يشهد قطاع الطيران العالمي ارتفاعاً مقلقاً في حوادث العنف، التي يمارسها الركّاب ضدّ طواقم الطائرات، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من الحوادث التي توثّق اعتداءات شملت الضرب، والشتم، وحتى العضّ، ما يهدّد سلامة الرحلات الجويّة ويشكّل خطراً على الجميع.
فقد شهدت رحلة داخليّة تابعة لشركة «يونايتد إيرلاينز» حادثاً مروّعاً، حيث قامت واحدة من الركاب بسلوك عدواني غير مبرّر، تمثل في عضّ كتف أحد المضيفين ومزّقت جزءاً من زيّه، وقد وثّقت كاميرات المراقبة هذه الحادثة، والتي أظهرت مدى العنف الذي مارسته الراكبة.
وفي حادث آخر وقع على متن رحلة داخليّة هنديّة، قام أحد الركّاب بمهاجمة الطيّار بعد إعلانه عن تأخير في الرحلة، وقد أثار هذا الحادث موجة من الغضب والاستياء على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أدان الكثيرون سلوك الراكب، بينما ألقى البعض الآخر باللوم على شركة الطيران بسبب التأخيرات المتكرّرة.
أما في مطار فيتنام، فقد تعرّضت مضيفة طيران لاعتداء جماعي من قبل ثلاثة ركاب، وذلك بعد رفضها التقاط صورة معهم.
أسباب الاعتداءات في الطائرات
وقد تعود أسباب هذه الحوادث للإجهاد والضغط، إذ تكون حالات السفر الطويل أو التغيرات المفاجئة في جداول الرحلات سبباً في زيادة التوتّر لدى بعض الركاب، بالإضافة لسوء الفهم الذي قد يشعر بعض الركّاب بأنهم يتعرضون لسوء المعاملة من قبل طاقم الطائرة، ما يدفعهم للردّ بعنف.
كذلك المشكلات النفسيّة لبعض المعتدين الذين يعانون من اضطرابات نفسيّة تجعلهم يتصرّفون بشكل عدواني، أمّا تعاطي الكحول والمخدّرات فقد يؤدّي إلى زيادة العدوانيّة لدى بعض الركاب.
تهديد سلامة الرحلات
إن ظاهرة عنف الركّاب على الطائرات تتطلّب اهتماماً عاجلاً من قبل جميع الأطراف المعنيّة، سواء كانت شركات الطيران أو الحكومات أو المنظّمات الدوليّة حيث ينبغي اتخاذ إجراءات حاسمة للحدّ من هذه الظاهرة وحماية سلامة الجميع على متن الطائرات، خصوصاً أنّها تهدّد سلامة الرحلات.
وتشكّل هذه الحوادث تهديداً مباشراً لسلامة جميع الركّاب وطاقم الطائرة، الأمر الذي استلزم تدريباً مكثفاً للمضيفين على كيفيّة التعامل مع الركّاب المشاغبين بطريقة مهنيّة وحازمة، وتطبيق إجراءات أمنيّة مشدّدة، لمنع دخول الأشخاص المشاغبين إلى الطائرة.
فقد علّق متحدّث من طيران الإمارات على هذه الظاهرة قائلاً «يأتي الحفاظ على سلامة الركاب والموظفين في صدارة أوليّاتنا في طيران الإمارات، ومن هذا المنطلق، فإننا نولي تدريب أطقم الضيافة أهميّة قصوى لإعدادهم لمواجهة أيّة مواقف قد تطرأ خلال الرحلات الجويّة.
حيث تخضع أطقم الضيافة في طيران الإمارات لبرامج تدريبيّة متنوّعة، تركّز على صقل قدراتهم في تقييم المواقف المختلفة وكيفيّة تخفيف حدّتها وإدارتها في حال وجود سلوكيّات عدائيّة من أحد الركّاب، وذلك لضمان سلامة وراحة الجميع على متن الطائرة.
وتؤكّد طيران الإمارات أنّها لا تتسامح مع أيّ سلوكيّات تخريبيّة أو مسيئة أو اعتداءات، سواءً تجاه موظفيها أو الركّاب الآخرين، وقد تكون العواقب وخيمة على المسافرين غير المنضبطين، حيث يتم إحالة مثل هذه الحالات إلى السلطات المحليّة بمجرد وصول الرحلة إلى وجهتها».
تدريب مسبق على مواجهة سلوكيّات المشاغبين
ومن شركة طيران «فلاي دبي»، أوضح محمد شعلة، أحد أفراد طاقم الضيافة، أن التعامل مع الراكب المشاغب يبدأ بالتحدث معه لتهدئته، وإذا لم يستجب نبلّغ الراكب بعواقب الأمر قانونيّاً، وإذا لم يهدأ نبدأ بتقييده بأحزمة معيّنة في كرسي الطائرة بعيداً عن باقي الركّاب، وحسب خطورة الحالة، حتى لو استدعى الأمر النزول في أقرب مطار وتسليمه للسلطات المعنيّة.
حيث يتم تدريبنا سنويّا للتعامل مع حالات الركّاب المهدّدين لسلامة وأمن الرحلة بالعديد من الأساليب التي نشلّ من خلالها حركة الراكب، بالإضافة لتدريبات عديدة للتعامل مع العنف خلال الرحلات الجويّة».
قوانين صارمة تتبنّاها شركات الطيران
ومن شركة مصر للطيران، أوضح باسم عبدالكريم، مدير مكاتب مصر للطيران سابقاً، أن بعض شركات الطيران ومنها مصر للطيران تضمّ أفراد أمن، هم من يتعاملون مع حالات العنف والشغب على الطائرة، ولكن تدريب طاقم الضيافة مهمّ أيضاً كي يكونوا على استعداد للتدخل السريع في الظروف المفاجئة.
ولفت باسم عبد الكريم إلى أن اعتداء الركاب على طاقم الضيافة، أو الشغب بشكل عام، ليس ظاهرة جديدة، ولكن مع ظهور الـ«سوشيال ميديا» وتداول الصور والفيديوهات فيها، زاد الاهتمام والتركيز على هذه الظاهرة.
وقال: إن هناك العديد من التشريعات والقوانين الصارمة التي تجرّم الاعتداء على طاقم الطائرة وتفرض عقوبات مشدّدة على مرتكبي هذه الجرائم، ويفترض توعيّة الركّاب بأهميّة احترام طاقم الطائرة والالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها على متن الطائرة.