04 يوليو 2024

"قطار الاتحاد".. رحلة التنمية المستدامة في ربوع الإمارات

محررة في مجلة كل الأسرة

تمكنت الإمارات من تحقيق قفزات نوعية في قطاع السكك الحديدية تكللت بتأسيس شركة الاتحاد للقطارات، لتعكس رؤية المستقبل والتطور المستدام في مجال النقل والنهوض بالاقتصاد، وتقديم خدمات فعالة وموثوقة للبضائع والركاب.

يعد قطاع السكك الحديدية من القطاعات التي نجحت دولة الإمارات في تطويرها من الصفر، لتبرهن من خلالها استعدادها لمواجهة تحديات المستقبل إلى جانب قطاع الطاقة النووية، وقطاع الفضاء، والذكاء الاصطناعي، ولضمان تطويره بما ينسجم مع المكانة المحورية للدولة بصفتها مركزاً عالمياً رائداً في قطاع الخدمات اللوجستية.

تأسست شركة الاتحاد للقطارات لتعمل على تطوير وبناء وتشغيل شبكة السكك الحديدية الوطنية، التي تربط المراكز الرئيسية للصناعة والإنتاج والسكان، ونقاط الاستيراد والتصدير في الدولة، ولتكون جزءاً حيوياً من شبكة السكك الحديدية الخليجية المخطط لها.

يكشف عمر السبيعي، المدير التنفيذي لتطوير الأعمال في شركة الاتحاد للقطارات، التأثير الإيجابي للسكك الحديدية وأهميتها في إنعاش اقتصاد دولة الإمارات «تعتبر القطارات من الركائز الرئيسية التي تنسج الروابط المستدامة والآمنة بين المراكز السكنية والصناعية، والمجتمعات، محققة آثاراً إيجابية اقتصادية وبيئية واجتماعية تعزز من النمو الاقتصادي العالمي.

وتتجسد الأهمية ذاتها للسكك الحديدية في دولة الإمارات، بل وتزداد في ظل الموقع المركزي للدولة في المنطقة، ما يجعلها مساهماً فاعلاً في سلسلة التوريد العالمية، فقد نجحت الاتحاد للقطارات وخلال وقت قياسي في تطوير شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية لتبرهن أنه ليس للإمكانيات حدود في دولة اللامستحيل، بدءاً من تدشين خدمات نقل البضائع في مختلف أنحاء الدولة، وصولاً إلى مستقبل يشهد تشغيل خدمات نقل الركاب التي تزداد أهميتها في ظل الزيادة المستمرة في أعداد السكان.

مرفقة بزيادة الحاجة إلى وسائل نقل آمنة وموثوقة ومستدامة، لتعمل على تحسين التواصل بين المناطق ومنح المجتمع قدرة أكبر على الحركة والتنقل، وتوفير الوقت والجهد، وتقليل حالات التأخير على الطرق، نتيجة انتقال العديد من مستخدمي السيارات، والحافلات، وسيارات الأجرة، ومركبات الشحن إلى استخدام شبكة السكك الحديدية، إضافة إلى مساهمتها في خفض معدلات الحوادث نتيجة تقليل عدد الرحلات على الطرق».

وعن دور وأثر شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية، يوضح السبيعي «على صعيد المجتمعات، تعمل الشبكة كجسر يربط الأشخاص والشركات، أما على صعيد الشركات، فهي تعمل على تحسين قطاعَي النقل والخدمات اللوجستية في الدولة عبر ربط الموانئ والمراكز الصناعية والسكانية، ونقاط الإنتاج، والاستيراد، والتصدير، ونقل البضائع بأمان بين مختلف أنحاء الدولة، وتعزيز قدرة الشركات على استغلال وقتها ومواردها بطريقة مستدامة وبمستويات عالية من الكفاءة، والسرعة، والموثوقية، إلى جانب تمكينها من إعادة توجيه أصولها وتحقيق المزيد من النمو، لاسيما مع تقليل الكلفة الإجمالية لعملياتها التجارية الأمر الذي يعزز من التنافسية في الأسواق».

يكمل «في مجتمع الإمارات تبرز أهمية الشبكة الوطنية للسكك الحديدية في قدرتها على إنشاء مجتمعات اقتصادية جديدة حول مسار السكك الحديدية، بخاصة في المناطق النائية، مع تحقيق فوائد اقتصادية أوسع لهذه المناطق، كما هو الحال في منطقة الفاية، إذ يسهم ربط المناطق الحضرية والنائية في الدولة في خلق فرص اقتصادية جديدة للمجتمعات المحلية، وفي ترسيخ الأسس اللازمة لتشجيع المواطنين على زيادة مساهمتهم الفعالة في جميع القطاعات، حيث يتوقع توفيرها فرص اقتصادية تصل قيمتها إلى 200 مليار درهم إماراتي خلال الخمسين عام المقبلة».

