26 سبتمبر 2023

إنعام كجه جي تكتب: انتقام السيدتين الشقراوين

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: انتقام السيدتين الشقراوين

والعنوان أعلاه ليس من عندي بل من المجلة النسائية الفرنسية «مدام فيجارو». والمقصود بالسيدتين الملكة كاميلا قرينة ملك بريطانيا، وبريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي. أما المناسبة فهي الزيارة الرسمية ذات الطنة والرنة التي قام بها تشارلز الثالث إلى فرنسا وكانت الأولى له بعد التتويج.

لماذا وردت مفردة انتقام؟ ومم تنتقم المرأتان الشقراوان؟

إنه، بطبيعة الحال، انتقام من الماضي الذي وضع كلاً منهما في دائرة الشك والنبذ والاستنكار. كانت كاميلا، في فترة من الفترات، أكثر امرأة مكروهة في بلاد الإنجليز. لقد وضعت في قفص الاتهام باعتبارها المسؤولة رقم واحد عن فشل زواج ولي العهد من الأميرة ديانا، ذلك الزواج الذي انتهى بطلاق حزين وفضائح مؤلمة.

ثم وقع ذلك الحادث المروري المفاجئ في باريس، وفقدت ديانا حياتها وهي زهرة في ثلاثينياتها، وبكتها ملايين الأعين، وكادت وفاتها أن تهز أركان المملكة. ومرة أخرى ارتفعت أصابع الاتهام وتوجهت كلها نحو كاميلا، المرأة الشبح الذي خرب بيت ديانا ودفعها إلى مغامرات أرادت منها ترميم كرامتها الجريحة.

انزوت كاميلا في الظل وانتظرت مرور العاصفة. إن الزمن كفيل بمداواة القصص المتأرجحة والأرواح المعذبة. وهو ما حدث بعد سنوات طوال من الصبر. لقد صبرت ونالت فوق ما كانت تحلم به، فهي لم تتزوج من حبيبها ولي العهد فحسب، بل جلست معه على العرش ملكة متوجة على رؤوس الأشهاد.

ماذا عن الشقراء الثانية بريجيت ماكرون؟ كانت معلمة في مدرسة حين وقعت في حب واحد من تلاميذها الشاطرين. كان اسمه إيمانويل ويصغرها بربع قرن. ثارت أسرة الطالب ضدها وحاولت إبعاده عنها. ووقفت أسرتها ضدها فهي كانت متزوجة ولها أبناء في سن حبيبها المراهق. لكن الغرام يعمي العيون.

من كان يتوقع أن تتطلق المعلمة من زوجها وتقترن بتلميذها؟ بل من كان يتصور أن ذلك التلميذ المجتهد سيكبر ويخوض الانتخابات ويصبح رئيساً للجمهورية الفرنسية، يحتضن كف زوجته ومعلمته لكي ينصبها سيدة في قصر «الإيليزيه»؟

قبل أيام تقابلت السيدتان الشقراوان في باريس، الملكة والفرنسية الأولى. بريجيت في السبعين وكاميلا أكبر قليلاً. ومنذ اللحظات الأولى رصدت كاميرات الصحافة تواطؤاً عجيباً بينهما. قد تجاوزت مدام ماكرون قواعد البروتوكول ولم تنحن أمام ضيفتها الملكة بل صافحتها وتبادلت معها القبلات. وطوال الزيارة لم تتوقفا عن الضحك والطبطبات.

إنهما في القمة، ترفلان بأجمل الثياب والمجوهرات، والكل ينحني لهما ويقدم فروض الاحترام. مضى وانقضى زمن العار وحان وقت السعادة. هل هناك انتقام أشد من هذا الذي تابعناه على شاشات التلفزيون وهما تتهامسان وتتبادلان الضحكات مثل صديقتين منتصرتين؟

 

مقالات ذات صلة