المستشفى الذي خطف منه الطفل
على مدى الأيام الماضية، نامت فرنسا واستيقظت على أخبار سانتياجو. إن حكايته تتصدّر عناوين الصحف، وهي الخبر الأول في النشرات. وكانت الشرطة الفرنسية قد أصدرت بياناً تطلب فيه القبض على رجل وامرأة بتهمة اختطاف طفل، والطفل يدعى سانتياجو.
للوهلة الأولى، يتصوّر المرء أن الرجل والمرأة هما مجرمان خطفا طفلاً من حضانة الولادة في مستشفى روبير بالانجيه، الواقع شمال باريس. وسبب الاهتمام الإعلامي البالغ بالقضية هو أن الطفل خديج ، أي ولد قبل اكتمال نموّه، لذلك تم وضعه في الحاضنة الزجاجية المجهزة طبياً، لحين استقرار وضعه. إن الطفل لم يكمل من العمر 17 يوماً، ولهذا، فإن هناك خطورة على حياته، في حال بقي خارج الرعاية الطبية. قال المتخصصون إنه سيموت حتماً، في حال لم يتم القبض على مختطفَيه، واستعادته منهما.
ثم تتوالى الأخبار، ونفهم أن المختطفَين ليسا غريبين عن الطفل.. هما أبوه البالغ من العمر 23 عاماً، ووالدته البالغة 25 عاماً.
تعاونت كل السلطات الأمنية في فرنسا، وما يجاورها، في سبيل القبض عليهما. وبحسب الملاحقات فإنهما نقلا الطفل في سيارتهما، وعبرا الحدود إلى بلجيكا، ومنها إلى هولندا. وهناك في العاصمة أمستردام، تم احتجازهما بينما كانا ينزلان في فندق صغير، وتم إيداعهما التوقيف.
حسب التقارير الطبية، فإن الرضيع بخير، وليس في حالة خطر، وقد ازداد وزناً. وهناك إجراءات مستمرة لاستعادته إلى فرنسا. كما أن هناك طلباً لاسترداد الوالدَين الخاطفَين لمحاكمتهما فيها. فلماذا يخطف والدان ابنهما، ولماذا يحاكَمان؟
هل لأنهما من جماعات الغجر التي تتنقل بين بلاد وبلاد؟ وهل وصلت إليهما معلومات عن عزم السلطات أخذ الطفل منهما، لعدم قدرتهما على تأمين معيشة مستقرة له؟ أسئلة كثيرة ما زالت مبهمة، خصوصاً أن محامياً تطوّع للدفاع عن الأم المتهمة بالخطف، قال إن التهمة باطلة، لأن أيّ قرار لم يصدر بسحب الطفل منها.
أروي لكم كل هذا لأصِل إلى أن قضية سانتياجو شغلت الرأي العام الفرنسي على مدى أسبوع، في حين أن هناك عشرات الأطفال يموتون في فلسطين، ولبنان، من دون أن يعرف المواطنون هنا أسماءهم، ولا صورهم. إن من الجميل الاهتمام بطفل خديج كان معرّضاً للموت. لكن لدينا في تلك البلاد الحزينة ألف سانتياجو وسانتياجو يستحق الالتفات، والدفاع، والانتشال من تحت الركام، وبراثن النسيان.