فجأة قررت شركات الإنتاج السينمائي المصرية تقديم سلسلة أفلام عن الأبطال الخارقين «السوبر هيرو» ، وتم بالفعل طرح فيلمي «موسى» ثم «تاج»، كأول فيلمين لـ «سوبر هيرو عربي»، وفي الطريق أفلام أخرى مثل «دليله»، «الرجل العناب» وغيرهما.. فهل ستدخل السينما المصرية عالم الخارقين؟ وهل يمكن أن تنجح في تقديم بطل عربي؟ وما هي مقومات نجاح مثل هذه التجربة في السينما المصرية؟
في شهر يونيو 1938، ظهر العدد الأول من مجلات القصص المصورة عن الشخصية الخارقة «سوبر مان»، ليظهر بعدها على شاشات السينما في العام 1941، ثم في سلسلة أفلام متتالية، لتصبح حديث العالم. ومع التطورات الضخمة في صناعة السينما والتقنيات الحديثة، وفي العام 2008، ظهرت المرحلة الأولى من سلسلة أفلام «عالم مارفل» بشخصية «الرجل الحديدي»، واختتمت بسلسلة «المنتقمون» في العام 2012، ثم المرحلة الثانية في العام 2013، وانتهت مع «الرجل النملة»، ليأتي بعدها مرحلة جديدة مع «كابتن أمريكا: الحرب الأهلية» وسلاسل «الرجل العنكبوت»، وغيرها من سلاسل أفلام الخارقين.
فؤاد المهندس في شخصية «فرافيرو»
«فرافيرو».. أول أفلام الـ«هيرو» المصرية
على مدار أكثر من نصف قرن ظلت السينما العربية بعيدة تماماً عن هذا النوع من الأعمال السينمائية، باستثناء بعض الأعمال الكوميدية الخفيفة مثل «العتبة جزاز» عام 1969، الذي قدم فيه الفنان الكبير الراحل فؤاد المهندس أول «هيرو» مصري من خلال شخصية «فرافيرو»، رداً على شخصية «سوبر مان». في مقابل ذلك اكتفت شركات التوزيع بجلب هذه النوعية من الأفلام للجمهور المصري والعربي لعرضها في دور العرض، دون التفكير في اقتحام هذا المجال، وهو ما أرجعه النقاد إلى أهمية وجود التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، والبعض الآخر أرجع ذلك إلى التكاليف الباهظة التي تنفق على هذه الأفلام، حتى قررت بعض الشركات المصرية مؤخراً الدخول في هذا المجال لتقديم «سوبر هيرو مصري».
أحمد فهمي على ملصق فيلم «الرجل العناب»
بعد تجربة مسلسل «الرجل العناب» الذي قدمه المنتج أحمد السبكي عام 2013، الذي لعب فيه الفنان أحمد فهمي شخصية «عصفور» الشاب الذي يتناول تركيبة كيميائية فتحوله إلى رجل خارق، قرر المنتج تقديم الشخصية في فيلم سينمائي ضخم، سيحشد له كل الإمكانات المادية والتقنية لتقديم عمل مميز، غير أن العمل لم يخرج إلى النور حتى الآن.
إيمي سمير غانم في شخصية سوبر ميرو
ثم قدمت الفنانة إيمي سمير غانم مسلسل «سوبر ميرو» عام 2019، عن فتاة تمتلك قدرات خارقة وتساعد كل من حولها، وقررت بعده تقديم الشخصية في فيلم سينمائي، في الوقت الذي قدمت فيه شركة «سينرجي» فيلم «موسى» عام 2021، عن بطل خارق مصنوع من بقايا الحديد للقضاء على الشر، ووصفه مخرج العمل بيتر ميمي بأنه أول فيلم مصري في سلسلة أفلام الأبطال الخارقين المقبلة، معلناً عن تقديمه لعدد من أعماله إلى «سوبر هيرو»، بعد أن ظهر الفنان أمير كرارة بشخصية في نهاية «موسى» معلناً عن قيام هذه الشخصية ببطولة فيلم سينمائي جديد، مشتق من فيلم «موسى».
