تعرض منصة «نتفليكس» هذا الخريف الجزء السادس من المسلسل الأميركي «التاج». إنه الجزء الذي يتضمن مصرع الأميرة ديانا في حادث سيارة داخل نفق وسط باريس. اصطدام اهتزت له أركان بريطانيا ورددت صداه بقية بلاد العالم. وقد مر أكثر من ربع قرن على الحادث لكنه ما زال يستدعي التقولات والتخمينات.
أعلن منتجو المسلسل أنهم أرسلوا مصوريهم إلى العاصمة الفرنسية لالتقاط تسجيلات للمسار الذي قطعته سيارة طليقة ولي العهد البريطاني قبل أن تضرب أحد أعمدة النفق وتتحول إلى علبة من صفيح متداخل ومعوج. قالوا إنهم حرصوا على ألا تكون المشاهد صادمة للجمهور، أي محبي أميرة القلوب، والاكتفاء بلقطات رمزية حزينة. هل تداوي اللقطات الحزينة كل ذلك الجرح الذي لم يندمل؟
حين تزوج الأمير وليام، نجل ديانا، استعاد كل المعلقين ذكرى الأم التي رحلت قبل أن تفرح بعرس بكرها. والأمر نفسه حدث مع زواج الابن الثاني هاري. ولما اقترن تشارلز بكاميلا فقد كان هناك من أشاح بوجهه عن شاشة التلفزيون استنكاراً. أما عند تتويجه ملكا وكاميلا ملكة، فقد ارتفعت ملايين الحسرات في العالم لأن التاج لم يوضع على رأس ديانا.
مات رجل الأعمال المصري محمد الفايد فقفز اسم ديانا إلى نشرات الأخبار. إن العجوز الفقيد هو والد صديقها دودي الذي فقد حياته معها في حادث السيارة. كأن كل وسائل الإعلام تبحث عن أي حجة للحديث عنها وفتح قوس السؤال المثير: هل ماتت قضاء وقدراً أم بفعل فاعل؟ كان الأب المفجوع يصر، حتى النفس الأخير، على اتهام القصر البريطاني بتدبير مقتلها. لم تحتمل أسرة وندسور علاقة ديانا برجل عربي. وهي إذا تزوجته ورزقت بطفل منه فإن الطفل المسلم سيكون أخاً لولي العهد، رئيس الكنيسة الإنجليكانية.
في نهاية كل صيف، وبالتحديد في اليوم الأخير من شهر آب (أغسطس)، تجتهد المجلات في استعادة ذكرى حادث ديانا. هل هناك من تفاصيل مجهولة لم تشبعها الصحافة عجناً ولتاً؟ هذه المرة عثروا على طبيب فرنسي كان موجوداً، بالمصادفة، قرب موقع الحادث، واسمه فريديريك ميلييه، إنه الصيد الثمين لصحيفة «الديلي ميل»، فهو كان أول من اقترب من السيارة بعد اصطدامها وسارع يطلب الإسعاف. وهو قد حاول جس نبض المرأة الشقراء الجالسة في المقعد الخلفي. يقول إن وجهها كان خالياً من الإصابات لكنه لم يعرف أنها ديانا. وبحكم خبرته وقوة الصدمة فقد أدرك أن جروحها داخلية.
جاء المسعفون وتولى الرقيب الإطفائي إكزافييه جورمولون المهمة. وهو الذي شهد بأنها كانت واعية لكنها تتنفس بصعوبة. قالت: يا إلهي ماذا حصل؟ وكانت تلك كلماتها الأخيرة قبل وضع كمامة الأوكسجين على أنفها.
سيمر وقت طويل قبل أن تنسى الأجيال الحالية لغز ديانا. وهناك من السابقين من ما زال مشغولاً بلغز انتحار مارلين مونرو أو اغتيال جون كنيدي في أميركا. إنها الميتات التي ترفض عقول المحبين تصديقها.