29 سبتمبر 2024

هاجر الكتبي: "COP28" أشركني في رسم مستقبل مستدام لشعب الإمارات والعالم

محررة في مجلة كل الأسرة

هاجر الكتبي:

تمثل هاجر بخيت الكتبي، مدير إدارة الاتصال الحكومي بوزارة التغير المناخي والبيئة، صوتا بارزاً في قضايا التغيّر المناخي والبيئة. فدورها لم يقتصر على تسليط الضوء على ملف المناخ ودور الإمارات، ووزارة التغير المناخي والبيئة، خلال قمة «COP28»، بل نجحت أن تكون صلة الوصل الحيوية في إيصال رسالة الإمارات في مجال الاستدامة والتوعية البيئية إلى العالم.

نشاطها اللافت في هذا المجال لم يؤطر في السياق الإعلامي فحسب، بل استهدف تفعيل دور الجمهور، وتوعيته بالقضايا البيئية، بحيث أسهمت، مع فريقها، في إطلاق حملات توعوية متميزة لرفع مستوى الوعي بأهمية الحلول المستدامة في مواجهة التغيّر المناخي.. وتمّ تكريمها بجائزة إماراتيات منجزات عام 2023 ضمن برنامج startAD، واختيرت ضمن أفضل خبراء الاتصال والعلاقات العامة في منطقة الشرق الأوسط، ضمن قائمة 2023.

في ما يلي معها حوار أطلّ على دورها الريادي في التواصل الحكومي، وفي تعزيز صورة الإمارات كدولة ملتزمة بالاستدامة والابتكار في مواجهة تحدّيات المناخ، وعلى رهانها على الأجيال المقبلة برفع راية البيئة والمناخ:

ورشة تصميم مستقبل مدام - جلسة السرد الإعلامي للعمل المناخي لدولة الإمارات
ورشة تصميم مستقبل مدام - جلسة السرد الإعلامي للعمل المناخي لدولة الإمارات

مهمة إدارة الاتصال في وزارة التغيّر المناخي هي مهمة شائكة بالتحديات والأبعاد مع واقع التغيّر المناخي. كيف استطاعت هاجر الكتبي تجاوز تلك التحديات وإرساء صورة قوية عن نهج الدولة؟

عملي في مجال الاتصال والإعلام يمثل لي تحدّياً كبيراً، ولكنه تحدٍّ يغلّفه الشغف ببناء قنوات تواصل، هادف وتفاعلي، مع الجمهور والشركاء، وخلال مهمتي الحالية كمدير إدارة الاتصال الحكومي في وزارة التغيّر المناخي والبيئة.. أصبحت مهمتي مضاعفة في إبراز جهود الوزارة في تعزيز الاستدامة المناخية والبيئية في الدولة، وتعزيز مكانة الإمارات في مجال العمل المناخي، والبيئي العالمي.

فالتحدي الأكبر هو العمل في مجال التغيّر المناخي والبيئة الذي يلمس حياة كل فرد فينا، بداية من الهواء الذي نتنفسه، والغذاء الذي نتناوله، وتعزيز التنوع البيولوجي والطبيعة، ومواضيع تتعلق بالتغيّرات المناخية التي تؤثر في حياتنا.

فمسؤولية الوزارة ترتبط مباشرة بحياة الإنسان، وحاضره ومستقبله، ما يجعل مسؤولية التواصل مع الجمهور معقدة، ومتشابكة. ولكنّ للموضوع جانباً إيجابياً، فحينما تتعلق جهودنا بشكل مباشر بحياة الإنسان، تتبدّى سهولة في التواصل، وجذب انتباه الجمهور، مثل جهودنا في حملة مكافحة البعوض.

فهدفنا هو إيصال رسالة مفادها أن الوزارة تعمل على تحقيق مساعي دولة الإمارات بخلق مستقبل مستدام للجميع، بجانب إبراز دور الإمارات الكبير في العمل المناخي العالمي، وحماية كوكب الأرض.. كذلك تسليط الضوء على أهمية عمل الوزارة، ومساهمتها في تعزيز جودة حياة الناس والمجتمع، من خلال تطبيق أفضل الممارسات المستدامة، في كل مناحي الحياة، مثل الغذاء، والتنقل، وتنمية الطبيعة، والحدّ من التلوث.

كما يوجد جانب مهم جداً، وهو رفع وعي المجتمع تجاه العمل المناخي الجماعي في الدولة، فرحلة الإمارات نحو تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050، على سبيل المثال، تتطلب العمل على 6 قطاعات رئيسية، وأكثر من 25 برنامجاً، يشارك في تحقيقها العشرات ما بين وزارات، وجهات اتحادية، وحكومية محلية، وشركات القطاع الخاص.

