تضفي مشاركة الأطفال في «أيام الشارقة التراثية» بدورته الـ21 ألقاً جميلاً على المهرجان الذي يُعد من أبرز وأهم المناسبات الثقافية في الدولة، والتي تعكس تراث الإمارات، وماضيها، وبيئاتها المختلفة.
خُصّصت لهذه الشريحة الكثير من الورش التفاعلية، والمسابقات، وفعاليات تقودهم إلى الإلمام بعاداتهم وتقاليدهم في سياق تفاعلي، بعيد عن التنظير.
وجذبت هذه الفعاليات الصغار، واصطحبهم الكبار في التفافة جميلة للمشاركة في الفعاليات المخصصة للشرائح السنّية الصغيرة، في استعادة لطفولتهم في الفرجان والأحياء القديمة، التي تحاكي ذكرياتهم، ونبض حاضرهم.
تتأمل مهرة الكثيري، 6 أشهر، بعينيها الأجواء وتستمع إلى بعض الأهازيج المصاحبة للمهرجان، وهي تتفاعل على وقع الموسيقى.. تقول والدتها إنها قصدت أيام الشارقة التراثية من أبو ظبي «هذه المرة الأولى التي أزور فيها المهرجان. إنّه رائع في تفاصيله، وأعادني إلى الماضي بكل ما يحتويه، من ديكور، وأطباق تراثية، ومن فعاليات وأنشطة تناسب الكبار والصغار».
وبالطبع، فإن الفعاليات المتنوعة تشكّل عنصر جذب للأطفال الذين يُضفون جواً خاصاً على المهرجان.
في كل ركن، ورش تفاعلية، وأنشطة ترفيهية ومعرفية للأطفال، وتحتدم المنافسة على الرسم، والمشاركة في المسابقات التي تتمحور حول التراث، وزمن الأجداد، للفوز بهدية، وفي الوقت نفسه إيصال رسالة أن جيل اليوم يحمل إرث الأجداد بأمانة.
تزور ليان عمر، ابنة الـ3 سنوات، ورش الأطفال في المهرجان، وتستمتع بتذوق الحلاوة، وتناول العصير، وهي ترتدي زياً بألوان زاهية.. تقول والدتها جهاد سعيد «سنوياً، نزور أيام الشارقة التراثية، وبالأخص فعاليات الأطفال، وحتى أنني أحب ارتياد أرجائه لاطلاع ابنتي على كل صور تراثنا، ولو أنها لم تزل صغيرة في السن، لكون صور الأزياء والأكسسوارات ومذاقات الأطعمة التقليدية تبقى راسخة في ذاكرة أطفالنا «وتمازحنا» حول الأطباق المفضّلة لابنتها «اللقيمات، الرقاق، والبروكلي».
تضج ساحة المهرجان بالأطفال، حيث تترك هذه المشاركة آثاراً إيجابية فيهم، على صعيد تعريف الأطفال بالتقاليد والعادات الشعبية الإماراتية، وبالتالي تعزيز الهوية والانتماء، وتدعيم القيم والمهارات، على مستوى تعزيز المهارات الاجتماعية في التواصل والتعاون، خصوصاً عند مشاركتهم في الأنشطة والألعاب التقليدية.
تغمر السعادة صوغية أبو بكر النقبي، 4 سنوات، وهي تلعب بالأرجوحة، ويحاول ابن عمتها ياسر النقبي مساعدتها على ضبط إيقاع حركتها.
سُمّيت صوغية بهذا الاسم تيّمنا باسم جدتها، وهي تعرب عن سعادتها بالمهرجان والفعاليات المصاحبة، في حين تحرص والدتها، مروة الحمادي، على الحضور سنوياً، من خورفكان للاستمتاع بالأجواء، خصوصاً بالألعاب والمسابقات التراثية، وهي أجواء جاذبة، لا سيما وأنها تواكب أجواء النصف من شعبان، والاستعداد لشهر رمضان المبارك.
وفي إشارة إلى تمسّكها بكل ما يمت للماضي بصلة، تلفت الحمادي إلى أن عائلتها تواظب على تناول الأطباق التقليدية الإماراتية، والابتعاد عن الوجبات السريعة، إلا فيما ندر، كما تدأب على حضور معظم الفعاليات التراثية التي يتم تنظيمها في الدولة.
توزع الأطفال على أركان عدّة من المهرجان. تلعب سحاب نادر بالرمل، وتحاول أن تبني قصراً، أو ما شابه. والدتها دينا صالح قصدت هذه الفعالية التراثية التي تصفها بالمميزة، وتترجم، وتقرّب مفهوم التراث لأطفالنا بشكل حسّي.
لا تجد دينا صالح أيّ مشكلة في أن تلعب طفلتها بالرمل، وتتسخ ملابسها، وتوضح «المهرجان هو مقصد للترفيه ويمكن للأطفال الاطّلاع على تراثهم من خلال الأنشطة الترفيهية عن طريق التعليم باللعب».
في الساحة حيث الأراجيح والرمل وغيرها الكثير من الأنشطة، تحاول تلك الأم تفسير مفهوم التراث لابنتها، ومساعدتها على الإلمام بالعادات والتقاليد، ولا تغفل عن كون تلك الفعاليات ترسي أساساً قوياً لدى الأجيال الحالية، في القبض على معاني التراث، وملامحه، تبعاً لمنهج تربوي يحاكي عقولهم وقلوبهم، في زمن التكنولوجيا، وتقريب صورة «بابا زايد»، و«بابا راشد»، وسرد القصص عنهما، وعن إنجازاتهما بأسلوب سلس، كما تشير.
وفي حين تعلو أهازيج البيئة الجبلية، يحاول سعيد ريزوان، عامان، أن يستكشف بزيّه التراثي بعض الحركات التي تواكب الأهازيج الشعبية المرتبطة بالحياة سابقاً، وما يرافقها من معاناة، حيث كانت تلك الأغاني والفنون تشكّل «منطقة تحرر» من كل تلك الضغوط.
تقول والدته إنها «المرة الأولى التي أزور فيها المهرجان. إنّه حقاً ممتع، ويضم الكثير من الأنشطة التي اجتذبت حواسّ طفلي، لدرجة أنه كان يود مشاركة الرقص مع الفرقة الشعبية التي تؤدي بعض الرقصات الشعبية على وقع الطبل».
بدورها، قدِمت الأم، مريم الكعبي، مع طفلتيها ميرا وروضة سلطان، إلى المهرجان واصطحبت طفلة أحد أقاربها، هند عبدالله.
تبدو الطفلات في غاية الفرح، وهنّ يتزينّ بلباس تراثي ويستعددن للمشاركة في العديد من الورش والفعاليات والألعاب الشعبية، حيث تروي لنا ميرا «الأجواء جميلة ويمكننا الاستمتاع كثيراً وتذوّق الحلويات الشعبية والأطباق التراثية».