16 مايو 2024

جولة في صالات السينما العالمية.. خلط أوراق وسقوط أول فيلم صيفي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

جولة في صالات السينما العالمية.. خلط أوراق وسقوط أول فيلم صيفي

بينما يحتفل المصريون بعيد شمّ النسيم المتوارث من عهد الفراعنة، بمناسبة بدء أشهر الربيع، تعلن هوليوود بداية موسم الصيف بطرح فيلم The Fall Guy ومجموعة من الأفلام الأخرى التي لم تنجز المطلوب منها.

جولة في صالات السينما العالمية.. خلط أوراق وسقوط أول فيلم صيفي

The Fall Guy.. فيلم السقوط أيضاً

«رجل السقوط» The Fall Guy هو فيلم خفيف قائم على حبكة كوميدية مع بعض مشاهد الأكشن، هو الفيلم الذي أعلن عنه رسمياً، كبداية موسم الصيف.

لا أحد يعرف كيف لم ينجز أكثر من 21 مليون دولار في «الويك إند» الأول، لكن يبدو أن بطله رَيان غوزلينغ حرق نفسه عندما لعب دوراً كوميدياً خفيفاً آخر في «باربي» العام الماضي. أيضاً من المحتمل أن يكون سقوط الفيلم، الذي يتحدّث عن دوبلير أفلام يجد نفسه متحوّلاً إلى تحرٍّ خاص، يعود ببساطة إلى عدم اهتمام المشاهدين بهذا الموضوع.

جولة في صالات السينما العالمية.. خلط أوراق وسقوط أول فيلم صيفي

Cash Out.. رجل واحد بطل للعصابة

أفلام الأكشن لا تترك أسابيع السنة تمضي. هي دوماً في الجوار تتحدّث عن رجل ضد عصابة، رجلين ضد عصابة، رجل وامرأة ضد عصابة، أو امرأة ضد عصابة. لكن أحياناً ما تبتكر هوليوود حبكة مختلفة. في «كاش آوت» (Cash Out) بطل الفيلم هو العصابة، وهو ليس سوى جون ترافولتا الذي خسر، لجانب شعر رأسه، الكثير من النجومية السابقة.

هنا يؤدي شخصية لصّ مصارف محترف، لكن احترافه لا يخدمه إذ يجد نفسه مُطارداً من قبل رجال الشرطة. ومن حسن حظه أن المرأة الخبيرة بفن التواصل والتفاوض كانت صديقته القديمة التي ستفكّر في استعادة العلاقة معه. ليس كل الفيلم محصوراً داخل المصرف، إذ سيُتاح لبطل الفيلم ركوب سيارة رياضية فارهة، واستخدام طائرة شخصية، وتسلية المشاهدين ببعض التشويق أيضاً.

جولة في صالات السينما العالمية.. خلط أوراق وسقوط أول فيلم صيفي

The Ministry of Ungentlemanly Warfare.. خفيف الوزن وساخر

وكانت شركة ليونزغايت دفعت بفيلم جديد للمخرج البريطاني غاي ريتشي، إلى الأسواق مؤخراً، تحت عنوان «وزارة الحرب غير الجنتلمانية» (The Ministry of Ungentlemanly Warfare) التي كان أنشأها ونستون تشرشل بهذا الاسم على أساس أن الألمان، خلال الحرب العالمية الثانية، ابتدعوا طرقاً غير «جنتلمانية» ضد بريطانيا، ما يبرر إنشاء وزارة من المعيار نفسه.

ما أنجزه ريتشي هنا هو فيلم خفيف الوزن. ساخر، ويعمل لمصلحة عناصر الإبهار. لم يكن في الفيلم أي جديد ما تسبب بانزلاقه سريعاً من المركز الرابع إلى ورائه.

جولة في صالات السينما العالمية.. خلط أوراق وسقوط أول فيلم صيفي

فيلم «علَم» الفلسطيني.. تقديرات عالية

وكانت الشركة الفرنسية MPM اختارت في الأسبوع الماضي الفيلم الفلسطيني «علَم»، لطرحه في الأسواق الأمريكية. خطوة كافية لمنح الفيلم نسبة أعلى من الإيرادات أكثر مما كان يستطيع إنجازه فيما لو لم تكن الحرب في غزة مشتعلة.

يتمحور «عَلَـم» للمخرج فراس خوري حول العلم الفلسطيني، وما يرمز إليه. هناك، فوق سطح مدرسة تقع في القدس المحتلّة، (نرى المسجد الأقصى في الخلفية في مشهد واحد)، علم إسرائيلي يرفرف فوق السطح. تامر (محمود بكري) ورفاقه يخططون لاستبدال العلم الإسرائيلي بعلم فلسطيني. المهمّة عليها أن تبقى سريّة خوفاً من العواقب.

العلَم بالطبع هو رمز، لكن الحكاية لا تعدو في نهايتها أكثر من جمع بين الموضوع السياسي (القضية والهوية)، ومتابعة بيئة شبابية مراهقة موزّعة بين عواطف مختلفة مع علاقة عاطفية تنمو (بتمهّل جيد)، بين تامر وميساء (سيرين خاص). يلقي المخرج نظرة عارفة على تلك البيئة والعالم المحدود بين المدرسة والبيت. بين الأستاذ هنا والأب هناك.

يمر معظم الفيلم في حوارات بين تامر وأصحابه كاشفة شخصيات كل منهم، لكن ليس هناك لا من إدارة، ولا من معالجة فنيّتان. مشاهد التظاهرات تهدف لرفع مستوى الحماس، ما يحيل الفيلم إلى عمل عاطفي آخر مع نهاية هامدة، تلك التي نرى فيها تامر، وهو لا يزال بلا قرار والبحث عن هوية حقيقية لنفسه كفلسطيني يمضي بشعور من العبث.

رغم بساطة تكوينه إلا أن النقاد الأمريكيين في الولايات المتحدة منحوه، عبر مجلات ومواقع مهمّة، تقديرات عالية من شأنها مساعدة الفيلم، في الظروف الحالية، على تحقيق بعض الرواج. «فيلم تريت» ومجلة فرايتي وسكرين دايلي منحت هذا الفيلم من الاستحسان أكثر مما منحت فيلم Humane لكايتن كروننبيرغ، ابنة المخرج الكندي الشهير ديفيد كروننبيرغ الذي باشر العرض في الأسبوع نفسه.

جولة في صالات السينما العالمية.. خلط أوراق وسقوط أول فيلم صيفي

Humane.. إقبال ضعيف

هذا الفيلم يحمل قضيّة لبعض الوقت، ثم يطليها بلون التشويق بعد حين. يدور حول فكرة أن هناك في هذا العالم من قرر التخلص من 20 في المئة من الأحياء منعاً لاكتظاظ البشر. مثل «حرب أهلية» لأليكس غارلاند الذي ترأس قائمة أكثر الأفلام رواجاً لثلاثة أسابيع متوالية، يقبض «إنساني» على موضوع يشغل بال الناس. على عكسه، لا يواصل القبض على جدية الموضوع بل يحيله إلى فيلم رعب كحال أفلام والد المخرجة نفسه.