14 مايو 2023

فندق شيبرد.. شاهد على تاريخ القاهرة القديم والحديث

صحافية ومترجمة مصرية

صحافية ومترجمة مصرية

فندق شيبرد.. شاهد على تاريخ القاهرة القديم والحديث

قال عنه سفير بلجيكا لدى ألمانيا حين أقام به في نهاية القرن التاسع عشر «أشك كثيراً إذا ما كان يوجد في إحدى العواصم الأوروبية فندق تتوافر به وسائل للراحة والتسلية، كتلك التي وجدتها في فندق شيبرد».

فلم يكن فندق شيبرد التاريخي، الذي كان كائناً في شارع إبراهيم باشا سابقاً (شارع الجمهورية حالياً)، هو أفخم فندق يتم بناؤه في الشرق الأوسط، بل كان أهم وأعظم فندق في العالم لما يزيد على المئة عام، منذ تأسيسه عام 1841 وحتى احتراقه عام 1952 في حريق القاهرة الشهير.

لهذا اكتشفوا مع «كل الأسرة» تاريخ واحد من أعرق فنادق الشرق، والذي كان شاهداً على كم هائل من الأحداث التاريخية التي عصفت بالقاهرة منذ إنشائه وحتى احتراقه:

فندق شيبرد.. شاهد على تاريخ القاهرة القديم والحديث

أسسه الإنجليزي صموئيل شبرد عام 1841

يعود تأسيس فندق شيبرد لأكثر من 180 عاماً مضت، حين قام ثري إنجليزي يدعى صموئيل شيبرد بشراء قصر الأمير محمد الألفي – الذي كان زعيماً للمماليك في عهد محمد علي – وقرر تأسيس فندق أطلق عليه «Hotel des Anglais» أو «الفندق الإنجليزي»، ثم بعد فترة قرر تغيير الاسم إلى «شيبرد» نسبة إلى اسم عائلته عام 1845.

الفندق إلى اليسار
الفندق إلى اليسار

تاريخ القصر قبل صموئيل شيبرد

يمتد تاريخ القصر إلى عصر المماليك قبل قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر، حيث كان الأمير محمد الألفي، زعيم المماليك، هو صاحب القصر الأصلي. وعند قدوم الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابارت، قام الفرنسيون بالاستيلاء على القصر عام 1798 وحولوه إلى مركز لقيادة الجيش الفرنسي. وجدير بالذكر أن «كليبر» قتل على يد سليمان الحلبي في حديقة هذا القصر. ثم بعد جلاء الفرنسيين، تحول القصر إلى مدرسة الألسن لفترة في عهد محمد علي باشا، ومن ثم أغلقت المدرسة ليشتري الأرض والقصر بعد ذلك رجل الأعمال الإنجليزي صموئيل شيبرد.

فندق شيبرد.. شاهد على تاريخ القاهرة القديم والحديث

احتراق الفندق للمرة الأولى

جدير بالذكر أن الفندق احترق للمرة الأولى في عام 1868 حين اندلع حريق هائل أتى على الفندق بأكمله، إلا أنه تمت إعادة بناؤه ليصبح «شيبرد» أشهر فنادق مصر والشرق الأوسط، وأكثرها فخامة ورقياً في الفترة التي امتدت منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، حيث كان الإنجليز وطبقة النبلاء والأثرياء تحب الذهاب إلى شيبرد للجلوس في شرفته الشهيرة واحتساء القهوة أو شاي الظهيرة فيما يقرأون الصحف على أنغام موسيقى الفرقة الأجنبية التي كانت تعزف هناك بشكل يومي.

فندق شيبرد.. شاهد على تاريخ القاهرة القديم والحديث

أهم الشخصيات التي نزلت بفندق شيبرد

كان أهم من ارتاد فندق شيبرد، الإمبراطورة «أوجيني» إمبراطورة فرنسا، حينما قدمت إلى مصر بدعوة من الخديوي إسماعيل لحضور حفل افتتاح قناة السويس. وقد أقام الخديوي حفلاً أسطورياً على شرفها في فندق شيبرد، مما زاد شهرة الفندق العالمية والإقبال السياحي الكبير عليه. أقام في الفندق أيضاً الملك «فيصل» ملك العراق، و«أغاخان»، وممثل السينما الصامتة الشهير «تشارلي تشابلن»، ورئيس وزراء بريطانيا «وينستون تشرشل»، والرئيس الأمريكي «تيودور روزفيلت» وغيرهم الكثير.

الفندق من الداخل
الفندق من الداخل

حريق القاهرة وتدمير الفندق للمرة الثانية والأخيرة

في 26 يناير 1952، تم تدمير الفندق بالكامل خلال حريق القاهرة الشهير بسبب أعمال الشغب المناهضة لبريطانيا والتي أشعلت فتيل الثورة المصرية التي أطاحت بالملك فاروق الأول في يوليو من عام 1952. ومن ثم تم بناء فندق شيبرد الحالي في حي جاردن سيتي من قبل شركة الفنادق المصرية المحدودة والمملوكة للشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق عام 1957، على مقربة من مكان الفندق القديم، والذي أصبحت تحتل مكانه الآن في شارع الجمهورية إحدى محطات البنزين.

فندق شيبرد.. شاهد على تاريخ القاهرة القديم والحديث

وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد أي علاقة بين الفندق السابق وبين فندق شيبرد الحالي الذي تم بناؤه في شارع كورنيش النيل بجاردن سيتي، والذي أعلنت مجموعة «ماندرين أورينتال» مؤخراً اعتزامها تجديده وتطويره بالكامل ليكون أول فندق تديره هذه المجموعة الفندقية العالمية في مصر. ومن المتوقع افتتاح الفندق خلال 2024 بعد استكمال أعمال التجديد.

 

مقالات ذات صلة