الواجب الإنساني، وحب الوطن، والرغبة في ردّ الجميل له، دفع أبطال السباحة والغوص في منطقة ند الحمر للقفز في مياه الأمطار التي غمرت المنطقة، لإنقاذ الأشخاص الذين احتجزتهم المياه داخل سياراتهم، والاستمرار في سحب السيارات الغارقة هناك، لأربعة أيام متتالية.
تواصلت «كل الأسرة» مع بطل السباحة في نادي الوصل، ومنتخب الإمارات للسباحة، عمر الحمادي، ليخبرنا عن تجربته، هو وعدد من شباب المنطقة الماهرين في السباحة والغوص، حيث نظموا أنفسهم كفريق، واستمروا في إنقاذ الأشخاص العالقين بالمياه وسياراتهم، بجهود شخصية، وتطوعية.
واجب وطني وإنساني
يذكر السبّاح عمر الحمادي أحداث اليوم الأول من المطر، حيث كان يسبح باتجاه السيارات في ظروف صعبة أفقدته القدرة على رؤية الأشياء بوضوح، ويقول «بمجرد هطول المطر اتجهنا نحو الدوار الكبير الذي تتجمع فيه مياه الأمطار بسبب انخفاضه، وكان همنا الأكبر هو إنقاذ الناس من داخل السيارات، كانت الرؤية صعبة، ولا نعرف ما الذي سيقابلنا، حتى إننا سمعنا أن هناك ثعباناً في المياه، ولم نفكر سوى في التأكد أن السيارات خالية من الناس، وبحمد الله، لم يتعرض أحد للخطر، فنحن كسباحين تمكنّا من تفادي الغرق في المناطق المنخفضة التي لا يمكن المشي فيها».
ويصف الحمادي تجربته بأنها نابعة من حبه لوطنه الذي دفعه للمساعدة من دون تردد، أو تفكير «لقد كنت أستعد لبطولة رياضية في هذه الفترة، الأمر الذي يحتاج إلى تدريب مكثف، وراحة بدنية، لكنني قضيت هذه الفترة في إنقاذ الناس والسيارات، ولم أشعر بالتعب إلا بعد الانتهاء من سحب أكبر عدد من السيارات، فحالة الحماس والفخر التي كنا نشعر بها كانت تمنحنا القوة، والعزيمة للاستمرار».
«جروبات الفرجان».. والدور النسائي
من جهته، يتحدث أحمد الحمادي عن دور «جروبات الفرجان» عبر تطبيق «واتس أب» في الكشف عن السيارات الغارقة، والأشخاص المحتاجين إلى مساعدة، ويوضح «كل فريج أنشأ «جروب»، وكنا نستقبل من خلاله استغاثات الناس، وهنا برز الدور النسائي في عملية الإنقاذ التي كنا نقوم بها، فهن من يستقبلن الرسائل، وينسقن بين الناس المحتاجين إلى المساعدة، وبين الشباب المنقذين، فقد نجحت هذه «الجروبات» في تسهيل مهمتنا، وترتيب الأولوّيات».
وحول المواقف الصعبة التي مرّ بها الشباب يقول أحمد «الخوف من الكهرباء، أو السقوط في الحفر المغمورة بالمياه، كان من الأمور المقلقة للناس، لذا ترددوا في الخروج من سياراتهم، وعلى الرغم من احتمالية حدوث أي شيء مفاجئ من هذا القبيل، لكننا خضنا المغامرة كسبّاحين وغواصين، لدينا مهارة في التعامل في الظروف المفاجئة، كما تمكنّا من إنقاذ أشخاص كثر، واستقبلت عدداً منهم في منزلي، حتى استقرت الأمور وتوقف المطر».
قيمة رياضة السباحة في إنقاذ أرواح الناس
أما السبّاح عمران الحمادي (15) سنة، فهذه أول تجربة سباحة له خارج الملعب، وقد شارك في عملية سحب السيارات الغارقة في مياه المطر «في الحقيقة كنت في البداية أطبّق إرشادات أخي الأكبر عمر، من ناحية كيفية فتح السيارة، والطرق الصحيحة لسحبها من المياه، فأنا سباح منذ كنت في السادسة من عمري، ولكن لم أشارك في عملية إنقاذ من قبل، ما حدث زاد من قوتي ومهاراتي، وزاد من شعوري بقيمة رياضة السباحة، فلها جانب إنساني ومجتمعي، عندما تكون قادراً على إنقاذ حياة الناس، وإيصال المساعدات للمنازل في الشوارع الغارقة، ومن جهتي أشعر بالفخر لأنني وقفت بجانب الدولة في هذه الأزمة، فنحن كشباب يجب ألا ننتظر المساعدة، بل نعمل يداً بيد لإصلاح أي مشكلة يمكن أن نتعرض لها.