09 يوليو 2024

بعد أن قتلت الشاب المستهتر.. المتهمة "دافعت عن شرفي وعن والدي"

فريق كل الأسرة

بعد أن قتلت الشاب المستهتر.. المتهمة

جريمتها أنها دافعت عن نفسها، وعن والدها، بطريقة غير مسبوقة، لم تتقبّل أن يتعرض جسدها للتحرش ولم ترضَ بفكرة السماح لأي شخص أن يمسّ كبرياء،ها وكبرياء عائلتها، دفعتها الظروف دفعاً لارتكاب جريمة قتل غير مرتبة، ولا مقصودة، لكن هذا ما حدث على أطراف العاصمة.

منحها القدر وجهاً مضيئاً، بطلة القصة فتاة في منتصف العقد الثاني من العمر، أما عمرها بعد الحادث فتضاعف مرّات، ومرّات، لم تكن لها صداقات كثيرة في منطقة سكنها، أنهت الفتاة دراستها الجامعية، ثم التحقت بالعمل في إحدى الشركات.

وطوال فترة دراستها الجامعية لم تشغل تفكيرها مسألة الارتباط العاطفي، مثل باقي بنات جيلها، فقد كانت تضع لنفسها قواعد وضوابط محدّدة يجب أن تباركها الأسرة.

تحرّش لفظي وجسدي

بدأت قصتها منذ عامين تقريباً، وقتها انتقلت للعيش بجوارهم إحدى العائلات، كان من بين أفراد هذه العائلة شاب في منتصف العقد الثالث من العمر، سبق له الزواج لكنه انفصل عن زوجته، لأسباب غير معروفة. رقّ قلبه لها، وحاول التودّد للفتاة التي أعجب بجمالها، لكنها لم تكن تُعِره أيّ اهتمام.

ورغم أن الفتاة المسكينة لم تمنحه في أي يوم من الأيام أي أمل، إلّا أنه لم ييأس، كان دائماً ما يطاردها بكلمات الغزل والإعجاب، ويرمقها بنظراته الحادة، وهي تصدّه بشدة، وهذا ما كان يزيد من إصراره على التقرّب منها، خصوصاً أن الجميع يشهد لها بالسلوك الحسن، والأخلاق الرفيعة، والسمعة الطيبة.

ضاقت الفتاة ذرعاً بسوء تصرفاته التي تجاوزت حدود المعقول، فدائماً ما يتعرض لها بالمضايقات والمعاكسات اللفظية، ونظراً لكبر سِنّ والدها لم تكن ترغب في إزعاجه بكثرة مشاكلها، إلى أن وقع ما لم يكن في الحسبان.

فأثناء سيرها في الشارع تعرض لها هذا الشاب، وحاول التحرش بها، لفظياً وجسدياً، ما دفعها إلى الصراخ، وصفعه على وجهة صفعة مدوية كانت كفيلة بأن تُفقده اتزانه، وكرامته.

وهنا تدخل الأهالي، وحاولوا فضّ هذه المشكلة بشيء من الحكمة بدلاً من تحرير محضر في قسم الشرطة، والدخول في تفاصيل كثيرة تمسّ شرف الفتاة المسكينة. على الجانب الآخر، عندما علم والد الفتاة بتفاصيل ما حدث ذهب إلى أسرة الشاب المستهتر لمعاتبته والحصول على تعهد من أسرته بعدم التعرض له، أو لكريمته، وهو ما حدث بالفعل، حيث اعتذر والد الشاب لوالد الفتاة، ووعده بأن يبتعد نجله عن طريق كريمته نهائياً..

إلى هنا والأمور تبدو منطقية، وتسير في سياقها الطبيعي، لكن ما حدث بعد ذلك فاق حدود المعقول.

مشادة عنيفة انتهت بجريمة

وقعت مشادة عنيفة بين الشاب المستهتر ووالده بسبب انحرافه، وسلوكاته المُشينة، وكثرة المشكلات التي يقعون فيها بسبب سوء تصرفاته، ما دفع الأب لتهديد نجله بالطرد من المنزل بدلاً من الدخول في مشكلات لا حصر لها.

لم يكن كلام الأب مجرد تهديد، وإنما إنذراً شديد اللهجة قابلاً للتنفيذ في أي وقت. انتهى الموقف عند هذا الحد، لكن لم ينتهِ الكابوس بالنسبة إلى الشاب المشاغب المستهتر، ما جعله يستشيط غضباً، وقرر الانتقام من الفتاة، وأسرتها.

شرع الشاب في مراقبة أسرة الفتاة، وأثناء عودتها برفقة والدها من إحدى المناسبات تعرّض لها لفظياً، وحاول أن تمتد يده إلى جسدها، وهي برفقة والدها، ما دفع والدها للتدخل للدفاع عن كريمته، فاعتدى عليه هذا الشاب بالضرب المُبرح أمام كريمته التي لم تشعر بنفسها إلا وهي تدافع عن والدها، حيث قامت بحمل حجر من الشارع وانهالت به على رأس الشاب المستهتر، ولم تتركه إلا جثة هامدة، بشكل لا إرادي.

وفي ثوانٍ معدودات تجمّع المارّة، وحاولوا إنقاذ الشاب من دون جدوى، وتم التحفظ على الفتاة لحين وصول رجال الشرطة الذين اقتادوا الفتاة إلى قسم الشرطة للتحقيق معها في تفاصيل هذه الجريمة الغريبة.

مصير في انتظار الرأفة

كان من حسن طالع الفتاة أن جميع شهود العيان أثناء التحقيقات كانوا يبرّرون موقف الفتاة المفاجئ، مؤكدين أن كل ما حصل كان على سبيل المفاجأة، بسبب محاولة الفتاة الدفاع عن والدها المُسِن بعدما اعتدى عليه المجني عليه بالضرب، بسبب دفاعه عن كريمته، بعد تعرّضها للتحرش من قِبل المجني عليه.

تم تحرير محضر بالواقعة تضمن كل التفاصيل وشهادة الشهود، الذين أثنوا جميعاً على حسن سير، وسلوك، وسمعة الفتاة المتهمة.

تمت إحالة أوراق القضية إلى النيابة العامة التي أمرت بعرض الفتاة على الطب الشرعي، والتصريح بدفن جثة المجني عليه، كما قررت النيابة استمرار حبس الفتاة لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات الجارية معها.

التقينا المتهمة داخل قسم شرطة العاصمة، حاولنا الكلام معها لكنها كانت شاردة الذهن، لم تتحدث كثيراً فقط قالت إنها كانت تدافع عن شرفها، وعن والدها، وتنتظر رحمة القضاء في أن يرقّ حالة لها.

لم تنتهِ التحقيقات حتى كتابة هذه السطور، ولم يُسدل الستار على هذه القضية.. هل ستنظر لها المحكمة بعين الرأفة والرحمة، أم ستحصل على حكم مخفّف أم على حكم مع إيقاف التنفيذ؟.. أسئلة كثيرة ربما تجيب عنها الأيام المقبلة.

إعداد: كريم سليمان