تامر حسني في شخصية «تاج»
جدل يصاحب أول فيلم أبطال خارقين «تاج»
خلال العام الحالي قدم النجم تامر حسني فيلم «تاج»، أول فيلم يتم تقديمه بشكل مباشر عن الأبطال الخارقين، غير أنه أثار جدلاً واسعاً منذ طرحه في دور العرض، وانقسم الجمهور بين مؤيد ومعارض في مصر والوطن العربي، حيث أشاد به البعض بسبب فكرة وقصة العمل، والتي تحكى حياة التوأم «تاج وهارون» اللذين يمران بالعديد من الأزمات ومع امتلاكهما لقدرات خارقة، وآخرين هاجموه بسبب عدم سرد القصة بشكل واقعي على طريقة أفلام هوليوود، التي تصنع حبكة درامية تضفي عليها مصداقية كبيرة.
لدينا هدف واحد وهو تقديم عمل يليق بأول شخصية «سوبر هيرو» في مصر والوطن العربي
المثير في الأمر أن تامر حسني وعد جمهوره على مواقع التواصل الاجتماعي بجزء ثان من الفيلم، وهو ما أشار إليه أيضاً بجملة على لسان «تاج»: «دي تنفع في الجزء الثاني»، وقال تامر «مؤكد أنني خضت تحدياً كبيراً، بكتابة مشاهد صعبة جداً خلال الأحداث، باعتباري مؤلف الفيلم، حتى يكون أمامي تحد أكبر في القدرة على القيام بها وتنفيذها، ساعدني على تنفيذها المخرجة سارة توفيق، حيث كان لدي إصرار على القيام بهذه الحركات بنفسي دون بديل، لأننا جميعاً كان لدينا هدف واحد وهو تقديم عمل يليق بأول شخصية «سوبر هيرو» في مصر والوطن العربي، وإن شاء الله الجزء الثاني سيكون أضخم وأهم».
ياسمين صبري في تصوير شخصية «دليلة»
ياسمين صبري.. أول «سوبر هيرو» نسائي
من جانبها أعلنت الفنانة المصرية ياسمين صبري، أنها بدأت بالفعل استعداداتها لتقديم أول فيلم أكشن وخيال علمي نسائي بعنوان «دليلة»، وستدور قصته حول شخصية سيدة «سوبر هيرو»، وأوضحت ياسمين «يتميز «دليلة» بأنه نابع من أفكار عالم «مارفل» نفسه، التي تدور في إطار عالم خيالي حول شخصيات خارقة عدة، واسم البطلة «دليلة» لن يكون قاصراً على عمل واحد، بل سيكون عملاً ضمن سلسلة تحمل الاسم نفسه».
ياسمين قدمت ملصقاً مبدئياً يحمل صورة تخيلية من وحي الفيلم، وهي تحمل بندقية وإلى جوارها كلب، وأخرى بملابس عالم مارفل، مؤكدة على أنها تتدرب حالياً على مشاهد «أكشن» وفنون القتال مع نخبة من المدربين المصريين والأجانب، وسيكون الفيلم من إخراج بيتر ميمي.
أحمد أمين في «سوبر زيزو»
على جانب آخر كشف الفنان أحمد أمين عن بدء التحضير لتصوير فيلم جديد بعنوان «سوبر زيرو»، وسيشاركه في بطولته هشام ماجد، حيث سيلعب أحمد أمين دور شخصية باسم «سوبر زيرو»، وهشام ماجد دور «سوبر هيرو»، ومن المقرر أن يبدأ التصوير خلال الفترة المقبلة، بعد أن يتم التعاقد مع باقي الفنانين، وستدور أحداثه حول شخصية البطل «سوبر زيزو» في مواجهة الهيرو الشرير ويتفوق عليه بأفكاره، وتدور الأحداث في إطار كوميدي.
