لا شك في أن من يراهن على الجمهور يربح دائماً، بخاصة إذا كان يستطيع أن يفرق بين الرهان على الجمهور، و«الضحك عليه»، أو استغلاله، فبعد أن رفض المشاهدون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن يقتصر «كامل العدد» على 15 حلقة فقط، والذي حقق مشاهدات عالية على منصات البث المرئي والفضائيات في الموسم الماضي، رمضان 2023، قرر صنّاع العمل إضافة 15 حلقة جديدة هذا الموسم، ورفضوا أن يطلق عليها «موسم ثان»، بل أطلقوا عليه «كامل العدد+1».
ورغم توقع البعض أن الجزء الثاني من المسلسل «كامل العدد» لن يضيف جديداً، بعد أن قدم القضية التي يتناولها بكل تفاصيلها في الجزء الأول، من وجهة نظرهم، وأن هناك محاولة من صنّاع العمل لاستغلال تعاطف الجمهور بعد نجاح الجزء الأول، إلا أن الجمهور فوجئ بأحداث جديدة في الموسم الثاني «كامل العدد+1»، الذي كتبه رنا أبو الريش ويسر طاهر، وقام ببطولة نجما الجزء الأول دينا الشربيني وشريف سلامة، مع عدد كبير من النجوم الكبار، مثل إسعاد يونس، وأحمد كمال، وميمي جمال، وألفت إمام، وعدد من الأطفال، والوجوه الجديدة.
بدأت الأحداث بعد عام تقريباً من نهاية الجزء الأول، وقد أنجبت البطلة «ليلي» طفلها الخامس بشكل عام، والأول لها من زوجها الثالث «أحمد»، وأطلقت عليه اسم «عمر» على اسم زوجها الثاني، الذي توفي خلال الفاصل بين الجزأين، ليختفي دوره، وهو تصرف ذكي من صناع العمل، لتخليد ذكرى الفنان الراحل مصطفى درويش، الذي أدى دور «عمر» في الجزء الأول بنجاح، وخلق مبرراً درامياً مقنعاً لاختفاء دور الفنان الراحل، واستغلال هذا الغياب في إضافة الكثير من المشاعر والأحاسيس، بخاصة مع إضافة شخصية والدة «عمر»، التي جسدتها الفنانة ميمي جمال، والتي صبغتها بالطابع الشعبي، لخلق مفارقة كوميدية عند الصدام مع السيدة الأرستقراطية «حياة عبد الجواد»، والدة «أحمد» التي جسدتها الفنانة إسعاد يونس، من دون الإخلال بالبناء الدرامي.
أعاد صنّاع العمل استخدام البناء نفسه في الجزء الأول، معتمداً على قصة الحب التي تجمع بين البطلة والبطل، وأولادهما، ومحاولة الجمع بينهم في بيت واحد، لتوليد العديد من المفارقات الكوميدية، بعد أن أصبحت «ليلى» أمّاً مسؤولة عن ثمانية أولاد، في الوقت الذي يشعر فيه الزوج «أحمد» بضياع بعض حقوقه، وسط هذا الكم من الأطفال، ما يجعله يستجيب، بعض الوقت، لمشاعر طبيبة شابة في عيادته، ليخوض الزوجان صراعات درامية على جبهة جديدة.
وفي موازاة ذلك، نجد صراعات الخط الرئيسي، المتمثلة في مشاكل أولادهما، وإصابة والد «أحمد» بورم سرطاني، وخلافات والد «ليلى» مع والدتها، وغيرها من الحكايات الفرعية، التي لم تؤثر في الحكاية الرئيسية، بل استغلها السيناريو بذكاء لتدعيم الحبكة الرئيسية في حكاية «ليلى وأحمد»، ومنح كل شخصية مساحتها المؤثرة في الدراما، سواء على مستوى الشخصية نفسها، أو في علاقاتها بالشخصيات الأخرى، مع خلق حالة من التوازن الدرامي بين الكوميديا والواقعية، عبر العديد من المشاكل بدرجات متفاوتة في الأهمية، من دون اللجوء إلى الافتعال في تناولها، أو محاولة استغلالها لليّ ذراع الكوميديا باللجوء إلى «الافيهات»، أو الوقوع في فخ «الميلودراما»، في التعامل مع موضوعات مثل الخيانة الزوجية، أو المرض، أو حتى الموت.
بل على العكس، حرص صنّاع العمل على إظهار دفء الأسرة، ولحظات السعادة فيها، من دون إغفال شخصياتها المتمردة، والحفاظ على «شعرة» المطالبة بالحقوق والخروج عن تقاليد العائلة، التي تقدم نفسها باعتبارها تنتمي بأفكارها إلى الطبقة الوسطى، وفي مظهرها على طبقة فوق المتوسطة، ما يخلق حالة من صراع الأفكار الحديثة في التربية ومساحة الحرية، وبين العادات والتقاليد التي تحكم الآباء، وهو ما نجح المسلسل في التعامل معه بسلاسة ،وعبر مواقف كوميدية حقيقية.
اقرأ أيضاً: دينا الشربيني: «كامل العدد 2» في رمضان المقبل مختلف تماماً وفيلم «شقو» صعب جداً
* القاهرة: أحمد إبراهيم