05 سبتمبر 2023

طبيبة رواد الفضاء د.حنان السويدي: انعدام الجاذبية أكبر تحد يواجه رائد الفضاء

محررة في مجلة كل الأسرة

طبيبة رواد الفضاء د.حنان السويدي: انعدام الجاذبية أكبر تحد يواجه رائد الفضاء

اشتهرت إعلامياً بطبيبة رواد الفضاء الإماراتيين لتحظى بأن تكون أول من سبقت جيلها في مجال طب علم الفضاء، عملت وجنود آخرون لإنجاح مهمة هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي في محطة الفضاء الدولية، تخرجت في كلية الطب جامعة الإمارات العام 2005، وحصلت على البورد العربي في طب الأسرة من المجلس العربي للتخصصات الطبية والزمالة من الكلية الملكية للممارسين العامين في طب الأسرة عام 2011، كما حصلت على درجة الماجستير في الصحة العامة، ودبلوم في إدارة مرض السكري، إضافة إلى شهادة في نظم المعلومات والسلامة والجودة والقيادة من جامعة هارفارد عام 2016، وخريجة الدفعة الثانية في برنامج القيادات المؤثرة، الذي أطلقه مركز محمد بن راشد لإعداد القادة..

هي الدكتورة حنان السويدي، استشارية طب الأسرة وأستاذ مساعد في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم، التي كانت في استقبال سلطان النيادي فور خروجه من الكبسولة الفضائية عائداً من مهمته التاريخية ، حيث سبق أن التقيناها في مكتبها عام 2020 لنكشف عن تفاصيل عملها في هذه المهام وجانب من حياتها الشخصية:

طبيبة رواد الفضاء د.حنان السويدي: انعدام الجاذبية أكبر تحد يواجه رائد الفضاء

كيف استقبلت توليك تلك المهمة وما الشيء الذي بدر إلى ذهنك؟

قام مركز محمد بن راشد للفضاء بالبحث عن طبيب يتابع الجانب الصحي لرواد الفضاء وتم ترشيحي من قبل الجامعة ووقع علي الاختيار بعد عدة مقابلات تم إجراؤها مع الفريق المعني بتلك المهمة، وأول شيء بدر إلى ذهني هو أهمية هذه المهمة التاريخية التي ستسهم في تحقيق طموح زايد، وهو ما حفزني أن أكون على قدر تلك المسؤولية وأن أؤدي دوري بنجاح.

مع رائدي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي
مع رائدي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي

ما المعايير التي أهلتك دون غيرك لتلك المهمة؟

عادة ما يتم الاختيار وفق شروط محددة أهمها أن يكون الطبيب حاصلاً على البورد الطبي المناسب، مثل أن يكون طبيب أسرة أو متخصص طب طوارئ، بحيث يستطيع أن يتعامل مع أي طارئ طبي غير متوقع بسرعة وبمهنية.

ما دور طبيب رائد الفضاء تحديداً؟

دخول الإمارات عالم الفضاء وطب الفضاء شيء جديد ولا بد من تطوير كوادر وطنية يمكن الاعتماد عليها في المستقبل، ولذلك كانت هناك ضرورة لأخذ الخبرة من أصحابها الذين سبقونا في المجال، ولهذا كنت ضمن فريق طبي دولي مكون من أطباء من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية استفدت منهم كثيراً وتم تأهيلي لمتابعة رائد الفضاء قبل القيام بمهمته وأثناء المهمة وبعدها.

أشعر بالفخر لما تقوم به الدولة من تأصيل دورها عالمياً في هذا المجال

كإماراتية، ماذا يعني لك نجاح تلك المهمة وهل الدولة بصدد تأسيس علم طب الفضاء؟

أشعر بالفخر لما تقوم به الدولة من تأصيل دورها عالمياً في هذا المجال، فقبل تلك الرحلة لم يكن لدينا طبيب لطب الفضاء وهو ما جعلنا نفتح المجال لوجود كوادر وطنية طبية ستسهم بكل تأكيد بدور فعال في المراحل القادمة وتقدم خدماتها ليس على المستوى المحلي بل الإقليمي والعالمي.