آن الأوان لنقل هؤلاء الأبطال إلى شاشات السينما، عبر حكايات مصرية عربية، غير منفصلة عن واقعنا وهويتنا
وأضاف الفنان أحمد أمين «مثل هذه النوعية من شخصيات الأبطال مهم جداً نقدمها في الإطار الذي يتناسب معنا ومع واقعنا، ليس فقط بهدف تقليد الغرب، لكن من المهم أن نقدم شخصيات يتوحد ويتفاعل معها أطفالنا وشبابنا، لأنهم يعجبون ويتوحدون مع شخصيات الخارقين في الغرب، ونحن كنا أسبق إليهم في هذه النوعية، لكن من خلال القصص والحكايات، وأعتقد أنه آن الأوان لنقل هؤلاء الأبطال إلى شاشات السينما، عبر حكايات مصرية عربية، غير منفصلة عن واقعنا وهويتنا».
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه الفنان أحمد فهمي، عن أنه تعاقد بالفعل على تقديم شخصية «الرجل العناب» لتقديمها في فيلم سينمائي، من المقرر أن يتم تصوير بعض مشاهده في إحدى الدول الأوروبية، وأكد أحمد فهمي «يحسب لي أنني أول من قدم شخصية «سوبر هيرو مصري»، بالمفهوم المتعارف عليه حديثاً، وذلك منذ العام 2013، من خلال مسلسل «الرجل العناب»، وأعتقد أنه آن الأوان لتدخل السينما المصرية هذا المجال، فنحن لا تنقصنا الأفكار ولا الفنانين الذين يمكنهم تقديم هذه النوعية من الأعمال، كما لا تنقصنا الإمكانات، فضلاً عن أن التكنولوجيا متاحة الآن وبشكل كبير، ما يؤهلنا لتقديم هذه النوعية بنجاح».
شروط وواقع أفلام «سوبر هيرو» عربية
وفي رأي الناقد محمود قاسم أن النجوم المصريين الذين سيتصدرون لمثل هذه النوعية سيواجهون تحدياً كبيراً، خاصة أن قطاعاً كبيراً من جمهور هذه الأفلام على دراية واطلاع دائم بما يقدم في هوليوود من تلك النوعية من الأفلام، ويضيف «من المؤكد أن الجمهور سيقارن بين ما شاهده وما سنقدمه له، ما يرفع سقف الطموح لدى الجمهور المصري والعربي حول أفلام الخارقين العربية، سواء على مستوى الأداء التمثيلي أو المؤثرات البصرية».
نجاح هذه النوعية من الأفلام يعتمد في المقام الأول على وجود تكنولوجيا متقدمة جداً وجرافيك وتقنيات حديثة
من جانبها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة خير الله، أن الإنتاج هو العائق الوحيد أمام تنفيذ فكرة «سوبر هيرو عربي»، لكن سوق الصناعة السينمائية يسمح بالتنفيذ وقادر عليه بقوة، لأننا نمتلك كتاب سيناريو مميزين، وفنانين ومخرجين مبدعين، لكن بشرط أن نقدم أفلاماً تحترم عقل المتفرج، «نجاح هذه النوعية من الأفلام يعتمد في المقام الأول على وجود تكنولوجيا متقدمة جداً وجرافيك وتقنيات حديثة، ما يزيد من ميزانية أي فيلم إلى أرقام غير مسبوقة، وبعد هذا كله، ستحتاج هذه النوعية لدور عرض متخصصة لعرضها، حتى تظهر براعة التصوير والإخراج والصوت وكل التقنيات الحديثة».
وتواصل خير الله «أفلام «الخارقين» في هوليوود تخضع لمنظومة متكاملة في الصناعة، من حيث المستشارين العلميين وكتاب السيناريو وفريق الإعداد الفني والتقني ومخرجين لديهم أفكار متطورة، لذا فعندما نفكر في تقديم هذه النوعية لابد أن نقدم محتوى لا يقل إبداعاً وخيالاً عن المحتوى الغربي عبر قصص تخصنا ولا تقل طموحاً عن الأفلام العالمية، أو لا نقترب من هذا المجال، حتى لا يتحول الأمر إلى أعمال هزلية يسخر منها الجمهور».
* القاهرة: نورا حسن