رغم أن Horizon:An American Saga- Chapter one فشل في عروضه التجارية في الشهر الماضي، إلا أن هذا لم يوقف الممثل والمخرج كيڤن كوستنر عن الدفع باتجاه عرض الجزء الثاني من هذه الرباعية.
لم يكن الجزء الأول من «أفق: ملحمة أمريكية» الذي عُرض في مهرجان «كان» في الشهر الخامس من هذه السنة قبل توجهه للعروض التجارية بعد ذلك، سوى تمهيد لثلاثة أجزاء لاحقة، وضع الأساس على خريطة مكانية لأكثر من حدث وشخصية.
Horizon:An American Saga- Chapter one.. فشل تجارياً
لكن عدم اكتراث الجمهور الشبابي بهذا الفيلم- المقدّمة، دفع شركة التوزيع «نيو لاين» لسحبه من العروض باكراً والامتناع عن جدولة الجزء الثاني الذي سيعرض خلال أسابيع قليلة في مهرجان ڤينيسيا.
وكان الجزء الأول تكلف نحو 35 مليون دولار، وجلب ما يقارب ذلك المبلغ من خلال عروضه العالمية، ما يعني أنه دخل خانة الخسارة كون العائدات تتوزع عادة بين عدة فرقاء وليس من نصيب شركة الإنتاج وحدها.
هذا لم يمنع كوستنر من المضي في استعداداته كونه أحد منتجي السلسلة، فراسل مهرجان ڤينيسيا عارضاً أن يتبنّى المهرجان الإيطالي العرض العالمي الأول للجزء الجديد الذي، كما هو متوقع، أفضل صنعة من الجزء الأول لسبب وجيه وهو أننا سندخل من هذا الجزء الثاني مرحلة ما بعد التمهيد الذي شغل أحداث وشخصيات الفيلم الأول.
الجزء الثالث هو أيضاً قيد التنفيذ لكنه لم يتّخذ بعد الصيغة النهائية بانتظار معرفة ما سيؤول إليه الجزء الثاني بعد الفشل التجاري للجزء الأول، أما الجزء الرابع فهو مجمّد حالياً تبعاً للأسس ذاتها.
أصحاب الأرض الأصليين
ربما مشكلة الفصل الأول هي أنه تمهيدي أكثر منه قصّة واحدة محورها ثابت يتقدّم على خط معيّن ليصل إلى نتيجة، لكن ما هو أهم من هذه المشكلة هو أن كوستنر يهدف إلى تحقيق ملحمة عن الغرب الأمريكي ولم يكن من الممكن له تحقيقها في ثماني ساعات من العرض المتواصل..
كان عليه أن يختار بين فيلم من ساعتين أو ثلاثة أو تقسيم المشروع إلى أربعة أجزاء لكي يستوعب عبرها جميعاً تلك النظرة البانورامية التي يرغب في إلقائها على نشوء الغرب الأمريكي في معالجة واقعية ونبرة تأملية.
حكاية الجزء الأول مسرودة في لوحات بصرية تتأمل قبل أن تتحرك، مثل مخرجين كبار آخرين، ولو بأسلوب عمل مختلف، يتأمل كوستنر مشهده ويتأنّى، غربه الأمريكي مؤلّفاً من تلك البصريات التي تتقدّم الحدث. نتعرّف إلى المكان ونحس بأجوائه ونلم بطبيعته قبل أن نرى ما يقع فيه.
حكايات كوستنر في هذا الفصل الأول من رباعيّته تتبدّى تدريجياً: نازحون بيض يبغون بناء مستقبلهم فوق أرض ليست لهم من دون أن يخترقوا قوانين ما، إنها أرض مفتوحة لمن يستطيع أن يبني فوقها بيته..
لا عقود ولا ضرائب ولا عمليات تسجيل فورية، فوق الهضبة ربض محاربو إحدى القبائل يتابعون ما يقوم به الأب وابنه مدركين ما يعنيه كل ذلك، لحظات وتنتقل الكاميرا إلى جثتين تركهما محاربو الأباتشي.
حين يدرك البيض القريبين ما حدث يدعون إلى الانتقام، لن يتابع الفيلم طويلاً هذه الدعوة ربما لأنه سيعود إليها لاحقاً في الجزء المقبل، لكنه سيعمد إلى حكايات منفصلة أكثر مما هي متصلة ولو أنها تلتقي هنا وتفترق هناك.
كوستنر في دور رجل بلا أصدقاء تصاحبه فتاة (آبي لي) كانت تعمل في بيت عاهرات لكي تعيش، حين يحاول أحدهم الاعتداء عليها يقتله ثم يحاول وإياها تحاشي مطاردة شقيقي القتيل..
هذا الوضع يواكب وضعاً آخر لقافلة من المهاجرين الذين بدؤوا يتوافدون على ذلك الغرب المفتوح ككتاب، قائد القافلة (لوك ويلسون) يحاول تثبيت النظام وردع بعض المرتحلين عن التحرش بامرأة بريطانية متزوّجة من رجل أضعف من أن يصد تحرشاتهم.
المعالجة الدرامية
إذا كانت المشكلة الأولى هي صعوبة إيجاز ملحمة في ساعتين أو ثلاثة وصعوبة نجاحها إذا ما تم تقسيمها إلى أربعة أجزاء (لا ننسى أنه فيلم وسترن وليس «هاري بوتر» أو «لورد أوف رينغز») فإن المشكلة الثانية هي أن اعتماد كوستنر على معالجة هادئة، تحمل مضامينها مغلّفة بالأجواء والأبعاد.
جاء رتيباً بلا إثارة فعلية في أكثر من موقع، حرم الجمهور من التمتع بطاقة تشبه مثلاً تلك التي حققها لورنس كاسدان عندما أخرج «سلفيرادو» سنة 1985، كوستنر كان أحد أبطال ذلك الوسترن وكاتبه، والمخرج كاسدان أحد كاتبي السيناريو لهذا الفيلم.
على أن هذه المشكلة ليست من النوع الفني بل تتعلق بمعالجة الدراما ضمن معطيات قابلة للتحقيق من دون أن تضطر للتنازل، وكوستنر عبر هذا الفيلم يؤكد ولهه بالغرب الأمريكي وتاريخه (صرّح بأنه يحقق هذا الفيلم لكي يعرّف أولاده على التاريخ الصحيح لأمريكا).
اقرأ أيضا: جولة مع أبرز 10 أفلام لـ«كيڤن كوستنر»