا، فحرية الاشتراك للأفلام موجودة، ما هو ممنوع الترويج لها. أحد الأفلام الأخرى هو «مايسترو» الذي قام الممثل برادلي كوبر بإخراجه لحساب نتفلكس. يقود كوبر بطولة هذه الدراما العاطفية لجانب كاري موليغن التي ستلتزم بعدم الحضور.
هو ممثل ومخرج. ممنوع من النشاط من النقابة الأولى وليس ممنوعاً من النقابة الثانية. لكن في وقفة تضامن آثر كوبر عدم القيام بأي نشاط إعلامي والغالب أنه لن يحضر المهرجان كما قيل سابقاً إنه سيفعل.
استبدال مواقع التصوير
لكن الاستوديوهات ليست غبية لدرجة إبداء ذعرها من خسارتها فعل الترويج الإعلامي الذي كانت تخصص له حوالي 100 مليون دولار لكل فيلم كبير. هي تدرك- كما تشير مجلة «سكرين» البريطانية في تقرير لها- الخسارة التي تتعرض لها، لكنها تعلم أن بعض التعويض سيأتي عن طريق النقاد والصحافيين الذين سيشاهدون الأفلام ويكتبون عنها.
في واقعه هذا موقف يحمل ازدواجية خطيرة. فالسائد، قبل هذه الأيام، خشية الاستوديوهات من قيام النقاد بهدم الأفلام التي لا تعجبهم ما يؤدي إلى إقناع فئة كبيرة من المشاهدين بتوفير أوقاتهم وأموالهم والبحث عن فيلم آخر حظي بالقبول. لكن هذه المرة فإن الحاجة تدفع الاستوديوهات لتقدير مختلف.
لكن النقاد والصحافيين لا يشكلون التأثير الإعلامي الذي يمكن الاستفادة منه لوحده بمنأي عن اللقاءات الصحافية وانتشارها فوق مئات المواقع والصفحات الورقية. دليل ذلك سحب مترو-غولدوين- ماير لفيلمها «متحدون» (Challengers) من افتتاح مهرجان ڤينيسيا، الأمر الذي استدعى المهرجان لاستبداله بفيلم إيطالي هو Comandate للمخرج إدواردو دي أنغليز (كما ورد هنا في تقرير سابق). وبما أن هوليوود تتكل على الممثلة الأولى في «متحدون»، زندايا، للمساهمة في خلق الإهتمام بالفيلم، فإنها رأت تأجيل عروضه إلى العام 2024 عوض خسارته.
هذا ما ينقلنا مباشرة إلى العام المقبل. فالأشهر الثلاثة الأولى هي الأشهر التي تحفل بحفلات توزيع الجوائز السنوية والإضراب، إذا ما استمر إلى ذلك الحين، سيعني أن المقاعد ستبقى خاوية حتى ولو أقيمت تلك الاحتفالات في مواعيدها.
مشهد من فيلم «بعد النار»
مواضيع فلسطين مطلوبة
هناك بعض الأفلام التي تدور حول مواضيع فلسطينية حتى وإن لم تكن من إنتاج فلسطيني (يسارع المخرجون عادة على وضع أسماء بلادهم جنباً إلى جنب أسماء الدول الغربية حتى وإن كان التمويل غربياً على نحو مطلق). أولها «المعلم» للمخرجة فرح نابلسي. بريطانية المولد من أبوين فلسطينيين، في (قسم «اكتشافات»). تتشابك الأحداث هنا لكثرتها: المعلم بسام (صالح بكري) يفقد ابنه في حادثة ثم زوجته التي انفصلت عنه. بريطاني يعمل في الخدمات الإنسانية (إموغن بوتس) يتدخل للمساعدة بعدما تم هدم منزل عائلة شقيقين. ثم دبلوماسي أميركي وزوجته يناشدان مجموعة فلسطينية خطفت ابنهما لإطلاق سراحه، لكن المجموعة تطالب بإطلاق سراح 1000 سجين فلسطيني في المقابل.
على نحو مختلف تقدم المخرجة الفلسطينية- الفرنسية لينا سويلم على تقديم دراما من بطولتها والممثلة هيام عباس بعنوان «وداعاً طبريا». حكاية أم (عباس) تعود مع ابنتها (سويلم) إلى فلسطين لتغمرها الذكريات حول شتات النكبة وما تلاها.
الفيلم من تمويل وفرته أساساً فرنسا وهذا حال فيلمين آخرين هما «سيسترهود» (Sisterhood) حول ثلاث شابات تصادقن منذ الصغر لكن أحداثاً أخيرة تفتح أعينهن على خلافات عرقية وطبقية وثقافية. الفيلم من إخراج المغربية نورا الحروش.
الفيلم الآخر هو «بعد النار» (After the Fire) لمهدي فكري ويتمحور حول عائلة فقدت ابنها الذي قتلته الشرطة الفرنسية في ضواحي ستراسبورغ.