كما نعمل على رفع وعي المجتمع لضمان مشاركته في تلك الجهود، لأنها تتّم من أجله، ومن أجل الأجيال القادمة. فالإنسان هو محور التغيير الذي لابد أن يكون له دور فاعل في رحلة الإمارات نحو الاستدامة.

هاجر الكتبي:

وكيف ساعدك مسارك الوظيفي في هذا السياق؟

بدأت مسيرتي العملية التي تمتّد إلى عشرين عاماً في مجموعة الشلهوب، وقد كانت تجربة متميزة، أتاحت لي النظر إلى جهود دولة الإمارات، وإنجازاتها، من خلال عملي في القطاع الخاص، وتعزيز دوره في منظومة الاقتصاد الوطني وتعزيز جودة حياة المجتمع.

وبانتقالي إلى «مركز دبي المالي العالمي»، كانت الصورة تتضح أكثر، حيث كانت مهمتنا هي تعزيز جهود المركز في جذب المزيد من الشركات العالمية لنقل مقراتها، العالمية والإقليمية، إلى دبي.. ما يسهم في تعزيز مكانة الإمارة، ودولة الإمارات، مركزاً مالياً عالمياً، ما ينعكس بالطبع على جودة حياة الناس أيضاً، من خلال ازدهار الأعمال، والرواج الاقتصادي، والتجاري.

أما مهمتي في بلدية دبي، كمدير لإدارة التسويق والإعلام والعلاقات العامة، فهي قريبة من مهام عملي الحالي في الوزارة، من خلال المساهمة في جعل إمارة دبي مدينة تضمن جودة حياة المجتمع، واستدامتها، والعمل على تخطيط حضري مستدام، وبناء منظومة غذائية وبيئية مستدامة في الإمارة، وإدارة النفايات، والحد من تلوث الهواء، وإدارة المنشآت الترفيهية والشواطئ، وتجميل الشوارع والطرقات، وغيرها.

وفي نهاية المطاف، نرى أن الوزارة، وشركاءها الاستراتيجيين من الجهات الاتحادية والمحلية، يعملون في تناغم لتعزيز بنية تحتية، ودعم التوجهات الاقتصادية للدولة مع تعزيز الاستدامة البيئية، وإدارة الموارد، بهدف إسعاد الناس، والمجتمع، وازدهاره ضمن منظومة عمل تضعها حكومة الإمارات.

صورة جماعية لفريق الاتصال الحكومي في جناح الإمارات- «COP28»
صورة جماعية لفريق الاتصال الحكومي في جناح الإمارات- «COP28»

واكبت مؤتمر الأطراف «COP28» بنشاط لافت. كيف تثقّفين نفسك وتدعمين معلوماتك في مجال التغيّر المناخي وتحيطين بأبعاد هذا الملف؟

كانت مشاركتي مع فريق الاتصال الحكومي في الوزارة في فعاليات مؤتمر الأطراف «COP28»، تجربة مهنية وحياتية لا يمكن نسيانها. فالمؤتمر كان، وسيظل واحداً من أهم الأحداث التي شهدتها دولة الإمارات في تاريخها، بل وتاريخ العمل المناخي العالمي.

كانت فرصة للتعرف، عن قرب، إلى كيفية إدارة دولة الإمارات لملف المناخ والبيئة باحترافية عالية.. كما أتاح لي العمل خلال التحضير للمؤتمر التعرف إلى ديناميكية العمل الجماعي في إبراز جهود الدولة، ممثلة في مختلف الجهات المعنية في مجال الاستدامة المناخية، والبيئة، والأمن الغذائي، وغيرها من مشاريع عكست العمل بروح الفريق الواحد تحت مظلة حكومة دولة الإمارات.

وأطلّ بي عملي على تاريخ دولة الإمارات في العمل المناخي، الذي بدأ منذ تأسيس الدولة على يد الوالد المؤسس المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.. فالإنجازات وريادة الإمارات في العمل المناخي العالمي التي نراها اليوم هي نتاج لعمل استمر لعقود، وحرصنا على إبرازه من خلال توحيد السرد الاستراتيجي للعمل المناخي في دولة الإمارات للمجتمع المحلي، والعالمي.