طبيبة رواد الفضاء د.حنان السويدي: انعدام الجاذبية أكبر تحد يواجه رائد الفضاء

ماذا عن الجنود الآخرين في هذه المهمة؟

كانت هناك كتيبة تعمل كخلية نحل لإنجاح مهمة المنصوري في الفضاء، وعلى رأسها الفريق الذي يعمل في مركز محمد بن راشد للفضاء والذي يعمل فيه شباب مواطنون بمعدل أعمار 27 عاماً، بجانب الفريق الإداري والإعلامي كلهم كانوا على قلب رجل واحد.

د. حنان السويدي خلال متابعة النيادي صحياً
د. حنان السويدي خلال متابعة النيادي صحياً

وما الإجراءات التي اتخذتها لرائدي الفضاء؟

يتمتع رائدا الفضاء الإماراتيان بصحة بدنية ونفسية عالية، بجانب قوة التركيز والملاحظة ساعد ذلك كله على إتمام مهامنا بسهولة ويسر، وعلى تأقلم رائد الفضاء هزاع المنصوري أثناء تواجده في المحطة الدولية، وما اتخذناه من إجراءات طبية وقائية كانت كلها اعتيادية فحمل معه بعض الأدوية التي تقلل الشعور بالغثيان والصداع وهي أعراض واردة ويمكن أن يتعرض لها أي رائد فضاء.

د. حنان أثناء استقبالها لسلطان النيادي عند عودته من الفضاء
د. حنان أثناء استقبالها لسلطان النيادي عند عودته من الفضاء

حدثينا عن مرحلة العزل الصحي وطبيعة الأجواء فيها.

الإعداد للمهمة شيء ضروري ولا يقل أهمية عن وقت الرحلة، واقتصرت مرحلة العزل على أسبوعين وكان دوري فيها هو تهيئة البيئة الصحية ليس للرواد فقط، ولكن للفريق المسؤول عن المهمة، حيث يتم عزل الرائدين بعيداً عن أجواء الحياة العادية وتعقيمهما حتى نضمن عدم انتقال أي عدوى لهما، وتحفيزهما على العيش في أجواء مشابهة كتلك الموجودة في الفضاء، والتعود على نظام غذائي مدروس، بجانب ممارسة تمارين تأهيلية معينة تساعد على تأقلم الجسم مع البيئة الخارجية والتي تنعدم فيها الجاذبية.

لكل رائد فضاء طبيبه الخاص الذي يتولى كل تفصيلة متعلقة بصحته العام

وماذا عن دروكم أثناء تواجد رائد الفضاء في المحطة الدولية؟

كما نعلم جميعاً فإن لكل رائد فضاء طبيبه الخاص، الذي يتولى كل تفصيلة متعلقة بصحته العامة، فكان الاتصال به شبه يومي للاطمئنان على وضعه وما إذا كان يحتاج مساعدة، وخلال الأيام التي قضاها في المحطة الدولية تواصلت معه 4 مرات، والحمد لله كانت الأمور جيدة ومرت دون تحديات تذكر.

طبيبة رواد الفضاء د.حنان السويدي: انعدام الجاذبية أكبر تحد يواجه رائد الفضاء

ما أكبر تحد يواجهه رائد الفضاء، وكيف استطاع المنصوري التغلب عليه؟

انعدام الجاذبية، وهي من نعم الله تعالى التي لا نشعر بأهميتها إلا من اضطرته الظروف للعيش بدونها، فهنا يجد نفسه أمام تحد كبير خاصة وأن الجسم طبيعته تختلف فانعدام الجاذبية يؤدي إلى ارتفاع السوائل إلى أعلى منطقة الجسم والمتابع لرحلة رواد الفضاء يجد أحياناً الاختلاف في ملامح الوجه وكأنه منتفخ، إضافة إلى تغير في نبضات القلب وغيرها من الأمور التي تحدث في الجسم نتيجة غياب تلك النعمة الربانية وهي الجاذبية، أما عن كيفية تغلب المنصوري عليه فكانت باتباع التعليمات وممارسة التمارين الرياضية ساعتين يومياً، حتى يحافظوا على صحة العظام وقوتها وكذلك كثافة العضلات، والتي يفقدونها نتيجة قلة الحركة.

بعد عودة أول رائد فضاء إماراتي من المحطة الدولية، كيف تبلور دوركم؟

تمثل دوري في المراقبة الصحية وتسجيل أي تغير طرأ على المنصوري بجانب تأهيله للعودة مرة أخرى لحياته الطبيعية على الأرض، وحثه على ممارسة التمارين الرياضية لاستعادة لياقته، إضافة إلى متابعة التجارب العلمية والطبية والتي وصل عددها إلى 16 تجربة قام بها هزاع في المحطة الدولية، ودراسة النتائج التي وصل إليها.

