آمنة بالهول: في قبّة الوصل نروي قصصاً وحكايات تراثية بلمسة عالمية
آمنة بالهول، شابة تعشق رسوم «ديزني»، وقد حوّلت عشقها لهذه الرسوم المتحركة إلى شغف قادها إلى المشاركة في المسابقة العالمية، التي طرحتها المؤسسة العالمية للشباب حول العالم للمشاركة في بناء مستقبل «ديزني»، لتنجح في المسابقة، وتصبح أول إماراتية تحصل على فرصة عمل في «ديزني لاند» العالمية، حيث صقلت مهاراتها الإبداعية سريعاً، وعادت إلى الإمارات لتنقل ما اكتسبت من خبرات لتتولى منصب المدير الإبداعي التنفيذي للفعاليات والترفيه في مدينة إكسبو دبي.
تركت العمل في «ديزني» لتفيد وطنها بخبرتها في مجال الأنيميشن.
حاورت «كل الأسرة» آمنة بالهول، فأخبرتنا عن تجربتها الفريدة من نوعها، والتي مكّنتها من التكلّم بالأحاسيس، فقد نجحت من تنمية قدراتها الإبداعية بعدما اكتسبت خبرات عملية في «ديزني لاند» العالمية، أكبر منتجي أفلام الرسوم المتحركة شهرة، منذ منتصف العشرينيات من القرن الماضي، ليتم منحها الثقة المطلقة بعد عودتها للإمارات، لاستكمال مسيرتها في العمل الإبداعي، حيث سخّرت أنظمة الإضاءة والصوت، لتحكي قصصاً وأحاسيس تلامس زوار مدينة إكسبو دبي.
حدثينا عن بداية المشوار، ووصولك للعمل في «ديزني لاند» العالمية؟
عندما كنت طالبة بكلية الفنون والتصميم، في تخصص الرسوم المتحركة الثلاثية الأبعاد، بجامعة زايد، في دبي، شاركت في مسابقة دولية طرحتها المؤسسة العالمية للشباب حول العالم، تحت عنوان «ديزني اما جنيرز»، وتمكنت من الفوز بمنحة للتدريب العملي بـ«ديزني لاند» العالمية في قسم البلو سكاي، لمدة سبع سنوات، عن فكرتي التي كانت عبارة عن إنشاء جامعة «والت ديزني»، للحفاظ على جودة وأصالة فن الرسوم المتحركة التي عهدناها في الماضي من «والت ديزني»، بعدما لاحظت أن الأعمال التي تنتج حالياً، تختلف عن أعمال الرسامين القدامى.
وقد طرحت فكرة الجامعة بحيث تحتوي على قاعات الدراسة، والمناهج الدراسية، والكليات، ووضعت أسس المنهج، وتفاصيل المشروع بدقة شديدة، ففزت بمنحة للتدريب العملي في «ديزني لاند» العالمية، وحصلت على وظيفة في قسم «بلو سكاي» بديزني، وهي بمثابة مخّ «ديزني» حيث يتم اختراع ألعاب الحدائق، ولكنني لم أستمر في العمل هناك على الرغم من التجربة الثرية، والخبرة الطويلة التي اكتسبتها، وشعرت بضرورة العودة إلى موطني، وتسخير خبرتي لتطوير العمل الإبداعي في الإمارات.
كيف نقلت تجربتك العملية للإمارات؟
بعد عودتي للإمارات، قررت دراسة تخصص الهندسة المعمارية، كي أعزز تجربتي بتعلم الهندسة المعمارية للمسارح، كما نقلت أسس الأنيميشن وسرد القصص من دون كلام، من خلال عملي في «ديزني»، وطبقت أسرار هذا الفن الإبداعي في افتتاح إكسبو دبي 2020، كمخرجة للحفل، من خلال قبّة الوصل التي تشكل مساحة عرض غامرة بنطاق 360 درجة، والتي صُممت لإبهار الزوار كمنطقة رئيسية تستضيف العروض والحفلات الكبرى، باستخدام أنظمة العرض والصوت، لنروي قصصاً وحكايات تمسّ الأحاسيس بلمسة عالمية. فأنا كما أقول دائماً أحب التكلّم بلغة الأحاسيس، فيمكن أن يكون العرض مبهجاً، ولكنه يمس مشاعر معينة تجعلك تبكين من نشوة الإحساس الذي يصل إليك، والذي غالباً ما يأخذك لمنطقة محببة في داخلك، فعروضنا تفاعلية نابضة بالحياة.