العمل في إدارة الاتصال بوزارة التغير المناخي والبيئة كان فرصة لإعادة صياغة رسائلنا الرئيسية ومعرفة كيفية مخاطبة الجمهور المحلي، والعالمي

على الجانب الآخر، كانت هناك مهمة لمخاطبة المجتمع الدولي عبر وسائل الإعلام العالمية، بشكل مبتكر، يواكب طبيعة تلك الوسائل، والدول التي تبث منها، بل وطبيعة الجمهور هناك، من أجل إبراز مدى حرص دولة الإمارات على تعزيز العمل المناخي العالمي..

من خلال مبادراتها، مثل «تحالف القرم من أجل المناخ»، و«مهمة الابتكار الزراعي للمناخ»، وغيرهما، من الجهود التي تعكس التزام الإمارات بأهدافها المناخية، وتقليل انبعاثاتها الكربونية، مثل الإعلان عن النسخة الثالثة من التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً لدولة الإمارات، وإطلاق استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050، وغيرها.

وفي الواقع، فإن مجرد العمل على تحقيق تلك الأهداف يجعلني، وزملائي، باستمرار على تماس مع أحدث التطورات على الساحة العالمية في مجال مواجهة التغيّر المناخي، وغيره من المجالات ذات الصلة.

فأستطيع القول إن العمل في إدارة الاتصال الحكومي بالوزارة يفتح أمامي نافذة على مجال الاستدامة الأوسع، والاطّلاع على ما يتم نشره على مستوى العالم بشكل عام، ودولة الإمارات بشكل خاص، ما يوفر لنا، في الوقت نفسه، فرصة لإعادة صياغة رسائلنا الرئيسية، ومعرفة كيفية مخاطبة الجمهور المحلي، والعالمي.

هاجر الكتبي:

التعليم المستمر نهج بالنسبة إليك، هل غيّر تماسّك مع ملف التغيّر المناخي والبيئة نظرتك إلى الطبيعة ومحيطك، وما الذي تعلمته من تلك المسيرة؟

التعلّم واكتساب المهارات رحلة لا تنتهي، وتمتد مدى الحياة، وفي كل محطة من حياتنا، المهنية والعملية، نتعلم الجديد، ونتطلع إلى تجارب وممارسات جديدة بالنسبة إلينا، ونعمل للبناء عليها.

ومن خلال العمل في مجال الاتصال بالوزارة، وجدت بعداً آخر أتاح لي المساهمة في رسم ملامح مستقبل مستدام لشعب الإمارات، والعالم. فبيئتنا هي ماضينا، وحاضرنان ومستقبلنا، ودولة الإمارات تعمل برؤية قيادتنا الرشيدة في البناء على إرث المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي أرسى مبادئ الاستدامة في الدولة. لذلك، أرى أن الاتصال والإعلام عليهما مهمة كبيرة، وهي قيادة المجتمع، ورفع وعيه، وضمان مشاركته في جهود الدولة في العديد من المجالات لتحقيق الاستدامة.

فالمجتمع لابد أن يكون له دور فاعل في مواجهة التغيرات المناخية، وتعزيز الأمن الغذائي الوطني، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والمساهمة الجادة في خلق المزيد من المجتمعات المستدامة في دولة الإمارات، وتوحيد جهودنا للعبور معاً إلى مستقبل مستدام، لنا وللأجيال القادمة.

تسلّم جائزة إماراتيات منجِزات 2023
تسلّم جائزة إماراتيات منجِزات 2023

تهدف الوزارة إلى تعزيز السرد المناخي لدولة الإمارات. كيف يتم ذلك لجهة تدعيم الأسس التي أرساها المغفور له الشيخ زايد في مجال الاستدامة؟

حينما عملنا في إدارة الاتصال الحكومي بالوزارة، على تطوير السرد الاستراتيجي للعمل المناخي في دولة الإمارات، كان الأساس هو إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.

واهتداء بالقيم التي أرساها الأب المؤسس، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة رائدة عالمياً في معالجة تغيّر المناخ، وتعزيز الممارسات المستدامة.

وخلال التطوير المستمر للسرد الاستراتيجي للعمل المناخي في دولة الإمارات، نأخذ في الاعتبار العديد من المتغيّرات والأولويات لبناء السرد عليها.. ولكن في الوقت نفسه توجد عوامل أساسية، هي هدف الإمارات في تعزيز الاستدامة المناخية والبيئية على أرض الدولة، والمضي قدماً في تحول مختلف القطاعات المستهدفة نحو نظم مستدامة من أجل تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، ما يمثل الهدف ذا الأولوية القصوى.