ما أكثر النتائج التي استوقفتك من تلك التجارب؟

كانت تجربة قياس الوقت من أكثر الأشياء التي أدهشتني، ففي الفضاء قد لا يستطيع الإنسان تقدير الوقت الذي يمر عليه بالشكل المعتاد، عكس الحال على الأرض حيث نستطيع أن نخمن ما قضيناه من وقت مر علينا كأن نقول مرت نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة وهكذا، أما الفضاء فله حساباته الزمنية التي ما زالت في طور الدراسة.

كان العالم أجمع ينتظر مثلنا وصول رائد الفضاء الإماراتي إلى المحطة الدولية

وما أصعب مرحلة مرت عليك؟

مرحلة الانطلاق، والتي سبقتها فترة إعداد استمرت عاماً كاملاً، فقد كان العالم أجمع ينتظر مثلنا وصول رائد الفضاء الإماراتي إلى المحطة الدولية، يلي ذلك أول 48 ساعة قضاها المنصوري في الفضاء ومساعدته في التأقلم على الوضع الجديد.

ما أكثر شيء اكتسبته في تلك المهمة؟

قيمة الصحة وأنها يجب أن تكون على قائمة أولويات الإنسان ولا تسبقها متطلبات الحياة وتوفير مستلزمات الأبناء وغيرها من الأمور التي تؤثر في الصحة العامة للإنسان، فإذا أردنا أن نستثمر في الفضاء علينا أن نتمتع بالصحة والتي توفر لنا القدرة على العيش في ظروف مناخية مغايرة لم يعتدها البشر.

طبيبة رواد الفضاء د.حنان السويدي: انعدام الجاذبية أكبر تحد يواجه رائد الفضاء

وماذا عن «مسبار الأمل»؟

بالطبع هو حدث مهم حيث سيقوم المسبار برحلة إلى كوكب المريخ للتعرف إلى طبيعة المناخ وما إذا كان يصلح للحياة أم لا، وبلا شك تعد تلك خطوة مهمة فالمسبار سوف يفيد بما يجمعه من معلومات البشرية كلها.

ما الذي تعتمدين عليه في حياتك وصولاً لأهدافك؟

الصبر على التحديات، فطريق النجاح لا يأتي إلا بعد كفاح وتعب ومثابرة وطول بال، يلي ذلك التواضع مهما ارتفع الشأن ومهما بلغ الإنسان أعلى المناصب، وهو ما تعلمناه من شيوخنا الكرام.

من كان له الفضل فيما وصلت إليه؟

لوالدي ووالدتي كل الفضل فيما وصلت إليه، فلولا دعمهما لما وصلت لما أنا فيه، وكم أسعدني شعورهما بنجاحي في المهمة التي أوكلت لي ورأيت دموع الفرح والفخر في عين والدي والتي اختصرت كثيراً من الكلمات، ثم يأتي دور أساتذتي وزملائي الذين ساعدوني وقدموا لي الدعم.

طموحاتك على المستويين الشخصي والعملي.

حلمي أن ينعم كل من يعيش على إماراتنا الحبيبة بالصحة والعافية وذلك بتصميم نظام صحي فريد يدعم جودة الحياة على جميع الأصعدة، وطموحي أن يكون الشباب الإماراتي رائداً في المجالات العلمية المختلفة التي ستدفع الاقتصاد المعرفي الوطني إلى جوانب جديدة وحيوية.

الخطوة التالية

كل ما قمنا به مجرد بداية، فمحطة الفضاء التي تواجد بها المنصوري تبعد عن الأرض حوالي 400 كيلومتر فقط واستغرقت الرحلة نحو 6 ساعات، أما ما نستعد له هو رحلة السفر إلى كوكب المريخ، والذي يبعد عن الأرض مسافة تستغرق نحو 7 أشهر ذهاب فقط، ودورنا هو مواكبة هذا الحدث العظيم وأن نكون جزءاً منه بالاستعداد له حتى وإن كان ما زال خطوة بعيدة، والحقيقة تلك هي استراتيجية دولة اعتمدت تنميتها في البداية على النفط وتبع ذلك الاستثمار في العلم والمعرفة وجاء دخول الإمارات عالم الفضاء ليؤكد ذلك.

* تصوير: السيد رمضان