21 يوليو 2024

هل تهتمّ هوليوود بكوكب الأرض؟.. دعوات لأفلام أكثر عن مخاطر البيئة

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

هل تهتمّ هوليوود بكوكب الأرض؟.. دعوات لأفلام أكثر عن مخاطر البيئة

لم تكن هوليوود بعيدة عن موضوع البيئة ومخاطرها، ولو أن الأفلام التي عاينت هذا الموضوع كانت في الغالب تجاريّة، تهدف لتسليّة المشاهدين في الوقت نفسه، هذا إذا استثنينا أفلاماً غير روائيّة.

هل تهتمّ هوليوود بكوكب الأرض؟.. دعوات لأفلام أكثر عن مخاطر البيئة

وجّهت السيدة هيلاري كلنتون، في منتصف الشهر الماضي، من هذا العام، رسالة إلى هوليوود حول ضرورة قيام هوليوود بالتصدّي للمشاكل البيئيّة، خصوصاً تلك التي تتعلّق بالأطفال.

قالت في مقطع من رسالتها «هناك بحث جديد في هذا الموضوع يجهله الناس على نحو عام، أملنا هو أن نستطيع المساعدة في قيام المواطنين بالانتباه إلى العلاقة بين صحة الأطفال العقليّة والبدنيّة وبين تأثير التغيير المناخي».

البرنامج الذي تقوم هيلاري كلينتون بالترويج له اسمه «أصغر من أن يفشل» (Too Small to Fail) وقد أقيمت له ندوات وحلقات دراسية في نيويورك من بين مدن أخرى؛ بغية تشجيع صناعتي السينما والتلفزيون على الاهتمام بهذا الموضوع.

على سبيل المثال، قام جورج كلوني قبل ثلاثة أعوام بتحقيق «سماء منتصف الليل» (The Midnight Sky) الذي نواجه فيه تغييراً مناخيّاً يشمل الأرض، من بقي عليها بعدما قرّر القادرون على مغادرتها، جورج كلوني في هذا الفيلم يعلم أنه مقضيّ عليه، لكنه يريد إنقاذ فتاة صغيرة خلّفتها عائلة هربت إلى الفضاء من دونها.

هل تهتمّ هوليوود بكوكب الأرض؟.. دعوات لأفلام أكثر عن مخاطر البيئة

هذه الفكرة التي تُعنى باحتمال هجرة الإنسان كوكب الأرض إلى كواكب أخرى، موجود في فيلم رسوم موجّه للأطفال فعلاً هو WALL‪-E لأندرو ستانتون (2008) وفيه يترك القادرون الأرض مهملة ومثقلة بالمشاكل البيئيّة ويعهدون إلى روبوت اسمه «وول إ» بتنظيف ما يستطيع.

لاحقاً سيقوم الروبوت باللحاق بالذين سببوا الأذى للأرض؛ ليجدهم يكررون نفس الخطأ في كوكب آخر.

بدوره عمد Don't Look Up «لا تنظر لفوق» (لأدام ماكاي) لمعالجة سياسيّة جادة ولو بأسلوب كوميدي في مواقع مختلفة، حكاية تحذير من نيزك كبير سيصيب الأرض، سيؤثّر على البيئة ويحوّل الكوكب إلى مكان غير صالح للحياة.

باقي الأفلام، مثل «الطريق» (The Road) و«بعد اليوم التالي» (ُThe Day After Tomorrow) وحتى «بلايد رَنر» (Blade Runner) مزجت التحذير بموضوعات من الخيال العلمي والسينما الكوارثيّة.

هل تهتمّ هوليوود بكوكب الأرض؟.. دعوات لأفلام أكثر عن مخاطر البيئة

مشاكل البيئة.. مشكلة عالميّة

ذهب الدور الأول في «لا تنظر لفوق» إلى ليوناردو ديكابريو الذي له إسهام كبير في توجيه دفّة الاهتمام إلى البيئة والمخاطر المناخيّة ومخاطرها.

في الواقع هو أكثر سينمائيّي هوليوود اهتماماً بالبيئة وإثارة للاهتمام بها كما برهن على ذلك من خلال عدد لا بأس به من الأفلام التسجيليّة التي بدأت سنة 2007 بفيلم «الساعة الحادية عشرة» (The 11th Hour) ثم تبعه بأفلام تسجيليّة أخرى مثل «المحيط البلاستيكي» (The Plastic Ocean) (2016) و«نمضي خضراً (We Go Green) (2019).

هناك أفلام متفرّقة في الموضوع ذاته من خارج هوليوود، في العام الماضي عرض مهرجان ڤينيسيا فيلماً رائعاً يتطرّق إلى المناخ ومشاكله عبر فيلم «الشر ليس موجوداً» (Evil Does not Exist) للياباني ريوزوكي هاماغوتشي الذي يتناول الأزمة البيئيّة من خلال حكاية رجل وابنته الصغيرة حيث يعيشان في بلدة ليست بعيدة عن طوكيو. الحياة هناك هادئة.

الطبيعة جميلة والناس اعتادت عليها كما هي، لكن المخاطر تبدأ في أفق هذه الحياة وتزداد عندما يقوم رجال أعمال بانتخاب البلدة لتكون مجمعاً سياحيّاً كبيراً، إنه تهديد من رأسمال يبحث عن منفعة ضد بلدة تعيش في ضيافة بيئة طبيعيّة لا تتحمّل التغيير.

هل تهتمّ هوليوود بكوكب الأرض؟.. دعوات لأفلام أكثر عن مخاطر البيئة

قبله، في العام 2016، قام المخرج الصيني زاو ليانغ بتحقيق حول المخاطر التي تتعرّض إليها الحياة حتى في المناطق غير المأهولة، الفيلم تسجيلي بعنوان «وحش» (Behemoth) ويتوجه صوب نقل واقع معاش في بيئة تتحوّل أمام أعيننا من وضع لآخر.

الحياة تتبدّل حتى في منغوليا، والمراعي الخضراء صار عليها أن تجاور جبالاً مصطنعة من قاذورات ومخلّفات مناجم الفحم حسب هذا الفيلم المتأنّي الذي يأخذ وقته لتصوير المتغيّرات.

تلك الحفّارات والرافعات والشاحنات (بالمئات) التي تُغيّر شكل الأرض، في خلال ذلك يطرأ تَغيُّر على البيئة النظيفة، تترك العاملين في تلك المناجم مرضى يدفعهم الفقر للعمل والعمل للمرض.

بعد عام واحد من هذا الفيلم قام المخرج سو سن بتقديم فيلم تسجيلي آخر في الموضوع ذاته بعنوان «منظر طبيعي ليانغتزي» (A Yangtze Landscape) حول ثالث أطول نهر في العالم وكيف يعيش المهمشون على ضفافه.

لا مقابلات ولا حوار ولا تعليق، تم تصويره خلال عدة سنوات تابع فيها المخرج حياة صينيين على ضفاف النهر العابر لمساحات ريفيّة بعيدة نزلوا من درجة التهميش إلى حيّز أسوأ: متشرّدون يبحثون في القمامة.

رجال يعيشون في غرف بلا سقف وقليل من الأعمدة والجدران، متوتّرون ومجانين هائمون، في مجملها حياة مهدورة تحت أنواع العِوز والتلوّث البيئي.