ماذا تعنين بجملة «عروض بصرية تمسّ الأحاسيس»؟
في قبة الوصل بإكسبو دبي، نقدم تجربة غامرة بالأحاسيس البصرية والسمعية المبتكرة، حيث نعمل على إضفاء روح حقيقية للعمل الذي نقدمه، فقد ذهبت لصحراء المرموم لتسجيل صوت الهواء الذي يسمعه الناس في ساحة الوصل أثناء العروض، ليشعروا بروح وأجواء الصحراء الإماراتية بالفعل، حتى أن صوت الأذان الذي نسمعه في قبة الوصل سجلته من أربعة مساجد مختلفة، ودمجتها لنسمع صوت أذان، مميزاً ومختلفاً، يمسّ القلوب والأحاسيس، حتى العصافير التي نشاهدها في قبة الوصل، سجلت أصواتها من تجمع شجرة في ميدان بدبي، والتي تعطي أحساساً بالسكينة، بل الشعور بهبوب نسمات هواء باردة، خصوصاً عندما يقترن صوتها بصوت الشلالات القريبة من قبة الوصل ليشعر الزوار بإحساس البرودة.
ما أبرز القصص الإماراتية الملهمة التي جسدتها شاشة قبّة ساحة الوصل؟
لدينا تراث ثري من القصص الحصرية التي لا يوجد لها شبيه في العالم، والتي لم تسرد من قبل، ومن أبرز هذه القصص، قدّمنا عرض الفتى والخيل، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهو عرض مسرحي بعنوان «العاديات.. الفتى والخيل»، وهو مُستوحى من كتاب «قصتي»، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يروي حكاية فتى صغير حباه الله رؤية ثاقبة، يكبر ويصبح قائداً.
وتتضمن الحكاية الفرس «سودا أم حَلَجْ» التي تعيد اكتشاف حبّها للحياة، من خلال سرد شعري. وقد شمل العرض خمس لوحات فنية، هي: «البداية والحلم»، و«الاختيار»، و«العلاج»، و«التدريب»، إضافة إلى اللوحة الأخيرة التي حملت اسم «النهاية»، ويظهر فيها الفارس الشاب، وهو يعتلي صهوة الفرس، بعد انتهائه من علاجها.
حدّثينا عن تجربتك الأخيرة في «ضيّ دبي»؟
مهرجان «ضيّ دبي» هو واحد من العديد من البرامج والمهرجانات التي تسلط الضوء على تراثنا، كما ذكرت من قبل، فقد سلّطنا الضوء على سلسلة من الأعمال الفنية والتركيبات الضوئية للفنّانين الإماراتيين، مثل مطر بن لاحج الذي صمّم الخطوط على واجهة متحف المستقبل، والفنانة الدكتورة نجاة مكي الحائزة على الوسام الفرنسي للفنون والآداب، وأحد مؤسسي جمعية الإمارات للفنون التشكيلية الدكتور محمد يوسف، والمصمّم عبدالله الملا الذي شارك في بينالي لندن للتصميم السنة الماضية، والفنانة متعددة التخصّصات ميثاء حمدان، والمصمم المعروف خالد الشعفار، والفنانة التشكيلية الشهيرة ريم الغيث.
كما استعرضنا تجربة الفنانة الإماراتية الراحلة ظبية جمعة، من خلال العرض الضوئي المذهل «أخوات الصحراء»، الذي حوّل قبّة ساحة الوصل الشهيرة إلى لوحة فنّية تجعل الزائر يشعر وكأنه يقف في قلب إناء من الرمل، وتمثل هذه الفعالية تحيّة تقدير لأعمال الفنانة الإماراتية الراحلة ظبية جمعة لملح التي تحدّت حالة صحية أفقدتها الحركة والنطق، لتتواصل مع العالم الخارجي بخطوط ونقاط، خاطبت بها قلوب الناس، وعقولهم، وقد رأينا الأنماط في أعمال ظبية، وأدركنا، على الفور.
أوجه التشابه مع فنّانات أخريات في المناطق الصحراوية حول العالم، فخطرت في ذهني فكرة أن نجمع في قبّة الوصل أعمال هؤلاء الفنانات اللواتي يشتركن في الموهبة والعزيمة، كأنهن أخوات، في فعالية أخوات الصحراء، حيث تشارك في «أخوات الصحراء» فنّانات مبدعات من مناطق صحراوية أخرى حول العالم، مثل الأسترالية ريني كوليتجا والجنوب إفريقية د. إستر مالانغو.
* تصوير: السيد رمضان