«المسرح مرآة الواقع»... هكذا وصف الشباب المشاركون في مهرجان مسرح الشباب، تجربتهم على خشبة مسرح مهرجان مسرح الشباب، حيث يرسمون صورة واضحة للمجتمع الذي ينتمون إليه، وهمومه، وطموحاته. فهم لا يكتفون بتقديم عروض ترفيهية، بل يسعون إلى طرح أسئلة جوهرية، وإثارة النقاش حول القضايا الملحّة التي تواجه المجتمع.
فقد انطلقت شرارة الإبداع مجدداً في سماء دبي، مع انطلاق النسخة الخامسة عشرة من «مهرجان دبي لمسرح الشباب»، الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي، «دبي للثقافة»، ويستقبله الفنانون الشباب لصهر مواهبهم، وتشكيل مستقبل الحركة المسرحية في الإمارات. ففي كل عرض نرى قصصاً جديدة تتجسد، وأصواتاً شابة ترفع ستائر الصمت، لتؤكد أن المسرح في دبي ليس مجرّد فن، بل هو نبض الحياة، وانعكاس لمشاعر جيل بأكمله.
وتشهد نسخة المهرجان الحالية التي تستمر حتى 28 الجاري، في ندوة الثقافة والعلوم، في الممزر، بدبي، مشاركة 7 عروض مستلهمة من الواقع، تقدمها مختلف الجمعيات والفرق المسرحية المحلية، تتنافس جميعها على جوائز «دبي لمسرح الشباب»، الذي رفعت ستائره على وقع أحداث عرض «يرجى عدم الاتصال»، من تأليف محمد صالح السيدي، وإخراج عبد الله الحمادي، وأداء فرقة مسرح العين، حيث حاورت «كل الأسرة»، أبطال العرض، وتحدثوا عن تجربتهم المسرحية التي تحمل العديد من الرسائل المجتمعية، وتلهم عشاق المسرح لخوض تجربة التمثيل، واستغلال الفرصة التي يقدمها المهرجان للمواهب المسرحية الشابّة.
رسائل هادفة
يقول الممثل الشاب عبدالله إبراهيم: كل كلمة تقال على خشبة المسرح هي رسالة تحمل في طيّاتها معنى عميقاً. فالمسرح ليس مجرّد تسلية، بل هو أداة قوية للتأثير في المجتمع، ووسيلة لنقل رسائل هادفة، وتسليط الضوء على القضايا التي تهمهم، وفي هذا العرض أجسّد دور شاب غرق في الديون، بسبب رغبته في الحصول على المال من دون تعب، عبر عروض الاستثمار، وغيرها من الأمور التي سببت له مشاكل مادية عدّة.
قوة للتغيير
أما الممثل إبراهيم محمد، فيرى أن المسرح ليس مجرّد فن، بل هو قوة للتغيير، على مستوى الساحة الفنية، عبر إطلاق سراح أفكارهم الإبداعية، وطاقاتهم الحيوية، للانطلاق على خشبة المسرح، وكذلك التغيير المجتمعي..
ويقول: المسرح أداة لتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع، من خلال إثارة الوعي بالقضايا الاجتماعية، وتعزيز قيم مجتمعية عدّة، وبالنسبة لي أريد أن أبرز موهبتي التي أرى أنها تكمن في التلقائية، والعفوية، والثقة بالذات التي اكتسبتها من «مهرجان دبي لمسرح الشباب»، الذي يتيح لنا مساحة كبيرة للإبداع. فالمسرح ليس مجرّد خشبة وأضواء، بل هو منبر يتيح لنا الفرصة للتعبير عن أنفسنا، ومشاركة تجاربنا، وطرح رؤيتنا المستقبلية.
مهارات خاصة
أما الممثل أحمد علي محمد، فقد لفت إلى دور المهارات الرياضية التي يتمتع بها في تعزيز موهبته الفنية على خشبة المسرح، وبيّن «المسرح يحتاج إلى مهارات عدّة، إلى جانب موهبة التمثيل، فبالنسبة لي، كشاب رياضي، ساعدني الأمر على التحرك بخفة خلال العرض، مع التحكم في نفسي أثناء الحركة، فتجربة التمثيل المسرحي مدرسة كبيرة لتعلّم كل المهارات والفنون».
نصوص واقعية
من جهته، تحدث الممثل سيف سلطان عن دور المسرح المدرسي في تأهيله للوصول إلى «مهرجان دبي لمسرح الشباب»، ويقول: ثقة الفنان بخشبة المسرح، وقدرتها على عكس موهبته الفنية، ستقوده بالفعل، إلى الشهرة والاستمرارية، فهذه الثقة التي أتحدث عنها لابد أن تكون متبادلة، فكلما أعطينا على خشبة المسرح، كلما أعطتنا، وعززت مهاراتنا المسرحية.
وبالنسبة لي فقد خضت العديد من التجارب والمراحل مع المسرح الإماراتي، وأرى أنه اليوم يشهد العديد من التطورات في مختلف المجالات، خصوصاً في النصوص التي أصبحت أكثر واقعية، وتمسّ قضايا مجتمعنا بشكل كبير، وملحوظ.
وعلى مدار أيام المهرجان سيكون عشاق المسرح على موعد مع برنامج حافل بالعروض والنقاشات، وهي: مسرحية «صرخة أمل» من تقديم مسرح جمعية أبوظبي للفنون، ومسرحية «عزلة» من تقديم فرقة جمعية دبا للثقافة والفنون، وسيتابع الجمهور في رابع أيام المهرجان مشاهد عرض «هل أراك»، ويقدمه على الخشبة أعضاء فرقة مسرح خورفكان للفنون، ليكون اليوم الخامس من نصيب فرقة ربع قرن للمسرح وفنون العرض التي ستعرض «علّة بلا دواء»، وستقدم فرقة مسرح دبي الوطني عرض «جيران القمر»، فيما سيكون عرض «سيناريست» لفرقة مسرح دبي الأهلي، مسك ختام المهرجان الذي سيسدل ستائره بحفل إعلان الفائزين بجوائزه.
* تصوير: السيد رمضان