كذلك يستند السرد الاستراتيجي للعمل المناخي في الإمارات، إلى أهمية التعاون بين مختلف الجهات الحكومية، الاتحادية والمحلية، والقطاع الخاص، من أجل تحقيق كل الأهداف القطاعية، مع العمل على رفع وعي المجتمع تجاه كل تلك الجهود، وتعزيز مساهمته في تحقيق أهدافها.. ويقوم السرد على إبراز دور الإمارات المحوري في العمل المناخي العالمي، ودعم الدول في مواجهة التغيّرات المناخية، والتكيّف معها، نظراً لأن كوكب الأرض وطننا جميعاً.

هاجر الكتبي:

ما التغيير الذي أحدثه مؤتمر الأطراف «COP28» في مسار التغيّر المناخي في الدولة بشكل عام، وما البصمة التي استطعت إرساءها خلال أداء مهمتك؟

كان مؤتمر الأطراف «COP28» حدثاً استثنائياً في تاريخ مؤتمرات الأطراف، وعلى مستوى دولة الإمارات.

فدولتنا استطاعت صنع العديد من الإنجازات، وعلى رأسها «اتفاق الإمارات التاريخي» الذي أعاد الأمل في الحد من ارتفاع حرارة الأرض، والإبقاء عليه في حدود درجة ونصف الدرجة مئوية لتجنب الآثار الكارثية للتغيّرات المناخية.

كما كان إقرار صندوق الخسائر والأضرار حدثاً مهماً سيسهم في تحقيق هدف الدولة في إحداث تحول عادل ومنصف للطاقة لجميع الدول، بخاصة النامية. كما شهدنا إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية، على مستوى العالم.

وبشكل عام، فقد أحدث المؤتمر حراكاً مناخياً عالمياً في العديد من الموضوعات، منها التمويل المناخي، بجانب وضع ملف الغذاء على رأس أولويات المؤتمر من خلال «إعلان «COP28» الإمارات بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة والعمل المناخي» الذي وقع عليه 159 دولة.

وعلى صعيدي الشخصي، ترك المؤتمر بصمة مهمة في مسيرتي المهنية، بالعمل مع فريقي والعديد من الفرق المكلفة بمهام الاتصال خلال المؤتمر، واستطعنا كفريق واحد، في النهاية، تقديم نموذج مشرّف لدولتنا أمام العالم. وسيبقى المؤتمر بنتائجه غير المسبوقة، مصدر فخر لي، ولكل زملائي، ولكل شعب الإمارات.

هاجر الكتبي:

كيف تستشرفين طموحك؟ وما الرسالة التي توجهينها للجيل الحالي الذي يحمل لواء النهضة؟

الطموح هو هدف لا نهاية له، وطالما نعمل، ونتعلمن ونكتسب الخبرات، فلن تكون هناك نهاية للطموح. وطموح كل إماراتي مستمد من طموح قيادتنا الرشيدة التي تعمل على أن تكون الإمارات أفضل دولة في العالم.

وبالنظر إلى ما كانت عليه الإمارات قبل أكثر من 50 عاماً، وما حققته خلال تلك الفترة، سنجد بما لا يدع مجالاً للشك، أن الإمارات قد صنعت معجزات على كل المستويات الاقتصادية، والتنموية، والاجتماعية.

وأرى أن أهم مشروع نجحت فيه الدولة هو تمكين الإنسان الذي يمثل أغلى ثرواتها، لذلك خرجت دولتنا من قلب الصحراء، ووصلت إلى الفضاء، بفضل رؤية وعزيمة لا تعرف المستحيل.

ونحن أبناء وبنات الدولة لابد أن نكون على قدر هذا الطموح، في ظل ما توفره لنا الحكومة من دعم، وفرص كبيرة ينبغي علينا استغلالها من أجل مستقبل أفضل لنا جميعاً. فالجيل الحالي عليه مسؤولية كبيرة، في الانطلاق من حيث انتهى الآخرون الذين سلّموه الراية. فهذه الراية مسؤولية كبيرة، ولابد أن يأخذها الجيل الحالي على محمل الجد، آخذاً في الاعتبار ما يمرّ به العالم من تحدّيات ومتغيّرات.

وأنا واثقة بأن جيلي الحالي، والأجيال القادمة، سيكونون على قدر تلك المسؤولية، مدفوعين بحبهم لوطنهم، وقيادتهم، وأهل بلادهم الذين ينتظرون منهم المزيد، لأن رحلة التطور والازدهار لا تنتهي طالما هم قادرون على العمل والإنتاج.


 

* تصوير: السيد رمضان