ويشير السبيعي إلى مميزات أسطول قطار البضائع في شبكة السكك الحديدية الوطنية «يعتبر أسطول قطار البضائع الأحدث والأفضل من نوعه في المنطقة، فهو يضم 38 قاطرة، وأكثر من 1000عربة متعددة الأغراض، وتعد القاطرات من أفضل وأحدث الأنواع على مستوى العالم، والمعروفة بطراز إلكترو-موتيف ديزل EMD SD70، بقوة 4500 حصان التي تعد من أقوى المحركات على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

وجرى تصميم جميع القاطرات على تحمّل درجات الحرارة العالية، والرطوبة، والغبار، بما يتناسب مع طبيعة دولة الإمارات، كما تواكب قاطرات الأسطول متطلبات المستوى الثالث من الانبعاثات الكربونية للمحرك، والمحددة وفقاً لمعايير الانبعاثات المعتمدة من قبل وكالة حماية البيئة، بهدف تقليل الانبعاثات والتحكم في مستويات انبعاث غازات أوكسيد النيتروجين، وأوكسيد الكبريت، وأول أوكسيد الكربون.

كما تم تزويدها بأحدث ابتكارات الفلترة، مثل نظام الفلترة النبضي المصمم خصيصاً للمناطق الصحراوية، واستخدام نظام الإشارات الأوروبي من المستوى الثاني (ETCS 2)، الذي يعتبر أحد أنظمة الإشارات الأكثر تقدماً في العالم».

ويضيف السبيعي «أما العربات فقد صُممت وفقاً للمواصفات والمقاييس الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي، لحمل البضائع المختلفة، لتلبية كل احتياجات العملاء.

ويضم الأسطول أنواعاً مختلفة من العربات، مجهزة بأنظمة متقدمة للفرامل، والإشارات، والتحكم، والاتصالات، والأمن والسلامة، قادرة على نقل مختلف البضائع والمواد بما فيها المواد السائبة، ومواد البناء، والحديد، والأسمنت، والمعادن، والحبوب، والحصى، والأحجار، وغيرها من المنتجات.

ومن المهم الإشارة إلى أن شركة الاتحاد للقطارات نجحت منذ إطلاق العمليات التشغيلية لقطار البضائع في فبراير 2023، في نقل أكثر من 2300 حاوية، وأكثر من مليون طن من الحصى والأحجار، حول مختلف مناطق الدولة».

وعن مدى مساهمة شبكة السكك الحديدية في تحقيق التنمية المستدامة التي تسعى دولة الإمارات لتحقيقها، يوضح السبيعي «في جميع الدول تعد السكك الحديدية جزءاً استراتيجياً من البنية التحتية، ما يزيد من فعالية دورها المحوري في تحقيق التنمية المستدامة، وهذا المفهوم يتجسد تماماً في شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية، التي تبرز مساهمتها في تحقيق التنمية عبر مجموعة واسعة من المجالات، منها المشاركة في نمو القطاعات التجارية المختلفة، من خلال دورها الحيوي في ربط مراكز الصناعة والنقل الرئيسية بالمجتمعات السكنية الحضرية، والضواحي، والمناطق النائية، لتعزز الفرص التجارية، والتنمية الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية.

إلى جانب تسهيل حركة التجارة، ما يحفز الشركات على نقل بضائعها عبر شبكة السكك الحديدية الوطنية بكلفة أقل لتتمكن بشكل أكبر من تحقيق دخل أعلى، وبالتالي ستتمكن من المساهمة بشكل أكبر في النمو الاقتصادي المستدام، أما على الصعيد البيئي يعد أحد الركائز الرئيسية للتنمية المستدامة، حيث تسهم الشبكة في الحفاظ على البيئة وحمايتها، فإن رحلة القطار الواحدة تعادل رحلة ثلاثمائة شاحنة على الطريق، ليبرز أثرها الإيجابي في خفض الانبعاثات الكربونية في قطاع النقل بالدولة بنسبة 21% سنوياً بحلول 2025، لتسهم في دعم جهود دولة الإمارات بشأن تحقيق الحياد المناخي، فضلاً عن مساهمته في تقليل تكاليف الوقود والصيانة، وتعزيز السلامة على الطرق.