21 سبتمبر 2022

د. هدى محيو تكتب: هل تنقص السعادة مع العمر أم تزيد؟

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: هل تنقص السعادة مع العمر أم تزيد؟

ثمة اعتقاد شائع بأن سعادة المرء تنقص حين يتقدم في السن ويصير أشد عزلة واكتئاباً. بيد أن الوقائع تفيد بأن منسوب السعادة يرتفع بعد سن الستين وليس العكس.

من المؤكد أن السعادة ليست خطاً مستقيماً، ونحن نشهد في حياتنا مراحل أقل أو أكثر سعادة، أو ربما أقل أو اكثر ارتياحاً.

ويسعى الكثيرون منا جاهدين إلى بلوغ ذاك الشعور بالراحة الداخلية حتى في أشد الأوقات. كما أن نظرة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي ومن يُعتبرون «قادة الرأي» فيها تفيدنا على الدوام بقصص ترفع المعنويات وبتجارب ترفع منسوب الأمل ببلوغ السعادة المنشودة.

بيد أن سعادة كل واحد منا تعتمد على عوامل متعددة، إلى جانب ظروف الحياة وما نجتاز فيها من أحداث مفرحة أو مؤلمة، ثمة عامل هو الزمن يؤدي دوراً أساسياً.

وكثيراً ما تتم مقارنة مسار الحياة بسلَّم تمثل درجاته مختلف مراحل العمر، كالطفولة والمدرسة ثم الإعداد العملي والحياة المهنية والزواج والأسرة... أما الفكرة الأكثر رواجاً فهي أن إمكانات نشاط الإنسان وسعادته تزداد حتى منتصف حياته ليبدأ بعدها هبوطه البطيء نحو... التعاسة، مع كل ما يعتري حياته من أزمات وأمراض تتزايد مع السن في حين أن سعادته تتناقص.

بيد أن صورة الحياة على شكل سلّم صاعد ثم هابط لا تتفق مع الواقع، بحسب دراسة شاملة ضمت 145 بلداً كشفت أن السعادة على شكل سلّم.. نعم.. ولكن بالمقلوب أي أنه يهبط ثم يصعد، وليس كما هو شائع، يصعد ثم يهبط.

وهذا يعني أن الشعور بالسعادة أكثر ما يسيطر على الناس هو في الطفولة، ثم يأخذ مستوى الرضى بالتناقص في سن الثلاثين، ويعود ليرتفع مجدداً في سن الستين، وهي ليست السن الأشد سعادة لكن مستوى الرضى فيها يبلغ معدلات عالية.

والسبب هو أن الطفولة والمراهقة والشباب عمر التفتح والأمل والاندفاع والفرح، يليها سن النشاط المهني والتحديات ومسؤوليات الأسرة والهموم التي تجعل من السعادة لحظات هاربة.

لكن بعد سن الستين، وعند تضاؤل تلك المسؤوليات والتحديات يصير المرء قادراً على التمتع باللحظة المتاحة أمامه وبالأفراح التي تقدمها له.

فهل لم يعد أمامنا سوى الجلوس وانتظار سعادة الشيخوخة؟

الأمر ليس بهذه البساطة، لأن السعادة في أي سن كانت تعتمد كذلك على أعمالنا. فالحفاظ على علاقات الصداقة الودودة والمحبة وممارسة التمارين الرياضية بانتظام والقيام بنشاطات ممتعة والنوم بما فيه الكفاية وتناول الغذاء السليم والمناسب، كل هذا يسهم كذلك في فتح أبواب الراحة والسعادة في وجهنا.

 

مقالات ذات صلة